ليس هناك أبشع من غياب الأمن.. ولا أفظع من تغييب الاحساس بالأمان.. وليس هناك أخطر من الشعور بالخوف في أي خطوة تخطوها.. والخائفون المذعورون لا يبنون الأوطان.. يقفون في حالة عجز وشلل وهم يرون أعداء الوطن يقومون بمهمة الهدم بكل همة!.. لأن الهلع يسيطر عليهم مع كل رمشة عين، والفزع يتملكهم مع كل شهيق وزفير»!« وقد عشنا مشهد الرعب منذ بداية الثورة.. الفلول أصروا علي اثارة الفوضي والانفلات الأمني في كل مكان.. لم يدخروا جهدا في سبيل شيوع الرعب هنا وهناك.. وبعثوا برسالة من النظام السابق مفادها أن البلطجي هو سيد الناس في المنطقة التي يعيش فيها.. والحرامي أفضل من العصامي.. وأن الجاهل أعلي شأنا من العالم مادام لم يجد من يضرب علي جهله بيد من حديد.. رسالة أراد جنود الثورة المضادة من مضمونها اجبار المواطن علي التندر علي عهد المخلوع.. والوصول إلي حالة اليأس التي عندها يقول: »ولا يوم من أيامك يا حسني«! والملامح المخيفة للمشهد لم تعرف طريقها للتلاشي إلا مع حكومة الجنزوري.. بتولي محمد ابراهيم حقيبة الداخلية.. ومثلما نال الجنزوري قدرا كبيرا من الهجوم قبل أن يبدأ مهام عمله، فقد تم استقبال الوزير بحملة من التشكيك في قدراته والطعن في انتمائه.. في البداية قالوا أنه ينتمي لفلول العهد البائد، وكأنهم يريدون نسف كل المواليد السابقة ل52 يناير 1102»!« وعندما قال إنه سينزل إلي الشارع بنفسه للاشراف علي الحملات الأمنية، قالوا: »نفلح.. إن صدق«! لكن الرجل خيَّب ظنهم.. نزل إلي الميدان.. قاد الحملات الأمنية لمطاردة البلطجية واللصوص والمخربين.. وتمكنت حملاته من ضبط الكثير من الأسلحة المهربة التي كانت تستخدم في ترويع الآمنين.. وإعادة الكثير من المخطوفين إلي أهلهم وذويهم.. ناهيك عن القبض علي الكثيرين من الخطرين علي الأمن العام وضبط العديد من المخالفات الأخري التي جعلت الفوضي عنوانا بارزا للشارع المصري.. ولأن المواطنين في حاجة ماسة إلي الأمن والأمان ويستشعرون جدية الرجل فقد تعاونوا مع حملاته بالارشاد والابلاغ عن الخارجين علي القانون. يقولون: »لا يخشي المعايرجي إلا من نقصت موازينه« والذين يزعجهم عودة الأمن إلي الشارع المصري يخشون كشف عوراتهم.. يخشون أيضا من الاستقرار المرتبط بالأمن حتي يظل الوضع الاقتصادي منهارا ويظل المواطن يترحم علي جحيم مبارك وحاشيته! وإذا كان المنطق يقول ان اللصوص والبلطجية هم أعداء الأمن فإن هذا المنطق أصبح معكوسا الآن.. جماعات الثورة المضادة والراسبون في الممارسة السياسية والمتراجعون في الانتخابات البرلمانية أصبحوا الرعاة للفوضي وعدم الاستقرار.. هؤلاء يجب أن يفيقوا من غفوتهم.. لأن صوت الأمان والانضباط أصبح أعلي من صوت الخوف والانفلات! أقول لهم: د. الجنزوري »لو كمان كذا خبطة زي تحصيل حق الدولة من حيتان الأراضي، يمكن نستغني عن الاقتراض من الخارج«. د. سيد غزالة: »إدارتك لمستشفي بولاق العام تعيد للمهنة طابعها الإنساني وتؤكد ان الفقراء والمعدمين لهم حق العلاج المجاني وأن الدولة لم تعد تعتبرهم مجرد أرقام في التعداد السكاني«! د. عبدالقوي خليفة: »توصيل انبوبة البوتاجاز للمنازل بتسعة جنيهات يؤكد أن الدولة قادرة علي مواجهة الأزمات.. لكن إذا صدقت نوايا المسئولين«!