محمود المسعدي من أكبر الأدباء العرب في القرن العشرين، احتفلت تونس بمئويته منذ أسابيع وللأسف لم أستطع تلبية الدعوة التي وُجهت إليّ لظروف خاصة. وُلد في 82 يناير 1191 أي قبيل مولد نجيب محفوظ بعشرة شهور فهما من جيل واحد، حفظ القرآن الكريم مبكراً، وتخرج في السوربون عام 6391، وكان موضوع رسالته للدكتوراه عن مدرسة ابي نواس الشعرية، قرأته لأول مرة عام 4791، بالتحديد »حدث أبو هريرة قال« وقد وجدت فيه كاتباً أصيلاً يحقق المعادلة الصعبة بين القديم والحديث، وهو أحد كاتبين روائيين في الأدب العربي مضيا في طريق التأصيل الذي يشكل جوهر اهتمامي الآخر هو اميل حبيبي من فلسطين. المسعدي لم يكن روائياً فقط، إنما كان شخصية مهمة في تونس تولي رئاسة البرلمان وكان سفيراً لبلاده في اليونسكو، صدرت روايته »حدث أبو هريرة قال« عام 4791 رغم انه كتبها عام 9391، غير أن روايته »السُد« حازت شهرة أكبر، وقد بحثت عن جميع أعماله وقرأتها بعناية، في عام 4591 كتب الدكتور طه حسين مقالاً مهماً عن المسعدي في جريدة الجمهورية، اعتبر الرواية المسرحية من أهم ما قرأ في الأدب العربي، وقال إنها تعالج مشكلة الوجود، هكذا أعمال المسعدي تمسك بناصيتي الحكي والفكر، التأمل العميق، أما لغته فخاصة جداً، ما يثيره الاحتفال بالمسعدي يتعلق بالاتصال بين الدول العربية، خاصة مصر، رغم أننا في عصر ثورة الاتصالات، والانتقال عبر المسافات أُلغي بعد بدء الانترنت، إلا أن الصلات الأدبية كانت أوثق، ليس في النصف الأول من القرن العشرين فقط، ولكن في القرون الوسطي، عندما كانت المخطوطات تنقل علي ظهور الجمال. في الثلاثينيات اكتشفت مصر أبا القاسم الشابي، وفي الخمسينيات قدم طه حسين أعمال المسعدي، أما الآن فلا يعرف القراء بدقة ماذا يصدر في تونس أو الأقطار الأخري، تونس لها صلات خاصة بمصر، وهي ضيف الشرف في معرض القاهرة الذي يبدأ بعد غد، وأتمني من الدكتور أحمد مجاهد أن يعقد اتفاقاً لطبع أعمال المسعدي كاملة في الهيئة العامة للكتاب التي يدب فيها نشاط قوي مؤخراً، أيضاً تنظيم ندوة لتقديم أعماله إلي الجمهور في مصر إذا سمح الوقت، هكذا تمارس مصر دورها في تقديم كبار الأدباء العرب.