لاشك أن الخطر القادم لمصر سيأتي من الجنوب.. من التغلغل الاسرائيلي في دول حوض النيل وخاصة اثيوبيا لتنفيذ حلم مشروعها القديم في الحصول علي مياه النيل لري صحراء النقب الذي صممه المهندس الاسرائيلي اليشع كيلي عام 4791 لسحب المياه عن طريق ترعة اسفل قناة السويس وتوصيلها الي اسرائيل. وتسعي اسرائيل جاهدة لتنفيذ هذا الحلم بعد فشل مشروع بيع المياه التركية لاسرائيل ووقف توصيل مياه النيل عن طريق ترعة السلام الي اسرائيل.. والخطر الثاني هو التغلغل الايراني في افريقيا واستخدام نفس النموذج الاسرائيلي في المساعدات للدول الافريقية واستخدام السياسة الناعمة الاسرائيلية والايرانية في تصدير التوترات الي مصر من الجنوب لابتزازها والضغط عليها. لا يخفي علي أحد الدور الاسرائيلي الخطير في إحداث توتر الاجواء بين مصر ودول حوض النيل حيث تلعب اسرائيل دور اللاعب الحادي عشر لمطالبة دول المنبع واعالي النيل باعادة توزيع حصص مياه النيل التي رفضت مصر والسودان التوقيع علي اتفاقية جديدة دون وجود نص صريح يضمن لمصر والسودان حصتهما من المياه والاخطار المسبق عن اي مشروعات تقوم بها دول المنبع من سدود ومشروعات علي النيل تحد من حصة كل من مصر والسودان ويكون لمصر حق الفيتو علي هذه المشروعات التي تهدد حصتها التي تبلغ 5.55 مليار متر مكعب من المياه وأن يكون تعديل الاتفاقية بالاجماع وليس بالاغلبية واحترام الاتفاقيات الدولية. حاولت اسرائيل في اواخر السبعينيات من القرن الماضي مساعدة اثيوبيا في اقامة سد النيل الازرق مما دفع الرئيس السادات الي اتخاذ اجراءات ووضع خطة طواريء لمواجهة خطر تهديد امننا المائي القومي باللجوء الي الخيار العسكري وهدد بتدمير هذا السد. وحكمة الرئيس مبارك في حل هذه الأزمة بالاسلوب الدبلوماسي فهو في سبيل اقامة مشروعات مشتركة مع اثيوبيا ودول حوض النيل مما دفع بعض دول حوض النيل الي عدم التوقيع في عنتيبي. سيناريو التغلغل الاسرائيلي معروف ويعتمد علي ارسال خبراء وفنيين لمساعدة دول حوض النيل في مجالات الري بالتنقيط وتدوير المياه واقامة المشروعات التنموية الزراعية وتنمية المجتمعات الريفية الافريقية وابرز هذه المشروعات هو مشروع حديقة السوق الافريقية في المناطق الصحراوية القاحلة اما الدور الخفي الذي انكشف مؤخرا فهو القيام بتدريب جيوش بعض الدول كأثيوبيا وكينيا وتنزانيا كما لا يخفي الدور الاسرائيلي الخفي في تجارة السلاح ودورها في الحروب الاهلية والعرقية والنزاعات الافريقية في انجولا وليبيريا وكوت ديفوار وسيراليون واحداث توترات في بعض دول الحوض والقرن الافريقي ودعم حركات التمرد والانفصال في جنوب السودان وبرغم السلام مع اسرائيل إلا اننا لن نقف مكتوفي الايدي في مواجهة هذا الدور الاسرائيلي الخطير في منابع النيل. والسيناريو الايراني لا يقل خطورة عن السيناريو الاسرائيلي فهو شبيهه تماما في مفهوم السيطرة واحداث التوترات في الجنوب للتأثير علي مصر ومحاولة الظهور كقوة اقليمية في المنطقة. قضية المياه قضية حياة أو موت للمصريين فمصر هي هبة النيل والنيل خط احمر والحل الامثل للخروج من هذه الأزمة هو الانصات والانصياع لحكمة الرئيس مبارك.