أعتقد أن المشهد التاريخي الذي رأيناه أمس في الجلسة الافتتاحية لمجلس الشعب كان لاستلام أول شهادة ميلاد للديمقراطية بمولد أول برلمان حر في أول عيد لثورة 25 يناير، وكان قسم الولاء طعنة في قلب النظام الذي سقط علي أيدي الثوار.. يكفي أن أصيب فلول النظام بخيبة أمل وصفعة بعد تحديهم للرأي العام ونزولهم في أشرف انتخابات تشهدها البلاد.. - أنا شخصيا لا أعرف هل كانت بجاحة منهم أو وقاحة أن تقرر هذه الفلول الترشيح، مع أنهم يعرفون أن طعم هذه الانتخابات يختلف عن طعم الانتخابات التي خاضوها طوال حكم مبارك.. علي الأقل ان هذه الانتخابات جاءت بإرادة شعب.. بخلاف انتخاباتهم التي كانت تأتي بإرادة الحاكم.. ويبدو أنهم تناسوا وظنوا أن الشعب سوف يغفر لهم خطيئتهم يوم كانوا يقومون بتقفيل اللجان الانتخابية بالبلطجية ويقومون بتسويد بطاقات الرأي داخل اللجان.. المصيبة أنهم يعيشون مع شعب يعي كيف كانت لعبة الانتخابات ولذلك كانت الأغلبية تدير ظهرها لصناديق الانتخابات لأنهم يعلمون أن " حواشي " النظام سينوبون عنهم في إبداء الرأي.. والمصيبة التي لم يتوقعها الفلول أنهم دخلوا الانتخابات بعد أن حصلوا علي حكم يؤيد حقهم الدستوري في الترشيح فأصيبوا بالغرور وتوهموا أنهم سوف يحصلون علي نسبة من مقاعد الشعب.. فتأتي هزيمتهم ضربة لأحلامهم.. ويتكرر السيناريو لكن بصورة أخري بعد نزول الاخوان والسلفيين.. .. سبحان الله أن تكتظ قاعة مجلس الشعب بالاسلاميين.. إخوان مسلمين.. وسلفيين.. وليبراليين وكتل وأحزاب يسارية ويمينية.. هذا الفصيل وهذا الجمع لم تشهده قاعة مجلس الشعب من قبل.. كلهم جاءوا بإرادة شعبية في انتخابات حقيقية كشفت عن كراهية الشعب للنظام السابق ولفلوله.. .. أذكر منذ بدء الترشيح للانتخابات خرجت بعض الأصوات تنادي بتطبيق قانون العزل السياسي فقد كانت بعض الأحزاب تخشي أن يتأثر الناخبون بفلول النظام ويكون لهم نصيب في مقاعد مجلس الشعب.. ويومها كتبت وطالبت بأن تطبيق قانون العزل السياسي في هذا التوقيت ليس في صالح الاخوان المسلمين، لأنني كنت أود أن نري معركة حقيقية تنتصر فيها الارادة الشعبية ويتلقي فلول النظام ضربة قاضية تؤكد كراهية الشعب لهم.. -هنيئا للفأئزين بعضوية مجلس الشعب في أول برلمان انتخابي حر في عصر الثورة.. وهنيئا لرئيس مجلس الشعب الجديد الدكتور سعد الكتاتني والذي كان يقود المعارضة في برلمان 2005 وكان يلقي اضطهادا من " مزيكاتية النظام" ومع ذلك لم يستسلم ولم يضعف فقد كان وزملاؤه الثمانون كتلة صلبة في وجه الحزب الحاكم دفعوا ثمنها في انتخابات 2010.. يوم أن وقف أمين التنظيم في الحزب الحاكم أحمد عز وهو يراهن أن هذه الانتخابات لن يدخلها الاخوان.. أو كما زعم علي جثتي أن يفوز إخواني واحد بمقعد في البرلمان.. لا أنسي أيضا يوم أن كانت أجهزة الأمن تلقي القبض علي المئات من جماعة الاخوان وتضعهم في السجون والمعتقلات قبل بدء الانتخابات حتي تحرمهم من التصويت.. وسبحان الله يمهل ولا يهمل.. تدور السواقي ولا يصح إلا الصحيح.. تنقلب الموازين.. ويتسول أعضاء الحزب الحاكم الآن أصوات الناخبين ولم يجدوا صوتا يؤازرهم.. وتلفظهم الدوائر.. ونري جماعة الاخوان المسلمين في حزب الحرية والعدالة هو الحزب الأقوي الذي ولد مع الثورة ليكون هو حزب الأغلبية في البرلمان عن حق بلا وصاية أو هيمنة حزبية.. وقد كان رجاله ينتشرون داخل قبة البرلمان وعلي شفاههم يرددون " الله اكبر " يحملون داخل صدورهم النوايا الطيبة لوطن اشتاق إلي النوايا المخلصة.. اشتاق إلي قلوب طاهرة.. ونفوس عامرة .. السؤال الآن.. هل شرعية البرلمان تلغي شرعية الثورة علي أساس أن البرلمان هو لسان حال هذا الشعب.. وقد جاء بإرادة الشعب.. وهل بعد المشهد الذي رأيناه بالأمس سوف تنتهي التظاهرات والاعتصامات ونتجه الي بناء بلدنا.. -أنا عن نفسي أقول.. هناك فرق بين شرعية المجلس.. وبين شرعية الثورة.. لأن المجلس دوره أن يحقق مطالب الثورة، وكون أن الثورة تبقي وتستمر كرقابة شعبية، فهذا هو المطلوب.. لأنّنا نريد من يراقب عمل مجلس الشعب بعد أن شهدنا المجالس السابقة بلا رقابة شعبية، فصالت وجالت في بؤر الفساد، وكيف لهفت ميزانية علاج الغلابة ورأينا أعضاء في مجلس الشعب يجرون عمليات تخسيس وعمليات تجميل وعمليات زرع شعر من أموال الغلابة.. وكيف كانوا يتاجرون في الاجهزة التعويضية لذوي الاحتياجات الخاصة.. ناهيك عن السرقات، كيف استغلوا النفوذ وكيف كانوا يقومون بتفعيل القوانين لاحتكار السلع الغذائية والمواد الأساسية لحسابهم.. صحيح أن شيئا من هذا لن يحدث مع برلمان يضم عناصر من الشعب وبإرادة الشعب.. بعد أن تخلصنا من نواب الكيف ونواب القمار.. يكفي أن نوابنا الذين رأيناهم بالامس هم النواة الطيبة والاختيار الاصلح.. ومع ذلك فالرقابة مطلوبة لتصحيح المسار..