عيد الثورة الأول، بأي حال عدت ياعيد، هكذا يكتبون، ويتحاورون، ويتساءلون في جنون، عيد الثورة كيف يكون، يوم الأربعاء 25 يناير 2012، يوم الثورة، ليس كمثله يوم من أيام الثورة المصرية، الذكري الأولي والذكري تنفع المؤمنين بالثورة، العاملين عليها، وابن السبيل الذي دخل التحرير لأول مرة مطالبا بحقه (عايز حقي) ومالبث فيه غير مغادر حتي يتحصل علي حقه الضائع في دولة ضياع الحقوق وإجهاض الأحلام، بلد الأحلام المؤجلة إلي حين. يضعون أيديهم علي قلوبهم حذر اليوم، ويخافون مما يشاع، ويرتعدون مما يقال، ويرتعشون مما يخطط، تغلق المحلات أبوابها خشية تخريب.. قد يحدث، ويقبع الناس في البيوت إجازة مخافة اشتباكات.. قد تقع، وتلهج المنابر بالدعاء طلباً للسلامة، اللهم اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات، وتضرع أكف في غبش الليل داعية ربها، ربنا يعديها علي خير، هكذا يدعون ربهم آناء الليل والنهار، ركعًا سجدًا وعلي جنوبهم ربنا اتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا . يوم الأربعاء تكرم الثورة علي أيدي ثوارها،أو تهان علي أيدي البلطجية والمخربين، البلطجية يريدونها نارًا وقودها الناس والحجارة، تجري بروفاتها كرا وفرا في التحرير (الآن).. يوم ذكري الخروج الكبير، يوم خروج المصريين عن طاعة الفرعون، يوم كسر القيود التي كسرت النفس وأذلت الأعناق، تعود القيود خوفا في النفوس، كل هذا القلق، ماكينة القلقة لا تهدأ، ماكينة الترويع والتفزيع تعمل بكامل طاقتها فضائيا وأرضيا، سهرات الليالي الشتوية تقزقز مخططات ومكسرات، وتسالي المساء والسهرة فيديوهات بعمليات وتمويلات وسفريات وتدريبات، كل هذا لأجل اليوم المشهود. دورة الفلك اختارت لعيد الثورة الأول يوم الأربعاء، لو خير الثوار لاختاروا يوم جمعة، مليونيات الجمع فيها صلاة جامعة تجمع الفرقاء علي كلمة سواء، مصر، مصر التي في خاطري وفي دمي، لعلها المرة الأولي التي تنتظم مليونية يوم أربعاء، لعلها قدم خير، بشارة، حكمة ربنا، وله في ذلك حكم، ومن حكمته أن يضع سره في شباب هذا البلد المؤمنين بصالح هذا البلد الأمين، شعارهم مصر أولا، وبه يتباهون، هذا شعار مستقيم، شعار الثورة، فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيل الوطن، اجنحوا للسلم كافة، وتوكلوا علي الله، سلمية سلمية، استووا ولا تختلفوا فتختلف وجوهكم، حاذوا المناكب، سدوا الفرج والخلل، ولا تدعوا فرجًا للشيطان، الذي يلف التحرير برداء وخيم. توشك أن تتداعي عليكم الجماعات كما تتداعي الأكلة إلي قصعتها، ومن بين الصفوف تخرج عليكم أحزاب، وماهي بأحزاب، ولكنها جماعات مصالح وإن تخفت، جماعات محبة للسلطة ساعية لها سعيًا، كارهة الثورة، حملت الثورة كرها علي كرها، لا يثنيها عن شبقها للسلطة ثورة ولا ثوار، (أجندتها.. وليهلك الجميع)، تقسم الغنيمة بين اليمين واليمين، تلعن وتخون المختلفين من اليساريين، بئس ما يأفكون ويتقولون علي الجماعة الوطنية التي بها كانوا يستجيرون، أيام السجن والتشريد. الثورة ليست قصعة طعام تنتظر "الأكلة"، ميدان التحرير ليس صحنا لطعام البلطجية، نعلم علم اليقين أن الأكلة ما جاءوا إلي الميدان في أول الأمر إلا بشهوة ورغبة عارمة في السلطة، يشتهون طعام السلطة، طعام الزقوم كالمهل يغلي في البطون، معلوم أنهم لو اجتمعوا علي قصعة طعام لمسحوها، وهم يقينًا يدركون ما أمامهم، ويرونه، ولا يريد أحدهم أن يسبقه الآخر بلقمة، يسبقه بخطوة إلي السلطة التي بها يحلمون.. الأكلة يستحثون الخطي ليس إلي الاحتفال لكن إلي السلطة، إلي دولة دينية لطالما بها يحلمون، ولها يخططون، وعليها عاملون. المليونيات الشبابية المتوقعة يوم 25 يناير تعوق الوصول إلي سدرة المنتهي،، أكلة آخر الزمان ينسلون من الميدان، ومن هم علي شاكلتهم من المرجفين بالوطنية، المكذبين بالدولة المدنية، يسابقون الزمن إلي برلمان يؤسس لدستور، يهرولون إلي دستور يؤسس لدولة دينية، يجاوزون الحدود إلي خلافة وأستاذية، لاتحد أطماعهم حدوداً ولا سدوداً، يتحرون موضع القصعة التي لها يتلمظون. لا يرعون لثورة، ولا يتشهدون علي شهداء، ولا يقلقهم تباطؤ محاكمات، في دولة الخلافة يفكرون، دانت لهم الأرض أو هكذا يظنون، صارت القطاف دانية، الثمار ناضجة، حان وقت القطاف، قطاف الثمار، قطاف الرءوس، التمكين في الأرض، حانت اللحظة التي كانوا ينتظرون، إنهم يتجاسرون علي الثورة والثوار، الشرعية للبرلمان، لا شرعية فوق شرعية البرلمان، ويهينون، ويتجبرون، بأيكم المجنون الذي ينهي شابا إذا صلي في الميدان، ينهون شبابهم عن نزول التحرير(يوم الأربعاء) يلفون البرلمان بشال أخضر يوم الافتتاح، فتح من الله ونصر قريب. ستكرم الثورة في هذا اليوم ولن تهان، فليرشد المولي في علاه شباب مصر إلي جادة السبيل، سترد الثورة بشعارها "مصر أولا - الثورة أولا" علي المرجفين والطامعين والنهازين، المشائين بين الصفوف بنميم، ستسمهم علي الخرطوم، ستكشف عورتهم التي من شبابهم يتخفون، مفتونون بجماعاتهم التي يتدثرون، ممسوسون بالسلطة، مضروبون بالملك العضود، متعجلون الغنيمة، يتداعون إلي قصعة، إلي سماط، الوطن ليس قصعة، والثورة ليس سماط طعام، لا يتداعون إلي فكرة، تسيطر عليهم الفكرة، لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحت أقدام آياتهم، حلمهم الذي يحلمون.