إن من أهداف الثورة العظيمة التي انحني لها العالم احتراماً واجلالاً هو تحسين الأحوال المعيشية للمواطن المصري من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية!! من هنا بات ضرورياً تضافر الجهود وحشد الإمكانيات لتجاوز العقبات التي تعرقل المسار نحو اقتصاد قوي يهدف في النهاية إلي تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطن المصري. وإذا كان الهدف الأساسي هو وجود اقتصاد قوي فلن يتحقق ذلك إلا من خلال محورين هامين الأول هو تطوير الاقتصاد والثاني هو إنقاذ الاقتصاد والفارق كبير بين المصطلحين أما عن المحور الأول وهو تطوير الاقتصاد فيجب أن يكون من خلال الارتقاء بالقدرات البشرية والمادية للمجتمع المصري ولن يتحقق هذا الارتقاء ومن ثم الأرتفاع بإنتاجية الإنسان المصري إلا من خلال النهوض بالتعليم والبحث العلمي والتطور التكنولوجي ويؤيدنا في هذا الاتجاه عالمنا الكبير الدكتور أحمد زويل وهذا ما أكدته تصريحاته الأخيرة أثناء الكلمة التي ألقاها في الاحتفال العام بمناسبة الملتقي السنوي لجمعية عصر العلم والتي أكد خلالها أن نهضة الأمة لن تتم إلا عن طريق العلم والفكر. ومن آليات التطوير أيضا التي يجب أن تهتم بها الدولة هو وضع آليات مناسبة تضمن التعايش بين القطاع الخاص والقطاع العام في إطار اقتصاد مصري مختلط وذلك من خلال رفع معدل الاستثمار المحلي وخلق سوق مصري آمن جاذب لاستثمار أجنبي هادف وجاد وإصلاح ما تبقي من القطاع العام والنهوض بقدراته علي الاستثمار الإنتاجي بالقدر الذي يساعد في بناء وتعزيز الصناعات الاستراتيجية واقتحام المجالات التي قد يعجز القطاع الخاص عن ولوجها. أما عن المحور الثاني والخاص بإنقاذ الاقتصاد فهو الوضع الذي يوائم المرحلة التي نحن بصددها الان والتي تحتاج إلي تدخل سريع لمواجهة ارتفاع الديون الداخلية والخارجية لمصر والتي أصبحت تمثل أرقاما مخيفة قرر كثير من الاقتصاديين أنها تجاوزت الخطر الأحمر!! وهنا تثور التساؤلات في المجتمع الاقتصادي حول مدي ضرورة الاقتراض من عدمه؟ وكانت الإجابة بين مؤيد ومعارض أو بالاحري بين نعم ولا!! أما من قال نعم: فيري ضرورة الاقتراض نظراً للتراجع الكبير في احتياطي النقد الأجنبي وضعف السيولة المتاحة لدي الحكومة لتحقيق مطالب الثورة وإنعاش الاقتصاد. وعلي الرغم أن هناك من قال نعم علي النحو سالف البيان إلا أن هؤلاء اختلفوا حول الجهات التي ينبغي الاقتراض منها!! أما من قال لا: فهؤلاء يرون ضرورة الحفاظ علي المستوي الآمن للمديونية الحالية لمصر وتجنيب الأجيال المقبلة أعباء تلك المديونيات ولا مناص من وجود مساعدات مع ضرورة ترشيد الإنفاق الحكومي والعمل علي زيادة المشروعات الاستثمارية التي يقوم بها القطاع الخاص بديلاً عن الحكومة في المرحلة الراهنة سيما أن من وجهة نظر هذا الرأي الرافض للاقتراض أن من عيوب الاقتراض من الخارج ارتفاع تكلفة الديون وقد يبرز من خلال هذا الاتجاه الرافض للقروض الخارجية اتجاه أقل تشدداً وهو الاقتراض من الدول العربية بشروط ميسرة وفترة سداد طويلة كحل بديل لخفض عجز الموازنة العامة للدولة. ودعونا لا نخوض في دهاليز هذه الآراء الاقتصادية المعقدة التي تحتاج آليات خاصة يملكها المتخصصون لكن الذي يهم الشعب المصري بعد تلك الثورة العظيمة هو تغيير السياسة العامة من أجل تنمية ترتقي بمستوي معيشة الإنسان المصري وتحقيق العدالة الاجتماعية ولن يتحقق ذلك إلا من خلال اعتماد الاقتصاد المصري علي القدرات البشرية ووضع آليات يمكن من خلالها الارتقاء بهذه القدرات ومن ثم الارتفاع بإنتاجية الإنسان المصري. وفي النهاية " نعم لتحرير الاقتصاد المصري من السياسات الاقتصادية الخاطئة وما صاحبها من فساد شخصي ومؤسسي والتي قادت البلاد إلي انفجار اجتماعي نتيجة ارتفاع الفوارق بين الطبقات وأيضاً لا لعبودية القروض الخارجية التي تؤدي إلي السيطرة والهيمنة الأجنبية علي الإرادة الوطنية ".