واليوم نضيف إليها لقباً آخر وهو حكومة الديون، فهي حكومة الدين الداخلي بلا أدني منازع، وهي سبة جديدة تلطخ وجهها.. ويتلخص الدين الحكومي المحلي في إصدار سندات وأذون علي الخزانة بالعملة المحلية وسندات مطروحة بالدولار في الخارج، وصكوك علي الخزانة وسندات صادرة بالعملات الأجنبية لدي بنوك القطاع العام، وكذلك سندات صندوق التأمينات مقابل نقل مديونية بنك الاستثمار القومي إلي الخزانة، وتلك جرائم مالية لا تغتفر. فقد أكد تقرير لوزارة المالية عن أداء الموازنة العامة خلال الأربعة أشهر الأولي من العام الحالي، ارتفاع العجز الكلي بالموازنة العامة بنحو 1.2 نقطة مئوية، لتصل نسبته إلي 3.4 %من الناتج المحلي الإجمالي، حيث سجل عجز الموازنة الكلي أربعين مليار 0.6 جنيه خلال الفترة من يوليو إلي أكتوبر من عام 2009 / 2010 مقابل اثنين وعشرين مليار و0.6 خلال الفترة ذاتها، ويرجع الارتفاع في نسبة العجر الكلي إلي الناتج المحلي الإجمالي بسبب انخفاض الإيرادات بشكل ملحوظ، بالإضافة إلي تباطؤ النشاط الاقتصادي المحلي. كما ارتفعت نسبة العجز الأولي قبل خصم فوائد القروض العامة وكذلك انخفضت الإيرادات والمنح بنحو 19 % لتصل إلي 53 مليار جنيه مقابل نحو 66 مليار جنيه خلال الفترة ذاتها، وانخفضت فاتورة الدعم والمزايا الاجتماعية إلي 18 مليار جنيه مقابل 27 مليار جنيه خلال الربع الأول من 2009 / 2010 . ويقول التقرير الصادر عن البنك المركزي المصري: إن إجمالي قروض الحكومة لدي القطاع المصرفي ارتفعت بنسبة 2.3% في سبتمبر الماضي حيث وصلت إلي 324 مليار جنيه، ورغم من أن هذه الزيادة جاءت أقل من نسبة الزيادة في شهر أغسطس بنسبة 2.4%، فإنها تعكس اتجاهاً تصاعدياً لاقتراض الحكومة منذ يونيو الماضي، وفي الوقت نفسه سجلت القروض الممنوحة للقطاع الخاص زيادة لأول مرة منذ يونيو الماضي، لتتجاوز مبلغ 395 مليار جنيه، وقد أدت الزيادة في إقراض الحكومة والقطاع الخاص إلي ارتفاع إجمالي القروض للشهر الثاني علي التوالي، ويعلن الخبراء الإقتصاديون ارتفاع نمو الاقتراض الحكومي بنسبة أعلي من الاقتراض الخاص. برغبة البنوك في توظيف أموالها في إقراض آمن، وقد أوضحوا أن نسبة المخاطرة في إقراض الحكومة تكاد تكون معدومة، وعليه فقد اتبعت البنوك سياسة محافظة تجاه إقراض القطاع الخاص منذ بداية الأزمة المالية.. مؤكدين أن ما تقوم به البنوك من التوسع في الإقراض الحكومي يعد اتجاهاً يجب تغييره، لأنه يأتي علي حساب الاستثمار الخاص. ويقول تقرير البنك المركزي: إن إجمالي هذا الدين في الربع الثالث من العام المالي الحالي بلغ 745 مليار وأربعة وثلاثين مليون جنيه. بعد أن كان في الربع الثاني 722 مليار جنيه وخمسمائة واثنين وتسعين مليون جنيه. بزيادة قدرها اثنان وعشرون مليون جنيه وأربعمائة واثنيان وأربعين مليون جنيه. وحتي نعرف خطورة هذا الدين الحكومي الداخلي علي الاقتصاد القومي، فإن هذا سوف ينعكس علي الفوائد التي يجب أن تدفعها الحكومة علي كل القروض ، وهي تمثل عبئاً كبيراً علي اقتصاد ومالية الحكومة، بالإضافة إلي خطورة اقتراض الهيئات العامة الاقتصادية من بنك الاستثمار القومي. الذي يتمثل في صندوق التأمين الإجتماعي للعاملين بالحكومة وصندوق العاملين بقطاعي الأعمال العام والخاص وودائع توفير البريد. أما أذون الخزانة. فنلاحظ أن كلها قصيرة الأمد أي أن أطولها عمراً، هو عام واحد ويزيد علي خمسة وثمانين مليار جنيه في يوليو الماضي، ثم تتصاعد أذون التسعة أشهر الأخيرة وكلها في تصاعد مستمر. كما نلاحظ انخفاض عائدات الحكومة من ضرائب الدخل علي هيئة فناة السويس، وعوائد الملكية في قناة السويس أيضاً في انخفاض مستمر. كما أن تحويلات المصريين في الخارج انخفضت في العام الحالي عما كانت عليه في العام السابق، وخاصة تحويلات المصريين في الإمارات و قطر والكويت وسلطنة عمان وليبيا بل والولايات المتحدةالأمريكية بالإضافة إلي التخوفات في الأعوام المقبلة. ويبدو أننا مع كثرة وتوالي هذه الديون علي الحكومة لم نعد نهتم بأي رقم يزيد عليها، فهي "خسرانة خسرانة" لأن المواطن الوحيد هو الذي يتحمل هذه الديون وأعباء سدادها وما عليها من فوائد، وكان من الممكن ألا تخيف أحداً، ولو كان الدخل القومي العام قد تزايد بالنسبة نفسها أي تزايد بمعدل يصبح قادراً علي تحمل أعبائها، لكن وبعد أن وصلت الديون إلي هذه الأرقام المليارية فإن المواطن المصري أصبح من الصعب عليه أن يتحمل أي قدر منها ومن عجائب الأمور أن المجالس النيابية خاصة مجلس الشعب الذي جاء ليلعب دوره في الرقابة علي الحكومة نسي هذا الدور تماماً، وابتعد عن مهمته الأساسية متجاهلاً أن البرلمان في العالم كله إنما قام لكي يصبح رقيباً علي التصرفات المالية الحكومية. لذلك نطالب مجلس الشعب بأن يفعل شيئاً من هذا، وأن يقف في طريق الحكومة وألا يغطي علي سياستها مهما كانت أو بالفعل هي حكومة الأغلبية كما يجب أن يتم عقد مؤتمر عام لجميع القوي والتيارات لعمل وقفة مع هذه الحكومة التي جاءت لتصحيح الأوضاع المالية، فزادتها سوءاً وكبلت كل مصري وكل مولود جديد بأرقام لن يصدقها العقل واستحقت عن جدارة لقب "حكومة الكوارث والديون".. فهل نفعلها؟!