سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التحالفات البرلمانية.. المعركة القادمة للقوي السياسية »الإخوان« يبحثون عن حليف ليبرالي ويعيدون فتح قنوات الاتصال مع »الوفد«
»النور« يحافظ علي لاعبيه الأساسيين.. والقوي المدنية تستبعد الشراكة مع السلفيين
مشاورات بين »الكتلة والثورة مستمرة والعدل والوعي« لتكوين ائتلاف ثوري تحت القبة محللون: التحالفات متغيرة حسب القضايا المطروحة.. ولا مجال للصراع علي تشكيل الحكومة انتهي »ماراثون« الانتخابات.. وبدأ ماراثون جديد من نوع مختلف، هو سباق التحالفات السياسية تحت قبة البرلمان، فبالرغم من الصعوبات التي واجهتها التحالفات الانتخابية قبيل اجراء انتخابات مجلس الشعب، والتفكك الذي اصاب معظم تلك التحالفات، الا ان خريطة التحالفات تحت قبة البرلمان ستكون اكثر تعقيدا، فهي لا تعتمد علي طموحات المكاسب من المقاعد البرلمانية، وانما ستتأثر بالمرجعيات الفكرية للاحزاب والتكتلات الرئيسية الممثلة في البرلمان، وبالطموح السياسي لكل كتلة وعدد نوابها، وأيضا مصالحها. وقبل ان يخمد رماد المعركة الانتخابية، بدأت حركة نشطة داخل كواليس الاحزاب والقوي السياسية لرسم ملامح خريطة التحالفات الجديدة في البرلمان.. تحالفات قد تكون بعيدة تماما عن شكل التحالفات الانتخابية التي عهدتها الساحة السياسية مؤخرا.. بل قد تجمع داخلها متناقضات سياسية، فنجد الاسلامي بجوار الليبرالي، والرأسمالي الي جانب الاشتراكي. »الأخبار« حاولت في السطور القادمة عمل قراءة أولية في خريطة التحالفات السياسية الجديدة في البرلمان، والتي سيكون لها تأثير واضح في قضايا جوهرية غير قضية الحكم والحكومة ولعل في مقدمة تلك القضايا اختيار رئيس مجلس الشعب القادم وقيادات اللجان النوعية بالبرلمان.. والاهم الاتفاق علي آلية تشكيل الهيئة التأسيسية لوضع الدستور الجديد. وبعيدا عن الكلمات الدبلوماسية، والعبارات الفضفاضة التي لا تحمل موقفا محددا، فإن كل الاحزاب والقوي الاساسية الممثلة في البرلمان، تموج حاليا بمشاورات ومناقشات ساخنة حول شكل التحالفات القادمة، وربما اكثر الاحزاب انشغالا بهذا الشأن هو حزب الحرية والعدالة، صاحب الأغلبية في البرلمان حتي الآن، الا انها اغلبية غير مطلقة، وبالتالي فالحزب الممثل لجماعة الاخوان المسلمين بحاجة الي التحالف مع قوي مؤثرة داخل البرلمان لضمان حسم القضايا الجوهرية بأغلبية مريحة، وهناك مشاورات بحسب العديد من المصادر الإخوانية لإعادة بناء التحالف الديمقراطي بعد التصدعات التي اصابته خلال الانتخابات الاخيرة، وبما يضمن أن يكون التحالف هو القوة البرلمانية الاولي تحت القبة، إلا أن هذه الأنباء رفض د. عبدالرحمن البر عضو مكتب ارشاد جماعة الإخوان المسلمين نفيها أو تأكيدها، مكتفيا بالقول ان الجماعة حريصة علي فتح ابواب التحالف للجميع، بعيدا عن أية أفكار اقصائية، طالما ان هذا التحالف يستهدف المصلحة العامة.. وحول امكانية اعادة ضم حزبي الوفد والبناء والتنمية الجناح السياسي للجماعة الاسلامية مرة أخري علي التحالف الديمقراطي، اكتفي البر بالقول ان الباب مفتوح للجميع سواء للعودة، أو لضم احزاب جديدة. التحالف الاسلامي نفس الكلام الدبلوماسي يكرره قيادات تحالف حزب النور السلفي، والذي ضم خلال الانتخابات احزاب النور والاصالة والبناء والتنمية، ومع اصرار قيادات التحالف علي الحفاظ علي البنية الاساسية للتحالف قائمة، فإنهم لا يخفون رغبتهم في ضم اعضاء جدد أو الدخول في شراكة مع تحالفات أخري. وحسبما يقول د. يسري حماد المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي فإن التحالف يستهدف تكوين ائتلافا موسعا من أجل تنسيق المواقف قبل انعقاد جلسات البرلمان، ولتقريب وجهات النظر بين القوي الاساسية داخل المجلس لضمان سرعة الانجاز، خاصة في القضايا الخلافية التي تحتاج الي توافق مبدئي قبل اثارتها.. وبينما يؤكد د. يسري حماد علي بقاء تحالف »النور« واستعداده لمد يديه الي التعاون مع احزاب اخري بينها احزاب ذات مرجعية دينية مثل الحرية والعدالة، والبعض الآخر ليبرالي كالوفد.. يقول د. طارق الزمر عضو مجلس شوري الجماعة الاسلامية والقيادي البارز بحزب البناء والتنمية ان مجلس الشعب الجديد سيشهد تحالفات جديدة، خاصة في ظل عدم قدرة حزب تحقيق الاغلبية المطلقة، وبالتالي لا يمكن لفصيل ان يقود البرلمان منفردا، وبالتالي فالاحزاب بحاجة الي التحالف ليس فقط للعمل البرلماني، وانما ايضا لتحقيق اهداف الثورة.. وتوقع الزمر ان يتم تشكيل تحالف واسع يكون حزب الحرية والعدالة في صلبه، بالاضافة الي احزاب اخري ذات مرجعية اسلامية، وليس بمستبعد ان يتم ضم احزاب ذات طابع قومي الي هذا التحالف.. وتحفظ د. طارق الزمر علي ذكر تفاصيل المشاورات التي جرت ولا تزال جارية في هذا الشأن. تحالفات متغيرة د. وحيد عبدالمجيد رئيس لجنة التنسيق الانتخابي بالتحالف الديمقراطي والنائب البرلماني كانت لديه رؤية مغايرة، فهو لا يري ضرورة لتكوين تحالف واسع من جانب القوي البرلمانية، لأن الاعلان الدستوري لا ينص علي تشكيل الأغلبية البرلمانية للحكومة، وبالتالي فإن التحالفات ستكون متغيرة وفقا للقضايا المطروحة للنقاش، ولمصلحة كل تيار او تكتل ازاء تلك القضية، وبالتالي فان خريطة التحالفات ستتغير بشكل مستمر، بل اننا قد نشاهد خلافات داخل الفصيل الواحد حول ذات القضية. واذا كانت خريطة التحالفات القادمة في مجلس الشعب الجديد ستعتمد في جانب منها علي الايدولوجية السياسية، فإنه ليس بالضرورة ان تكون الايدولوجية هي العامل الحاسم في اعادة تشكيل تلك التحالفات، فكما تميزت احزاب ذات مرجعية اسلامية، اختلفت ايضا الاحزاب ذات الفكر الليبرالي او اليساري والاشتراكي، ورغم التوقعات بأن تستفيد تلك الاحزاب من الدرس الموجع الذي لقنته لها نتائج الانتخابات، فإن قراءة واقع تحركات تلك الاحزاب، لا يكشف بالضرورة عن اتجاه للتقارب فيما بينها، برغم توافر النية الصادقة، لكن الملاحظ ان عيون الاحزاب الليبرالية تمتد الي المعسكر الاسلامي بدرجة تفوق تطلعها الي توحيد الاحزاب القريبة منها فكريا وسياسيا، فعلي سبيل المثال يعيش حزب »الوفد« حالة من الحيرة بشأن المعسكر الذي قد يلقي بثقله خلفه في الفترة المقبلة، خاصة بعد نجاح الوفد في زيادة نصيبه من المقاعد في المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات وهو ما جعل »عميد الاحزاب الليبرالية« مطمعا لكثير من القوي وفي مقدمتها »الاخوان« لاستعادة التحالف معه، ليس فقط بدافع من الروابط التاريخية، وانما أيضا بدعم من المصالح المشتركة بين الجانبين، ويدرك الوفديون جيدا ان الاخوان بحاجة ماسة الي استعادة التحالف مع الوفد، ليس فقط لانه يمتلك نحو 24 مقعدا في المجلس، ولكن حتي يقدموا انفسهم كتيار مستنير يتحالف مع شريك ليبرالي، وهو ما يخدم تحسين صورة »الإخوان« كجماعة منفتحة سياسيا، ويصب في مصلحتها في الانتخابات المقبلة، كما يمثل التحالف بين الاخوان والوفد طوق نجاة الجماعة »الاخوان المسلمين« من قصد تحالفها علي قوي اسلامية أخري مثل حزب »النور« السلفي، وبالتالي تعزيز فكرة الفرز الديني او الطائفي، وهو ما لا ترغبه الجماعة وحزبها. الوفد والإخوان ووسط هذه المتغيرات يبدو موقف »الوفد« هو العنصر الحاسم، فالوفديون .. كما يقول عصام شيحة.. عضو الهيئة العليا لحزب الوفد.. يدركون حاجة الاخوان للتحالف معهم، لكنه يعتقد ان الوفديين سيقاومون هذا التحالف، وسيكتفون بالبقاء في مقاعد المعارضة، فالتحالف مع الاخوان يعني ان الوفد سيكون شريكا في أية قرارات يتم اتخاذها، وبالتالي تخفيف العبء عن »الإخوان« علي الرغم من انهم يسعون الي الانفراد بوضع وتنفيذ رؤيتهم وهو ما أكده ايضا محمد شردي مساعد رئيس حزب الوفد والمتحدث الرسمي باسم الحزب بان الاخوان عرضوا علي الوفد التحالف السياسي مشيرا الي ان هذه مسألة تحسمها مؤسسات الحزب. واشار شردي الي ان هناك فرقا بين الائتلاف الانتخابي والائتلاف الحكومي والدستور لا يسمح بتشكيل حكومة اغلبية. واضاف بان الوفد له ايديولوجيته الخاصة وبرامجه ومبادئه فنحن نتفق علي أي اتفاق سياسي ومن يختلف معنا سياسيا سنواجهه وسنكون جادين في الدفاع عن مصر والمسألة لن تكون قصة حب بين الوفد وأي فصيل سياسي آخر انما الحكم سيبني وفقا لمبادئ الوفد ورؤيتنا السياسية والاقتصادية، لذلك يجب عليهم ان يتحملوا المسئولية كاملة امام الشعب، وتبقي »المعارضة« بحسب شيحة هي الموقع الافضل للوفد. الكتلة تراقب وفي جناح آخر من اجنحة التيار الليبرالي تبدو »الكتلة« المصرية التي تضم احزاب المصريين الاحرار والتجمع والمصري الديمقراطي غير بعيدة من حسابات التحالفات، وان كانت »الكتلة« ذات طابع خاص، فالمعركة التي خاضتها الكتلة في مواجهة الاحزاب ذات المرجعية الاسلامية ولاسيما الاحزاب السلفية خلفت ركاما كبيرا يعترض سبيل التحالف مع تلك القوي، فبعد المواجهات السياسية والاعلامية الساخنة بين احزاب »الكتلة« وخاصة حزب »المصريين الاحرار« والتيار الديني، يبدو من الصعب بلغة المنطق تحالف تلك القوي، لكن لغة السياسة لا تعرف مستحيلا أو صعبا، فكل شيء في قاموس السياسة وارد، وهذا ما يراه أحمد خيري عضو المكتب السياسي والتنفيذي لحزب المصريين الاحرار، والذي يري انه لا توجد خلافات جوهرية بين برامج الاحزاب، حتي الاسلامي والليبرالي منها، ضاربا مثالا علي ذلك بالرؤية الاقتصادية لحزبي الحرية والعدالة والمصريين الاحرار، وبالتالي فنحن غير المستبعد ان نشهد المرحلة المقبلة، وبخاصة بعد انتهاء جولة الاعادة للمرحلة الثالثة، واعلان النتائج النهائية للقوائم، وقد تكون التحالفات البرلمانية مرتبطة بقضايا بعينها دون وجود تحالفات دائمة، خاصة ان الاعلان الدستوري لا يتضمن شيئا عن تكوين الاغلبية البرلمانية، وبالتالي لا حاجة لتحالف واسع النطاق بين القوي البرلمانية، وبقية القضايا يمكن حسمها بالتوافق. وبرغم عدم استبعاد احمد خيري للتعاون وليس التحالف بين احزاب ليبرالية وأخري اسلامية، فإن د. عماد جاد وكيل مؤسسي الحزب المصري الديمقراطي احد احزاب الكتلة المصرية استبعد تماما ان تضم أية تحالفات قادمة قوي متصادمة فكريا مع احزاب الكتلة المصرية وعلي رأس تلك القوي المتصادمة بالطبع حزب النور السلفي.. وتوقع جاد ان تشهد الايام القادمة تقاربا بين القوي المدنية. »الثورة« تحالف سياسي جناح آخر من القوي »المدنية« هو تحالف الثورة مستمرة يجد نفسه غير بعيد عن امكانية التحالف مع القوي الليبرالية، وبحسب ما يقوله عبدالغفار شكر القيادي البارز في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي فإن قيادات التحالف عقدت خلال الايام الماضية اجتماعات مكثفة للتباحث حول تحويل »الثورة مستمرة« من تحالف انتخابي الي تحالف سياسي دائم، وهناك مناقشات تجري حاليا بالفعل لتوسيع نطاق التحالف ليضم احزاب مثل العدل والوعي والمصري الديمقراطي، كما ان التحالف مع احزابا الكتلة المصرية »واردة بقوة« كما يقول شكر متوقعا ان يحسم امر التحالفات نهاية الاسبوع الجاري. ويري عبدالغفار شكر ضرورة ان يكون تحقيق اهداف الثورة المحدد الرئيسي لاية تحالفات سياسية قادمة، فالبرلمان يجب ان يدار من خلال اكبر قدر من التوافق بين القوي المكونة له، وبأوسع طيف ممكن من الاعضاء، خاصة في القضايا المتعلقة باستكمال مطالب الثورة، بعيدا عن النظرة الحزبية الضيقة. ويطلق د. عمرو الشوبكي النائب بمجلس الشعب والقيادي البارز بحزب العدل تحذيرا واضحا من مغبة الانقسام داخل مجلس الشعب الجديد، فهناك قضايا ملحة يعول المصريون علي البرلمان القادم كثيرا لحسمها، ولعل في مقدمة تلك القضايا، الدستور، واحتواء الغضب الشعب وبالتالي هذه الامور لا تحتمل خلافا أو انقساما.. قال من الطبيعي ان تختلف القوي السياسية والحزبية في التفاصيل، لكنها ينبغي ان تتوافق حول الخطوط العريضة للقضايا الكبري.