ليس صحيحا وغير مطروح ولم يكن علي برامج أحد من الاحزاب الدينية انشاء هيئة باسم »الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر«. ورغم كل التأكيدات بخطأ ما ذهب اليه بعض »المتفذلكين« علي الانترنت ودعوتهم لانشاء هيئة من هذا النوع ورغم انها اجتهادات يوجد المئات بل الآلاف من الاجتهادات مثلها تقذف بها الشبكة الدولية كل يوم الا أن أحدا لا يريد ان يصدق عدم صحة هذه الادعاءات، بل إنني أكاد أقول ان بعض اصحاب الاقلام والابواق الإعلامية »ما صدقوا« وجود هذه الترهات علي الانترنت حتي وجدوها فرصة ذهبية لشن مزيد من الهجوم علي الاحزاب الدينية وشحن الناس ضدها والتهكم علي أفكارها! وبدورها راحت الصحف بحسن نية تنشر تحقيقات مطولة تحمل رؤية رجال الدين لهذهالفكرة وانتقادهم لها والتأكيد علي أنه لا يمكن بأي حال السماح بإقامة مثلها من باب طمأنة الناس بأن هذه الافكار لا محل لها في المجتمع المصري. وزاد الامر شيوعاً بأن انبري وزير الأوقاف ليؤكد أنه لا وجود ولا نية لقيام مثل هذه الهيئة في المجتمع المصري، وتطورالأمر الي شيخ الازهر الذي أكد تبرؤه مما يشاع عن إقامة هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ورغم كل ذلك مازال المتنطعون واصحاب الهوس يقولون ان الهيئة المزعومة وصلت ويبشرون الناس بأن رجلا لا يستطيع ان يمشي مع امرأة من غير محارمه في الشارع. وأن الجماعة سوف تقتحم الافراح والحفلات وتضرب كل المدعوين بالعصي إذا كان في هذه الحفلات موسيقي أو غناء حرام، وأن اي فتاة أو امرأة سافرة وغير محجبة ستلقي جزاء رادعاً في الشارع علي أيدي الجماعة وأن كل من يمتهن الفن سيضطر ان يعتزل ويبقي في بيته لأن الجماعة لا ترحب بالفن أو الفنانين في كل المجالات رقصا أو تمثيلا أو غناء وأن عمليات مداهمة للبيوت المشكوك فيها سوف تتوالي بل ستتدخل الجماعة لمنع السيدات من النزول بالمايوهات الي البحر او حتي حمامات السباحة وأن الاختلاط سيواجه بحسم في الكافيهات والمطاعم ووسائل المواصلات والجامعات بل الحدائق والمتنزهات!! وهكذا فإن الجماعة - إن وجدت - ستحيل حياة الناس إلي جحيم. وبالتالي من الواجب حشد الجهود لمقاومتها وإيقاف نشاطها ومناهضة القائمين عليها وغل يدهم عن أي شيء يمس الحريات الشخصية حتي لو كانت فعلا فاضحا في الطريق العام!! هكذا إذن يتم صنع الفكرة واستحضار العفريت حتي يمكن بموجبها استنهاض حالة العداء والكراهية في نفوس الناس للدخول في معركة وهمية يحاربون فيها طواحين الهواء.. وبالتالي يصبح كل ملتح في أعين الناس مهووسا وكل من يتحدث بالدين أو عن الدين مخادعا وكل متدين مصابا بالشيزوفرينيا الوجه الظاهر فيها لطيف ووديع ومليء بالسماحة والوجه الثاني شيطان مريد يريد أن يقبض علي حياة الناس ويهتك استارهم ويفشي اسرارهم!! ولا حول ولا قوة الا بالله. وأي منصف يعرف أن الكلام عن »جماعة تفتيش« باسم الدين في مصر هو تجاوز لا محل له.. أقول هذا رغم أنك إذا نظرت إلي اسم الجماعة لا تجد فيه ما يضرك بل ما يوجب احترامك.. فهل هناك أي خطأ في أن تأمر بالمعروف وهل هي جريمة ان تنهي عن المنكر؟. بالطبع لا. بل إن كل منا عليه واجب بذلك بين اهله وفي مجتمعه.. ولكن الصورة السلبية التي مارستها هذه الجماعة في الشقيقة السعودية هي التي جعلت الناس تجفل منها وتخاف من تكرارها وهم محقون دون شك لأن مرجعية النظام في كلا البلدين مختلفة وانطبع ملايين المصريين الذين عاينوا واختبروا نشاط الجماعة في المملكة بانطباعات سلبية عادوا بها إلي وطنهم وهم لا يرجون تكرار مثل هذا النموذج الذي يعاني منه المجتمع السعودي نفسه مرة ثانية في مصر.