يتصدر »إسحق رابين« قائمة العسكريين الإسرائيليين المهووسين ب : »أمن بلادهم« التي أقاموها فوق أرض غيرهم (..). القائمة تضم العديد من جنرالات الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في حروبهم الأربع، وبمعدل يقرب من: »حرب كل 10سنوات«. وإذا كان »اسحق رابين« يقف في مصاف: »موشي ديان«، و »إيجال آلون«، إلاّ أنه كان أكثر اهتماماً منهم بالسياسة طوال خدمته العسكرية. وبالتالي فهناك من يProxy-Connection:keep-aliveCache-Control:max-age=08عده عن دائرة العسكريين المتسيّسين مثل: »ديان« و»آلون«، وينسبه إلي نفس دائرة »آريل شارون« وغيره من الجنرالات المتطرفين في عسكريتهم، ولا يثقون إلاّ في أصحاب الزي الواحد، وحملة الأوسمة علي الصدور، و النجوم علي الأكتاف. ظل »إسحق رابين« محافظاً علي »انضباطه« و »تطرفه« إلي أن ابتعد أو أُبعد عن الجيش، واحترف »الدبلوماسية«، ويكتشف أخيراً جداً .. بعد أن بلغ من العمر عتياً أن السياسة ليست كلها »سلبيات« ويمكن العثور علي »إيجابيات« هنا.. أو هناك! في بداية تسعينيات القرن الماضي.. تخطي »إسحق رابين« سن السبعين، ولمع اسمه آنذاك، ليس كبطل عسكري متقاعد، وإنما كوجه سياسي جديد، ومنفتح علي فكر صادم يدعو لإنهاء الصراع بين إسرائيل و الفلسطينيين! الفكرة التي بدأ »رابين« يستوعبها، ووجهت بمعارضة بالغة العنف من جانب اليمين الديني اليهودي المتطرف، وهو ما أزعج »رابين« الذي كان يؤمن بأنه لا أحد يفوق العرب في كراهيتهم لغيرهم، إلي أن فوجيء بعد هذا العمر الطويل بأن من بين اليهود من يكره يهوداً آخرين بقدر كراهيتهم للعرب.. لمجرد أنهم لا يمانعون في إنهاء الصراع الإسرائيلي/ الفلسطيني! حزب العمل الذي ينتسب إليه »إسحق رابين« حقق نجاحاً لافتاً في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في نهاية يونية 1992، وبإضافة نواب الأحزاب الاشتراكية، ونواب عرب إسرائيل، إلي نواب حزب العمل، أصبحت لهم أغلبية مريحة في »الكنيست« ، أعطتهم الحق في تشكيل الحكومة التي أختير »إسحق رابين« رئيساً لها. في خطابه أمام الكنيست لعرض برنامج حكومته.. طرح »رابين« فهمه ل: »سلام وأمن إسرائيل« جاء جديداً، و مختلفاً، و صادماً، لمفهوم الأمن والسلام كما حدده اليمين الإسرائيلي، وتمسك به، طوال العقود العديدة الماضية! نواب اليمين المتطرف لم يصدقوا ما سمعوه من رئيس الحكومة! فالرجل صدمهم، أولاً، عندما أكد أن سلام وأمن البلاد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل علي إنهاء الصراع العربي/ الفلسطيني، ثم صعقهم، ثانياً، عندما أشار إلي الدور الأساسي الذي سيلعبه الفلسطينيون من أجل إنجاح أو إفشال التوصل إلي إنهاء هذا الصراع. في البداية.. تصور نواب اليمين أن كلمة »الفلسطينيين« سقطت سهواً من فم »رابين«. وعندما علموا أن رئيس الحكومة كان يقصدها عامداً متعمداً فقد بعضهم صوابه وأرجع الأمر إلي اقتراب يوم القيامة، وإلاّ كيف يعقل أن يعلن رئيس حكومة إسرائيل أن »أمن وسلام إسرائيل أصبح خياراً في أيدي الفلسطينيين؟!« ولم يتأخر رد فعل اليمين الديني المتطرف، علي ما نطق به إسحق رابين أمام الكنيست.. شهدت أحزاب اليمين حراكاً شديداً داخل وخارج مقارها، كما جرت اتصالات بين قادتها العتاة من أجل توحيد الجهود لوأد هذا الخطر الداهم الذي يدعو إليه رئيس حكومة العمل. والأهم من هذا، وذاك.. توالي، تشكيل، و ظهور، العديد من »جماعات العنف« المنبثقة عن معظم تلك الأحزاب الدينية المتطرفة. وقتها.. أدلي »رابين« بتصريح قال فيه: »كنت أظن أن الخطر الأوحد علي إسرائيل يأتي من خارجها، لكن اتضح أن خطر التطرف والتعصب الديني لدي جماعات إسرائيلية لا يقل في خطورته عن غيره«! .. وأواصل غداً. br