وكأن معرض القاهرة الدولي للكتاب يأبي أن يمتثل لأوامر من أرادوا إقصائه عن أرضه التي اعتاد أن يلتقي في رحابها، كل عام، بملايين الرواد من مصر وغيرها من دول العالم. فلم تر النور دورته التي كان مزمعاً أن تعقد في مركز المؤتمرات، وكأن المصريين كلهم هبوا في الخامس والعشرين من يناير الماضي لنصرة هذا المعرض وإعادته إلي أرضه التي كادت يد السلب أن تستبيحها مثلما استباحت الكثير من ممتلكات هذا الشعب. واليوم.. يفتتح الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة، والدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، ومحمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، والدكتور محمد عبداللطيف، رئيس اتحاد الناشرين العرب، أولي دورات معرض القاهرة بعد نجاح ثورة 25 يناير، وهي الدورة التي تستقبل الشقيقة تونس وثقافتها لتكون ضيف الشرف تعبيراً عن تقدير كل المصريين لهذا الشعب الذي أطلق شرارة أولي الثورات العربية عندما أعلن محمد بوعزيزي بيانها الأول في السابع عشر من ديسمبر 2010 بإضرام النار في جسده في سيدي بوزيد. ومن حق الدكتور أحمد مجاهد أن نسجل له سبق التفكير في استضافة تونس هنا في القاهرة ونحن علي مشارف الاحتفال بالعيد الأول لثورتنا. منذ أيام استضافنا محمود الخميري، سفير تونس الجديد في مصر، ورئيس وفدها الدائم في جامعة الدول العربية، لكي يعرض علينا ملامح احتفالية بلاده في معرض القاهرة، وكان ذلك في حضور: النوري عبيد، رئيس اتحاد الناشرين التونسيين، والناشر المصري محمد رشاد، وقد أسعدني كثيراً أن تستجيب تونس لمقترحي الذي عرضته علي وزير ثقافتها السابق، الدكتور عز الدين باش شاوش، أثناء استقباله لي في القصبة في مايو الماضي في حضور الكاتب المسرحي المرموق عزالدين المدني، ومفاده أن يتعاون بلدانا في عقد احتفالية في العاصمتين بمئوية كل من محمود المسعدي ونجيب محفوظ، فهاهي تونس تجعل من احتفاليتها بالمسعدي، رمز الرواية التونسية، محوراً من محاور ضيف الشرف في معرض القاهرة جنباً إلي جنب مع ندوات حول: "الثورة التونسية والثورة المصرية بعيون متقاطعة"، و"الرواية والثورة" التي تقدمها الصديقة الكاتبة عروسية النالوتي، ويشترك فيها أيضاً مجموعة من أصدقائنا المبدعين: أمال مختار، كمال الرياحي، نور الدين العلوي، وكمال الزغباني. وفضلاً عن اللقاء المهني المشترك الذي يضم ثلة من أبرز ناشري البلدين لطرح همومهم بعد نجاح الثورتين،تحتفي المشاركة التونسية بنمط آخر من النشر فجرته ثورة الكرامة بعد أن كان ممنوعاً ممارسته في البلاد التونسية، ألا وهو نشاط النشر عبر المدونات في الساحة الإفتراضية، فنلتقي في هذا الإطار بالمدونة التونسية فاطمة الرياحي لتلقي الضوء علي خصوصية تجربتها، في نفس الوقت الذي نتعرف فيه علي ملامح الأدب الذي يدين للسجون بالفضل في إبداعه، وذلك عبر مشاركين من مصر وتونس من بينهم: سلوي بكر، فتحي بلحاج يحيي، وسمير ساسي. ومن ضيف الشرف يتعرف جمهور معرض القاهرة علي التجربة الشعرية التونسية بعد ثورة 14 جانفي "يناير" من خلال هؤلاء الفرسان: منصف الوهايبي، آدم فتحي، فوزية العلوي، غادة بنت طراد، نجم الدين الحمروني، ومحمد الصديق الرحموني، وكذا يحضر الإبداع النسائي من خلال محور آخر أطلق عليه التونسيون "الكلمة لهن"، تقدمه ألفة يوسف، وتشترك فيه الصديقات المبدعات: مسعودة بوبكر، أمال مختار، رشا التونسي، أمال القرامي، وفوزية العلوي.