كان أكثر المتفائلين يتوقعون سقوط ما بين 20 إلي 30 قتيلا في المراحل الثلاث لمجلس الشعب التي انتهت بالأمس بينما زعم المتشائمون أن هذه الانتخابات لم تجر وأن بحوراً من الدم سوف تغرق فيها مصر وأن إصرار العسكري علي إجراء الانتخابات أمر ضد إرادة الشعب وسيؤدي بنا إلي كارثة. وأمس انتهت المرحلة الأخيرة لانتخابات مجلس الشعب ولم تغرق مصر في بحور الدماء وخرج الشعب بشكل ديمقراطي ليعبر عن رأيه في أول انتخابات يري أن صوته فيها سيكون مؤثراً ومحورياً في انتخاب من يمثله تحت قبة البرلمان بعد أن عاش سنوات طويلة يعاني من التزوير والبلطجة وفقدان الثقة في العملية الإنتخابية بالكامل. فتوقف المحللون كثيراً أمام هذه الانتخابات بغض النظر عن نتائجها سواء كنا مع أو ضد من فاز ولكنها كانت مرحلة هامة في تاريخ مصر لأنها إنتخابات تتم بعد الثورة وأن أول نتائجها ستثمر بعد مرور عام علي ثورة يناير علي مجلس شعب منتخب بشكل حقيقي وممثل عن الشعب الذي اختاره بإرادته ولم يجبر أو يرتشي لأن يشارك بصوته لصالح جهة أو شخص ما. وسوف يتوقف أيضاً المحللون عن طبيعة ابلختيارات التي أفرزتها هذه الإنتخابات والتي تصدر فيها مشهد التيار الديني بشقيه الإخواني والسلفي .. ونحن شعب متدين بطبيعته ووسطي في دينه وتعاملاته .. فاختيار التيار الديني أمر طبيعي في ظل عدم وجود منافس حقيقي لهذا التيار في الشارع السياسي وتعبير عن رغبة حقيقية لأنصار هذا التيار الذي كان يتوقعه البعض بأنه قليل ولكن حقيقة الأمر كانوا هم الغلبة والأكثرية في مراحل التصويت الثلاثة. والمهم الآن ما هو قادم .. فها نحن قد شكلنا مجلساً بإرادتنا وعلينا أن نستكمل المشوار وأن نلتفت إلي أمور قد تبعدنا من الوصول إلي الهدف الذي من أجله قامت الثورة وأحذر من أن نغرق في مجادلات ومناقشات ومطالب ستؤدي بنا إلي عدم تحقيق نتائج نرجوها بينما الطريق أمامنا واضح والسبيل إلي الوصول إليه سهلاً والطريق يسير ولكننا أصبحنا نهوي الاختلافات وكثرة المطالب التي قد تؤدي بنا إلي التفرقة بدلاً من أن نسعي إلي أن نجتمع حتي نحقق الهدف إلي اختيار رئيس جمهورية منتخب بإرادة شعبية حقيقية.