رئىس قسم العلوم السىاسىة - جامعة بورسعىد لم يعد هناك من بد الان، إلا ان يتم تسليم السلطة من المجلس العسكري إلي سلطة مدنية وفورا باعتبار ان ذلك هو مطلب ثوري من الدرجة الاولي. فالثورة حتي الان لم تحكم، بل تُحكَمْ عن طريق الاخرين وهم المجلس العسكري. والسؤال الان هو: كيف يتم نقل السلطة وفورا وقبل يوم 52 يناير القادم - اي بعد اقل من ثلاثة اسابيع من الان - حتي نحتفل بعيد الثورة الاول بشكل حقيقي، وبدلا من ثورة جديدة في ذات اليوم يعد لها اطراف عديدة تتحرك في كل الاتجاهات والشعب معهم بكل تأكيد؟؟ طرح البعض مبادرات عديدة، وجميعها عليها علامات استفهام كبري وغير قابلة للتطبيق، بل ان الذين يطرحونها يغلب عليهم جانب الشعارات والمصالح غالبا. فمثلا عندما يطرح البعض فكرة ان يصبح رئيس مجلس الشعب هو رئيس الجمهورية المؤقت فان ذلك يعتبر تداخلا بين سلطة تنفيذية وسلطة تشريعية غير مبررة، كما ان ما يطرح ان ينتخب مجلس الشعب رئيسا مؤقتا هي فكرة قد تكون جيدة في الشكل ولكن ماذا تفعل في الاغلبية وهي التي ستحسم عملية الانتخاب؟! كما ان الذين يطرحون فكرة فتح باب الترشيح وفورا ويوم 52 يناير لرئاسة الجمهورية لانتخاب الرئيس خلال ستين يوما أو قل شهر كما يري البعض، فان المأخذ علي ذلك، وكيف سيحكم هذا الرئيس القادم، وبأي اختصاصات ومدي دستورية قراراته، وماذا لو غير ذلك الدستور الجديد.. الخ؟! فطالما غاب الدستور غابت الشرعية وغابت المؤسسات، واصبحت الاسئلة والغموض اكثر من الاجابات والوضوح، وكل ما نعانيه الان هو حصاد المسلك الخطأ بتقديم الانتخابات وتأخير الدستور، وسنظل نعاني من ذلك حتي يمكن ان تستقيم الامور باذن الله في أقرب وقت ممكن. وأستطيع ان أوجز مبادرتي في نقل السلطة يوم 52 يناير القادم، فيما يلي: اولا: إلغاء انتخابات مجلس الشوري وفورا، الامر الذي سيوفر نحو نصف مليار جنيه »الصرف علي الانتخابات وتشغيل المجلس خلال ستة اشهر« بلا معني، وبلا اختصاصات، وهناك توافق كبير علي إلغاء المجلس. ولمن يريد ان يعرف فليقرأ وليسمع وليشاهد ما ينشر حول هذا الامر، ويكاد التوافق ان يصل إلي حد الاجماع بحتمية إلغاء مجلس الشوري أصلا. ثانيا: الاكتفاء بمجلس الشعب فقط في ادارة الفترة الانتقالية والحرص علي استكمال المرحلة الثالثة رغم معارضتي ومقاطعتي ترشيحا وتصويتا لهذه الانتخابات - حتي تصل إلي نهايتها قدر الامكان، وذلك اقرارا بارادة الشعب الذي شارك نصف عدد ناخبيه الرسميين فوق 81 سنة التي اتت بهذا المجلس تعبيرا عن ارادة الاغلب انها حرة وسليمة إلي حد كبير رغم كل التجاوزات والتحفظات علي سير العملية الانتخابية. ثالثا: تغيير قاعدة اتخاذ القرار في مجلس الشعب الجديد لحين انتهاء الفترة الانتقالية، من نظام الاغلبية »عددية (05+1) - أو مشروطة كالثلثين«، إلي نظام الاجماع بالتوافق، وذلك من مقتضيات الثورة ومراحلها التالية.. وهذا يعطي للقرارات القوة اللازمة والشرعية الثابتة والاجماع القومي، فضلا عن عدم تمكين الاغلبية من الانفراد بالقرار وسط مناخ حتمية التوافق، بالاضافة إلي اجبار كل الاطراف السياسية علي التنازل وعلي الالتقاء علي الرقعة الوسطي، والحل الوسط التوافقي وعدم التشدد أو التمسك بالرأي الاحادي، كما ان يساعد علي الابتكار في صياغة الرأي الوسط باستمرار بما يحقق وحدة هذا الشعب في هذه المرحلة الحاسمة. رابعا: اعادة هيكلة دور واختصاصات مجلس الشعب في المرحلة الانتقالية، وذلك بتحديد واضافة ثلاثة اختصاصات جديدة تعبر عن ضرورات الفترة الحالية وهي: 1- تشكيل مجلس رئاسي مدني بالتوافق من خمسة اعضاء وهو مطلب ثوري من البداية واعلن علي منصة التحرير. وقد تحركت جماعة شعبية لاختيار المجلس، وجمعت توقيعات موثقة وصلت إلي (052) الف توقيع توافقت علي خمس شخصيات هي: د.عبدالمنعم ابوالفتوح، د.محمد البرادعي، د.حسام عيسي، أ.حمدين صباحي، المستشارة نهي الزيني ومنسقة هذه الجماعة أ.صديقة ابوسعدة، يمكن الرجوع اليها لمعرفة التفاصيل لان هذه الجماعة ترجمت فكر الثورة ومطالبها من بداية قيامها. 2- تشكيل حكومة إنقاذ وطني، من رئيس ونواب ووزراء ممن لا يمتون بصلة لنظام مبارك مطلقا، ومن غير اعضاء مجلس الشعب ليظل المجلس مستقلا عن السلطة التنفيذية في هذه المرحلة. 3- تشكيل لجنة المائة لاعداد دستور البلاد، وان يكون اعضاؤها ايضا من خارج مجلس الشعب، وذلك بالتوافق ايضا، وان يتم اقرار الدستور بالتوافق علي ان يتم الاستغناء عليه بارادة الشعب. خامسا: يتم تحديد مدة عام كامل من تاريخ اقرار هذه اللجنة المختصة باعداد الدستور، ويطرح للاستفتاء، وبعد اقرار الشعب لهذا الاستفتاء يتم اعادة تشكيل جميع مؤسسات الدولة وسلطاتها من جديد وفقا لما تم النص عليه في الدستور. اي ان يتم البدء بانتخاب رئيس الجمهورية اولا اذا كان النظام مختلطا أو رئاسيا، وان يتم البدء بانتخاب مجلس الشعب اولا اذا كان النظام برلمانيا وهكذا في كل ما يتعلق بنصوص الدستور الذي أقره الشعب. وتعتبر هذه المبادرة الخماسية قابلة للتنفيذ الفوري وإنقاذ مصر من شرور الفترة الانتقالية. فقد تقرر ان يكون الاجتماع الاول لمجلس الشعب يوم 32 يناير 2102م لجلسة اجراءات ويستطيع ان يقرر المجلس الاخذ بهذه المبادرة في اليوم التالي 42 يناير، ليبدأ العمل الفعلي في يوم 52 يناير، حيث يستطيع مجلس الشعب ان يقرر فور إنهاء جلسته الاجرائية باختيار رئيس المجلس ونوابه ورؤساء اللجان، تشكيل المجلس الرئاسي المدني من الخمسة المطروحين وعليهم اجماع كبير، كما يستطيع المجلس ان يتوافق علي شخصية رئيس الوزراء فورا ليبدأ علي الفور تشكيل حكومة تعاون المجلس الرئاسي وبموافقة مجلس الشعب، ثم يتم تشكيل اللجنة الدستورية من مائة شخصية فورا، ولو أقر المجلس هذه القرارات الثلاثة فورا، لاستطاع ان يكتسب شرعيته السياسية المتمثلة في القبول الجماعي العام من الشعب استكمالا لشرعيته الانتخابية بقبول الاغلبية له. ويكون ايضا قد نجح في الامتحان بثبوت انه حامي حقيقي للثورة. ان فلسفة هذه المبادرة ومرجعيتها تستند إلي اقرار ارادة الشعب في انتخاب برلمان، وتصحيح اخطاء الثورة التي وقعنا فيها بحكم اصرار المجلس العسكري علي الانفراد بالسلطة وادارة الفترة الانتقالية وحده وكذلك خلق التوازن بين ارادة الاغلبية وارادة الشعب الجماعية مما يساعد علي المرور من الفترة الانتقالية بأقل خسائر ممكنة. كذلك تنطلق من اختصار الزمن بالغاء انتخابات مجلس وهمي هو مجلس الشوري الذي لا محل أو موقع أو وزن في النظام السياسي السابق والحالي ولا ادري اصرار المجلس العسكري عليه إلا من قبيل التأكيد علي استمرار نظام مبارك وهياكل حكمه دون تغيير في السياسات والاشخاص وحتي الشكل ففي الوقت الذي يشكو فيه رئيس الحكومة من انهيار الاقتصاد، يصر المجلس العسكري علي اهدار المال العام فيما لا يفيد فماذا يعني صرف نحو نصف مليار جنيه علي انتخاب مجلس وهمي بلا اختصاصات؟!! كما ان انتخابات الشوري يعني مد الفترة الانتقالية التي يريد الشعب اختصارها وان تقف عند هذا الحد بعد الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب كذلك يفترض ان المجلس العسكري يصدر اعلانا دستوريا فرعيا، ويتبني هذه المبادرة، أو ان مجلس الشعب يتبني ذلك ويصدر قراراته باعتباره الجهة الشرعية الوحيدة والمنتخبة وهي صاحبة الولاية في الامر. وأتمني ان يكون الاخوان المسلمون الذين قالوا »المشاركة لا المغالبة« في انتخابات البرلمان، اول من يتبني هذه المبادرة لاثبات حسن النوايا، وإلا فان مصداقيتهم علي المحك.