سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. منار الشوربجي تتحدث ل»الأخبار« عن أزمة ما بعد الثورة : المطالب الفئوية هي جوهر الثورة لكنها لم تؤخذ في الاعتبار ..!
الانتخابات جسدت الدور الخطير الذي يلعبه المال في العملية الانتخابية!
الانتخابات جسدت الدور الخطير الذي يلعبه المال في العملية
د. منار الشوربجي.. أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة والكاتبة والمحللة السياسية المتميزة .. اسم ظهر علي سطح المشهد السياسي المصري بقوة خلال الأسبوعين الماضيين بعد أن اختيرت عضواً بالمجلس الاستشاري للمجلس الأعلي للقوات المسلحة في خضم أحداث المتظاهرين والمعتصمين أمام مجلس الوزراء بشارع القصر العيني .. خاصة وأنها كانت من أوائل الأعضاء الذين قدموا استقالاتهم عقب استخدام القوة مع المتظاهرين وسقوط العديد من الشهداء .. ترددت كثيراً في الانضمام للمجلس ولكنها لم تتردد في تقديم الاستقالة .. وحين طلبنا منها اللقاء قالت أنها لا تحب التركيز علي قصة المجلس الاستشاري فالقضية في نظرها ليست قضية المجلس أو قضية أشخاص .. هي قضية المحنة التي تمر بها مصر في المرحلة الحالية والتي يجب التركيز عليها في الحوار .. ورغم أن الكثير من التوجس والقلق يسكنها .. فانه أيضا يسكنها الكثير من التفاؤل والتأكيد علي أن مصر ستصل إلي بر الأمان .. فمصر ليست حالة فريدة والثورات لا تنتهي في يوم أو أسابيع أو شهور فبعض الثورات المشابهة في دول العالم المختلفة امتدت لسنوات طويلة حتي استقرت بها الأمور لتحقيق المطالب والتحول الديموقراطي .. فالديموقراطية ليست حدثا يجري بين يوم وليلة ولكنها كفاح سنوات طويلة .. وكل الديموقراطيات في العالم بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية ما زالت تعيش الكفاح المستمر من أجل الديموقراطية ..! ولهذا طلبت د. منار الشوربجي من الشعب المصري أن يُنظر للثورة علي أنها عملية طويلة الأمد وألا يتملكه اليأس فلا يكمل الطريق الذي يحتاج إلينا جميعاً، وليس الشباب فقط ولا السلطة ولا من بيدهم الأمر فهي مسؤلية كل من يعيش علي أرض مصر .. حول هذا وذاك وغيره من الأحداث التي تعج بها الساحة المصرية كان اللقاء .. ولنبدأ الحوار .. في مقهي هادئ بأحد الشوارع الشهيرة بالمعادي كان لقاؤنا بالدكتورة منار الشوربجي .. وهو المكان الذي تتفاءل به في كتابة أبحاثها ومقالاتها منذ أكثر من عشر سنوات مضت .. فهو المقهي الذي شهدت جنباته ولشهور طويلة كتابة أوراق رسالتها للدكتوراة في العلوم السياسة التي نالتها عام 2000 من جامعة القاهرة وحتي أصبحت أستاذاً للعلوم السياسية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة .. وقد تخصصت في الشؤون الخارجية للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وبلدان العالم المختلفة وهو ما ألقي بظلاله علي الحوار في الكثير من أجزائه خاصة أنها صاحبة الكتب الثلاثة »كيف ينتخب الرئيس الأمريكي .. قيود وتعقيدات وأشياء أخري« و»أصوات أوباما الثلاثة.. العرب في مرحلة ما بعد الأبيض والأسود« و»الكونجرس الأمريكي« .. بالإضافة إلي عشرات من الأبحاث والدراسات عن السياسة الأمريكية باللغتين العربية والإنجليزية.. مأساة الديموقراطية الديموقراطية .. تلك الكلمة السحرية التي تجسد كل معاني الحريات وتقوم من أجلها الثورات ويستشهد في سبيلها الآلاف متي وكيف تصل مصر إلي هذه المرحلة في ظل ما تواجهه من التحديات؟ أنا في الحقيقة وبالرغم من ألمي الشديد لكل ما حدث في مصر إلا أنني أشعر بالتفاؤل ومصدر هذا التفاؤل هو أن الشعب الذي يستطيع أن يقوم بثورة فريدة تحدث عنها العالم أجمع مثل ثورة 25 يناير يستطيع أن يفعل الكثير لقد سافرت كثيراً خلال الشهور الماضية وسمعت ورأيت كيف ينظرون في الخارج لهذه الثورة هناك انبهار بها لدرجة أنها أصبحت تدرس في الجامعات الأمريكية والأوربية ليس هذا فقط ولكن الكثير من الحركات التحررية حول العالم تقوم أيضاً بدراسة الثورة المصرية دراسة دقيقة ليتعلموا منها وهي مسألة بالغة الأهمية علينا أن نأخذها في الاعتبار ولهذا وبالرغم من الصعوبات التي تمر بها مصر وهي في طريقها للتحول الديموقراطي فإنني علي يقين أنها ستصل إلي بر الأمان هذا أولاً والسبب الثاني لهذا اليقين والتفاؤل هو أن الثورات عملية طويلة الأمد قد تمتد لسنوات حتي يتم الاستقرار ولهذا نحن لسنا حالة فريدة أو استثنائية وإن كنا نتمني أن تكون الثورة المصرية الحالة الأفضل بين الثورات والأمر المهم الذي يجب أن نأخذه في الاعتبار أن الديموقراطية ليست حدثا يجري بين يوم وليلة ولكنها كفاح سنوات طويلة وكل الديموقراطيات المستقلة بما فيها أمريكا ما زالت تعيش الكفاح المستمر من أجل الديموقراطية فهناك أمور تظهر علي الساحة طوال الوقت تجعل الشعوب يكافحون من أجل تغييرها والأمر الآخر المهم أن الديموقراطية ليست فقط في إجراء الانتخابات بنزاهة ولكن يجب أن تكون في المؤسسات السياسية أي أن يتم " مأسسة الديموقراطية " وهي مسألة بالغة الأهمية وتأخذ وقتا طويلاً حتي تحدث، ولهذا علينا أن ننتظر ولا يصيبنا اليأس فلا نكمل الطريق الذي يحتاج إلينا جميعاً شباباً ورجالاً ونساءً وكل من يعيش علي أرض مصر. مع الأخذ في الإعابار طول المدة لتتحقق الديموقراطية في المؤسسات السياسية .. كيف ترين ذلك في ظل صعود التيارات الإسلامية المختلفة لتتصدر المشهد السياسي وهي التيارات التي لا تحقق الديموقراطية داخل مجموعاتها رغم أن الإسلام يحض علي الديموقراطية في الحكم والمعاملات والحريات؟ أتصور أنه علينا أن ننظر للأمور بشكل مختلف بمعني أنه علينا أن نعترف بأن التيار الإسلامي له وجود قوي في الشارع وهو يعمل علي الأرض منذ سنوات طويلة وهو دور لابد أن يأتي ثماره خاصة في ظل انتخابات نزيهة بينما في الجانب الآخر توجد القوي السياسية التي أخذت وقتاً طويلاً في المناقشات والجدل في أمور لاتهم الناخب بشكل مباشر وبالتالي لم تكن مستعدة للانتخابات وفي الجانب الثالث وهو الجانب المهم للغاية أن هذه الانتخابات جسدت ووضعت أيدينا علي الدور الخطير الذي يلعبه المال في العملية الانتخابية وبالتالي المفارقة هنا أننا كنا في عهد النظام السابق ننتقد العلاقة بين المال والسياسة ولهذا فدور المال في العملية السياسية سيكون موجوداً معنا لفترة طويلة قادمة إذا لم يتم التعامل معه وفق قوانين يتم إصدارها ثم التطبيق الصارم لهذه القوانين فكل القوي التي استطاعت تحقيق نجاح في العملية الانتخابية تملك المال الذي يساعدها في النجاح مثل الإخوان المسلمين والسلفيين والكتلة والوفد أما الأحزاب والقوي السياسية الأخري مثلا الثورة مستمرة التي لم تكن تملك المال لم تستطع أن تنافس لهذا كان المال عاملاً حاسماً في هذه الانتخابات. أنتقل معك لمشهد الإضرابات والاعتصامات الفئوية الذي يتصدر المشهد السياسي طوال الأشهر الماضية وتأثيره علي نجاح الثورة المصرية وعملية التحول الديموقراطي؟ ما يحدث هو نتاج ثلاثين عاماً من الفساد والتراجع وثورة 25 يناير جاءت نتاج لكفاح طويل خاضه المصريون وتراكم طوال السنوات العشر الماضية كان الواضح أن الناس في الشارع تطالب بالحرية والديموقراطية من خلال الكثير من الحركات التحررية التي ظهرت خلال هذه الفترة ووجود ناس في الشارع ليس لهم علاقة بهذه الحركات يطالبون بحقوقهم في الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية ولهذا جاء شعار الثورة العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وهو موضوع بالغ الأهمية إذا كنا نريد النهوض بمصر فنحن لا نستطيع أن نقول أن بلادنا في كامل عافيتها إذا وجد بها 40٪ تحت خط الفقر ووجود مرتبات هزيلة للغاية لا تكفي للعيش الحاف وبالتالي هذه المطالب مهمة ولها الأولوية والمطالب الفئوية هي جوهر هذه الثورة ورغم ذلك لم تطرح علي جدول أعمال حكومة عصام شرف كمشكلة لها الأولوية ولم تؤخذ في الإعتبار ولم يتحدث أحد للمواطنين في هذا الشأن المهم ما أريد أن أقوله أن الشعب المصري من خلال ثورته أثبت أنه شعب صاحب حضارة لأن القدرة الفذة أن تكون كل هذه الأعداد في الشارع وتقوم ثورة سلمية جداً وهو الأمر الذي أثبت معدن هذا الشعب العظيم، وبالتالي ليس مفهوماً علي الإطلاق معاملة هذا الشعب وكأنه لا يمكن مصارحته بالحقائق كاملة فغياب المعلومات هو مشكلة حقيقية وأحد اسباب الأزمة الراهنة فالعدالة الاجتماعية تتطلب كثيراً من الوقت لتحقيقها أقصد أنه من الممكن وضع الحقائق أمام الشعب لنقول له سيتم تحقيق العدالة الاجتماعية ولكن هذا يأخذ وقتاً ويتطلب تحقيق ذلك مدة كذا وسيتم التنفيذ علي مراحل زمنية محددة خطة علي الجميع المساهمة فيها حتي لو استمرت سنوات نضع فيها الأولويات وبهذا يتجاوب الناس معها لأنهم سيعلمون أنهم سيحصلون علي حقوقهم ولكن وفق خطة زمنية معينة. غياب المعلومات بمناسبة ما طرحته من التأثير السلبي لغياب المعلومات وهو المشكلة الحقيقية لكل ما نعاني منه وتعاني منه شعوب المنطقة كيف تري العلاقة بين غياب المعلومات وانتشار نظرية المؤامرة والشائعات؟ غياب المعلومات هو المشكلة الحقيقية وأحد أسباب الأزمة الراهنة في مصر وانتشار وجود ما يسمي بالطرف الثالث وأنه هو السبب في كل الأزمات التي تحدث بالشارع المصري تخيلي معي لو أن أحداً بالمجلس العسكري ألقي كلمة للناس تحدث فيها بشفافية وصراحة وقال لهم هذه هي القوي التي تحاول النيل من هذه الثورة أو هذه هي القوي التي تحاول النيل من مصر سواء كانت قوي داخلية أو خارجية ماذا تتوقعين أن يكون رد فعل الشعب المصري ؟ في رأيي أن رد الفعل المباشر هو قبول الشعب المصري للتحدي والتكاتف من أجل مواجهة هذا الخطر لكننا لا نستطيع أن نطلب من الناس مواجهة تحد غير معروف له. والاعلام الرسمي.. ما الدور المنوط به تجاه هذه الأزمة.. الكثيرون يرون أنه أحد أسباب أزمة غياب المعلومات والانقسام بالشارع المصري؟ أنا حزينة علي الإعلام المصري ولا أفهم تحديداً ما الذي يدور في ذهن القائمين علي إدارته .. هل الهدف هو انصراف الناس عنه ؟ لأن ما يحدث في الإعلام المصري نتيجته الوحيدة هو انصراف الناس عنه فبه الكثير والكثير من الإنحيازات والقليل من المهنية في الأداء وهي مسألة لا تليق بمصر التي هي قلب العالم الإسلامي والأمة العربية ولا يليق بها أن يكون إعلامها منحازاً فالذي ينفق علي هذا الإعلام هو المواطن المصري ومن حق هذا المواطن أن يحصل علي خدمة إعلامية عالية الكفاءة والمهنية بدلاً من أن يشاهد خلطاً بين وجهات النظر وبين الحقائق أو إضافة معان إلي وجهات النظر ليست فيها ومثال علي ذلك نجد أنه من حق أبناء مبارك أو آسفين ياريس كغيرهم من المصريين أن يعبروا عن آرائهم وعرض وجهة نظرهم بكامل الحرية ولكن ليس من حقهم الاستهانة بالشهداء فهذه ليست وجهة نظر لأن هناك حرمة للموت وخصوصاً الاستشهاد في سبيل الوطن والتضحية من أجله كما أنه ليس من حقهم أن يقولوا عن المتظاهرين المصابين في ميدان التحرير أنهم " يستاهلوا " ما يحدث لهم فهذه أيضاً ليست وجهة نظر فهؤلاء الشباب من المصابين سيعيشون حياة مختلفة للغاية بسبب إصاباتهم بعاهات مستديمة من أجل هذا الوطن. الأنظمة العربية ما تقييمك للمشهد السياسي الأمريكي العربي تجاه ثورة 25 يناير ومرحلة ما بعد الثورة .. هناك الكثير من الشكوك بداخل كل منا؟ الدور العربي للأسف كان أسوأ مما توقعه الكثير من المصريين فالكثير من النظم العربية اختارت أن يكون موقفها من الثورة أنها نذير لتكرارها لديهم ورأوا أنه لابد من وقفة باي ثمن وللأسف لم تختر هذه النظم أن تنحاز للشعب المصري والشعب المصري رغم طيبته وانفتاحه علي العالم فإنه سيتذكر جيداً من الذي وقف معه ودعمه في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ مصر، لكن الأمر المبهج هو موقف الشعوب العربية التي ابتهجت وفخرت بما يحدث في مصر واعتبرته إنجازاً لها وإيذاناً بعودة مصر إلي حضن الأمة العربية وإلي دورها الطبيعي هذا بالنسبة للموقف العربي، أما بالنسبة للموقف الأمريكي فهو يدهشني كثيراً فبعض الناس هنا يتعاملون مع الولاياتالمتحدةالأمريكية باعتبارها جمعية خيرية ولكن الولاياتالمتحدةالأمريكية دولة لها مصالح وهي الإدارة الأمريكية ومهمتها الأساسية هي الدفاع عن مصالح دولتها وليس مصالح أي شعب آخر وهذا هو الدور الذي انتخب الأمريكيون أوباما من أجله وهو حماية المصالح الأمريكية ولا شئ آخر، وبالتالي من يتوقع من أمريكا أن تسعي من أجل تحقيق مصالح الشعوب الأخري يكون ساذجاً ولهذا وجدنا الموقف الأمريكي الهزيل تجاه الثورة المصرية فالولاياتالمتحدة كانت تغير موقفها علي مدار الساعة وتقول الشئ وعكسه ولم تكن في أي لحظة منحازة للثورة المصرية، فهي حين تحدثت عن النقل المنظم للسلطة خلال الثورة كانت تقصد نقل السلطة لعمر سليمان وكلمة التغيير لم ترد علي لسان أي مسؤول أمريكي طوال الثورة إلا بعد أن سقط مبارك فالتعبير المستخدم طوال أيام الثورة كان تعبير الإصلاح وليس التغيير وعلينا أن نسأل أنفسنا هل تريد الولاياتالمتحدةالأمريكية ديموقراطية في العالم العربي وهي دائماً التي تتشدق بالديموقراطية ..؟ للإجابة علي هذا السؤال لابد أن نضع مسألة الديموقراطية في سياق السجل التاريخي لعلاقة أمريكا بالديموقراطية في دول العالم المختلفة فالولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي كانت وراء الإنقلاب علي حكومة مصدق الديموقراطية في إيران عام 1954 وهي أيضاً وراء الانقلاب علي حكومة الليندي الديموقراطية في تشيلي وهي أيضاً التي دعمت الإنقلاب علي رئيس فنزويلا المنتخب ديموقراطياً قبل أن يعود للحكم مرةً أخري وأيضاً كانت وراء انقلاب نيكاراجوا ولها سجل أسود في الكثير من الدول الأخري التي حققت الديموقراطية علي أرضها .. إذن الولاياتالمتحدةالأمريكية لايهمها نظام ديموقراطي أو غير ديموقراطي طالما أن القائمين علي الحكم يحققون مصالحها هذا هو المحك ولايعنيها أيضاً أن تكون الحكومة إسلامية أو غير إسلامية طالما سيحققون المصالح الأمريكية. الخيار الإسلامي ولكن الولاياتالمتحدةالأمريكية فضلت وصول التيار الليبرالي للحكم في مصر؟ نعم ولكنها حين وجدت نفسها أمام الخيار الإسلامي رأت ألا تعيد ارتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبتها مثلما فعلت في إيران وتشيلي وفنزويلا وغيرهم ولا تريد استعداء من يحكم مصر ولذلك الهدف الآن بالنسبة لها هو التأكد أو العمل علي من سيحافظ علي المصالح الأمريكية ممن يصل إلي الحكم ولا يهدد هذه المصالح .. ولكن علينا جميعاً أن ندرك ونتذكر جيداً أن من صنع هذه الثورة هو الشعب المصري ولا أحد غيره وكل ما يقال أن من يحكم مصر يجب أن توافق عليه أمريكا قد ثبت زيفه فالشعب المصري حين أراد لم يكن لأي جهة أخري القدرة علي الوقوف في طريقه. بعد انتهاء انتخابات مجلس الشعب وانعقاده المزمع 23 يناير 2012 أي بعد أقل من شهر واحد سنكون علي أعتاب أهم مرحلة انتقالية وهناك من يطالب بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل وضع الدستور .. ما تقييمك لهذه المرحلة؟ نحن أمام مرحلة انتقالية طويلة فمجلس الشعب القادم والرئيس القادم سيكون عليهم دور بالغ الأهمية في هذا الانتقال من الديكتاتورية والفساد إلي الديموقراطية والنهضة ومن هذه الزاوية أعتقد أن هذه المرحلة ستكون جزءاً من المرحلة الانتقالية ولهذا أري أن نتائج انتخابات مجلس الشعب لابد من احترامها بغض النظر عن آراء النخبة فيها فالديموقراطي الحقيقي هو من يقبل بآراء صندوق الانتخاب عندما يأتي بعكس مايريد أو عندما لايتفق معها وليس العكس .. وبالنسبة للإنتخابات الرئاسية أري أنها يجب أن تجري قبل وضع الدستور كما جاء في الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة في مارس الماضي فهو يقول أن رئيس الجمهورية هو من يدعو مجلس الشعب إلي تأسيس لجنة تأسيسية وهو ما يعني أن الرئيس يأتي قبل وضع الدستور. وانتخابات مجلس الشوري؟ هناك من يريدون إلغاء مجلس الشوري وهو في رأيي وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر قد يكون رأياً مقبولاً في الوقت الحالي وأري أننا ربما نفكر لاحقاً في برلمان من مجلسين لكل منهما صلاحيات قوية ومهمة لكن تلك مرحلة أخري حين يأتي وقت كتابة الدستور. الردع بالقانون أراك لست خائفة من المستقبل القريب بمعني أنك لست خائفة من صعود جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين إلي مقاعد مجلس الشعب والحكم في مصر؟ الديموقراطية عملية طويلة ومستمرة وبالتالي فالشعوب كلها تتخذ قراراتها ثم تعيد النظر فيها حين تري أن من اختارتهم لا يقومون بواجبهم فالشعوب تتعلم من أخطائها وهذه مسألة طبيعية جداً والشعب المصري شعب ذكي ولا أحب أن يقول لي أحد أنه شعب لايعرف من الذي يعطي له صوته قد يكون حدث بعض التجاوزات مثل التأثير علي المواطنين ودغدغة مشاعرهم الدينية أو استنهاضها لكن هذا لايعني مطلقاً أن مواطناً واحداً أجبر علي اختيار من لايريد ولكن علينا مستقبلاً وحين تجري عجلة الديموقراطية أن نعرف أن الديموقراطية تحتاج إلي أمرين مهمين الأول أنه لاتوجد ديموقراطية بدون سيادة القانون وثانياً هذا القانون يجب أن يطبق علي كل من يخالفه وتطبيقه علي الجميع هو الرادع للتجاوزات فكل منا سيري أنه سيحاسب سيفكر ألف مرة قبل أن يقوم بتجاوز القانون. سيكون سؤالي الأخير لك هو ماكان يجب أن يكون في بداية الحوار وينتظره الكثيرون وهو مالا تريدين التحدث فيه .. ولكن معذرة لنتطرق ولو قليلاً لاختيارك لعضوية المجلس الاستشاري ثم الإستقالة عقب أحداث معتصمي مجلس الوزراء .. لماذا كانت الموافقة علي الانضمام ثم الاستقالة ورفض العودة؟ كان اختياري مفاجأة بالنسة لي لأني انحزت لشباب الثورة منذ اللحظات الأولي وكانت كتاباتي أيضاً تسير في هذا الاتجاه كنت قلقة جداً علي مصر وحزينة لما آلت إليه ولكني علمت أن اختياري جاء من جانب بعض الشخصيات العامة مثل تهاني الجبالي ومحمد نور فرحات ود. سليم العوا وأبو العلا ماضي ونجيب ساويس مع حفظ الألقاب وقد طرحوا بأنفسهم الأسماء وأخذوا الأصوات فيما بينهم علي الأسماء المختارة: والهدف من فكرة تشكيل المجلس كما علمت والتي جاءت فكرته من خلال اجتماع بين المجلس العسكري وبعض الشخصيات العامة في خضم أحداث شارع محمد محمود لإيجاد آلية ثابتة للتحاور مع المدنيين والقوي السياسية للتواصل مع المجلس العسكري لحين انتقال السلطة للمدنيين لقد ترددت كثيراً لأخذ قرار الانضمام للمجلس الاستشاري حتي لا يمثل تهديداً لمصداقيتي فقد كنت أسير في خط مختلف وما جعلني أقبل ما سمعته من الفريق سامي عنان الذي قال بصراحة إنه إذا لم تجدونا نلتزم بقراراتكم وما تبدونه من آراء فانسحبوا .. لقد كان كلامه مريحاً للغاية وكانت مصر تمر بلحظات عصيبة فقبلت العضوية خاصة وأنني مثلي مثل الشعب المصري الذي أعطي الثقة والمحبة للمجلس العسكري منذ اللحظات الأولي لتوليه السلطة في فبراير الماضي. ولكن بمرور الوقت تغير الكثير من الأمور ؟ نعم وهذا ما أثار توجسي وحيرتي ووصلت الأمور إلي ذروتها بصدور وثيقة السلمي واختيار الدكتور الجنزوري لرئاسة الوزراء وما آلت إليه الأحداث بعد ذلك بشارع قصر العيني ولكن قبولي للانضمام للمجلس الاستشاري جاء بعد تفكير طويل وبحسبة بسيطة وجدت أنه لو استطعت أن أقدم شيئاً ولو بسيطاً لمصر وأبنائها وشعبها ستكون بلدي هي المستفيدة ولكن لو فشلت سيكون الخاسر أنا وحدي ورأيت أن مصر تستحق هذه المخاطرة. ولكن جاءت الإستقالة سريعاً؟ قدمت استقالتي حين فوجئت بأحداث مجلس الوزراء من التليفزيون وتألمت كثيراً لأنها أعادت الي أحداث شارع محمد محمود التي كانت سبباً في إنشاء المجلس الاستشاري لتقليل الفجوة بين المجلس العسكري وبين الناس وإيجاد آلية للتحاور بينهم كما قلت لك وتفكيك هذه الأزمة عبر إنتاج سياسات مختلفة بدلاً من العنف ولكن حين اندلعت أحداث مجلس الوزراء وسقوط الشهداء والمئات من المصابين تملكني القلق لأنها الأحداث نفسها التي كانت سبباً في إنشاء المجلس الاستشاري وحين ذهبت للإجتماع في خضم الأحداث كان عاصفاً جداً وكان الجميع في حالة انفعال شديد ولكن كان هناك أيضاً الكثير من الأفكار التي طرحت لوقف العنف خاصة ممن كانوا يقفون فوق أسطح المباني ويصيبون الشباب وفي خضم هذه الاجتماع وصلتنا أنباء عن وجود شهداء آخرين فلم أحتمل وشعرت أن وجودي بقاعة الاجتماع عديم الفائدة وهو شعور يخصني وحدي فقدمت استقالتي وخرجت من الاجتماع الذي شهد استقالة حوالي 12 عضواً ومنهم من تراجع وعاد مرة أخري ولكني فضلت عدم العودة وهي قضية شخصية تخصني وحدي وتخص مشاعري وليس لها علاقة بعمل المجلس الاستشاري فما زال الجميع به يعملون من أجل مصر وأهم ما أحب أن أقوله في هذا الصدد أن القضية ليست قضية المجلس الاستشاري أو قضية أشخاص ولكن القضية هي المحنة التي تمر بها مصر والتي يجب التركيز عليها للخروج منها بسلام.