ضجة هائلة، وصيحات مستنكرة، وانتقادات حادة، انطلقت وتصاعدت هنا وهناك، بعد زيارات البحث والتفتيش المفاجئة، التي تعرض لها عدد من مقار الجمعيات والمنظمات الأهلية، منذ أيام، بناء علي أمر واضح وصريح من الجهات القضائية المختصة التي تتولي التحقيق في الاتهامات الموجهة لبعضها بتلقي أموال من الخارج وممارسة أنشطة في داخل مصر دون الحصول علي تصريح رسمي وبالمخالفة للقانون. المثير للانتباه، في هذه المسألة، أن هذه الضجة، وتلك الصيحات، وكل الانتقادات انطلقت وتصاعدت، بنفس القوة والحدة والحماسة، من الخارج، حيث الجهات المانحة التي تضخ هذه الأموال في الداخل المصري بالمخالفة للقانون، ودون إذن أو تصريح من الدولة المصرية، وبالمخالفة لقانون الدولة المنظم لعمل هذه الجمعيات. وفي ذات الوقت، انطلقت ضجة مماثلة في الداخل من جمعيات ومنظمات المجتمع المدني، التي شملتها عمليات البحث والتفتيش، والتي لم تشملها أيضا، وتصاعدت صيحات الإدانة والاستنكار من جانبها، لتدخل الدولة المصرية المفاجئ في عملها، وقيامها بالبحث والتفتيش في مقارها. وبدا الأمر، وكأن هذه الجمعيات، وتلك المنظمات، ليست مصرية، أو أنها لاتعمل داخل مصر، وبالتالي فليس من حق الدولة المصرية أن تبحث في شأنها، أو تتدخل في عملها، أو تحاول الوقوف علي طبيعة ما تقوم به من نشاط، وما إذا كان هذا النشاط يتوافق مع قوانين الدولة المنظمة له، ويصب في صالح مصر، وأهلها، ومجتمعها المدني، أم أنه يتعارض مع هذه المصالح ويضر بها، ويتنافي مع القانون، ويعمل خارج إطار الشرعية. وهذا غريب، ومرفوض، ويثير العديد من الشبهات، حول نشاط هذه الجمعيات وتلك المنظمات، وأهدافها، وأسباب تلقيها لهذه الأموال من الخارج، بالمخالفة للقانون، ودون رقابة الدولة، وأيضا الأسباب التي تدفع الدول الخارجية، لضخ هذه الأموال، في الداخل المصري، في غيبة من الالتزام بالمسالك الشرعية، والخطوات القانونية المنظمة لذلك. ونحن هنا لا نسعي لإدانة هذه الجمعيات، وتلك المنظمات، وكما لا نسعي لإلصاق تهمة الإضرار بمصر، والعمل لغير صالح الوطن بها، ولكننا نتساءل فقط عن، الأسباب وراء بعدها عن الشفافية، وعملها خارج القانون، وخوفها من الإعلان الصريح، والواضح عن طبيعة عملها، وميزانيتها، وحجم ما تتلقاه من أموال، وأوجه صرفها،. كما ندين في ذات الوقت الضجة المثارة من جانب الولاياتالمتحدة وغيرها، حول هذا الموضوع، ونعتبرها تدخلا مرفوضاً، وغير مقبول في الشأن الداخلي المصري، وفي شأن يتصل بسلطة القضاء المصري الذي نقدره ونحترمه ونرفض أي تدخل في شئونه من الداخل أو الخارج .