الكارثة فوق الاحتمال، والخطر يحيط بنا من كل الجوانب، وأسوأ ما يمكن ان نفعله الان هو ان يتصرف الكثيرون بمنطق ان السفينة تغرق وان عليهم النجاة بأنفسهم، غير مدركين ان السفينة لو غرقت- لا قدر الله- فلن ينجو أحد، وان الكارثة لو اكتملت فسنكون جميعا من ضحاياها! الكارثة فوق الاحتمال، والألم يعتصر قلوبنا جميعا، والقصاص للشهداء من زهرة شبابنا ليس فقط تحقيقا للعدل، وانما ايضا انقاذ للوطن الذي يراد له ان يدخل في دائرة الفوضي، وانقاذ لاعظم الثورات التي يراد لها ان تتحول الي حرب أهلية! الكارثة فوق الاحتمال، ولكنها تترك لنا- وللوطن- بابا مفتوحا للنجاة وطريقا- لو اخلصت النوايا- فسوف يؤدي بنا الي كشف الحقيقة ومعرفة ابعاد المؤامرة وانقاذ الوطن مما يدبر له. امامنا الان وطن بأكمله يطلب الحقيقة ويتمسك بالقصاص. وامامنا برلمان معه السلطة ليصل للحقيقة ويعلنها والا فقد الثقة والاعتبار، وامامنا مجلس عسكري وحكومة يعرفان ان البيانات لن تجدي شيئا وان الكشف عن كل الحقائق هو المطلوب. ثم.. امامنا شعب بورسعيد الذي يرفض ان يتحمل عار هذه الجريمة البشعة، والذي يعرف ان الكشف عن الجناة وفضح ابعاد المؤامرة هو وحده الذي يبعد سيف الاتهام عن مدينة كانت ذات يوم هي زهرة مدائن مصر حين افتدت الوطن بآلاف الشهداء وتحملت اعظم التضحيات. اعرف ان الامور تغيرت بعد ذلك بسبب الطريقة الخاطئة التي انشئت بها المدينة الحرة والتي اديرت بها، والتي كان من نتيجتها اغتيال هذا الحلم بان تتحول بورسعيد الي اهم مدينة حرة في العالم، والي اكبر مصدر للدخل القومي لمصر، فاذا بها مشروع صغير تذهب خيراته الي قلة من المنتفعين الذين مازالوا مرتبطين بالنظام السابق، ويتحمل آثاره بقية شعب بورسعيد، ويفتح المجال لغزو المدينة من عصابات البلطجة والتهريب والخطف والترويع الذي عانت منه المدينة الاهوال. الآن.. تأتي الجريمة البشعة التي لابد من كشف ابعادها، ومن ارتكبها، ومن تآمر وحرض عليها وشارك فيها. وامامنا فرصة ان شعب بورسعيد لا يريد ان يلتصق به هذا العار، وانه يريد- قبل الجميع- ان تتكشف الحقائق. وامامنا فرصة ان بورسعيد كتاب مفتوح لابنائها وانهم يستطيعون ان يشيروا بالاسم علي كل المشبوهين والبلطجية والمتآمرين علي الثورة، والمخططين لما حدث والمنفذين له. اثق في ان اهلنا في بورسعيد سيفتحون امامنا الباب لمواجهة كل القوي المعادية للثورة والمتآمرة علي الوطن. ان الذين اختاروا بورسعيد لتنفيذ جريمتهم مستغلين حالة الجنون بالكرة هناك، لا يعرفون انهم ذهبوا الي مدينة تعرف قيمة الشهداء وتفهم معني القصاص، ولا تتسامح مع الخونة والعملاء. الكارثة فوق الاحتمال، ولكننا نستطيع ان نبدأ منها طريق النجاة.