في القضية أو المسألة التي يثيرها البعض، ممن يطالبون المجلس العسكري، بالتبكير، أو الإسراع، في تسليم السلطة والمسئولية، الي إدارة مدنية بالمخالفة لما جاء في الإعلان الدستوري، والتوقيتات الزمنية الواردة في خارطة الطريق، المؤدية الي ذلك، هناك فارق واختلاف في الأسباب والدوافع بين فصيلين أو فريقين اثنين. أحدهما يطالب بذلك حرصاً علي القوات المسلحة، وحفاظاً علي صورتها ووضعها، بعيداً عن التأثر، أو أن تشوبها شائبة خلال تعاملها المباشر مع المدنيين، وتحملها لأعباء إدارة دفة الحياة المدنية، بما يعنيه ذلك من مشاكل لا تنتهي، في ظل مناخ بالغ التوتر والاحتقان، وهو ما يمكن أن يتيح لمن في قلبه مرض، الإساءة لقواتنا المسلحة والمساس بما لها من احترام وتقدير لدي جميع المواطنين. أما الفصيل، أو الفريق الآخر، فأسبابه ودوافعه مختلفة وتبعد كثيرا عن مبادئ ومنطلقات الحرص والتقدير والاحترام، حيث يري هؤلاء إذا ما افترضنا حسن النوايا، وطبقا لما هم عليه من انفعال، وما يسعون إليه من تعجل النتائج، أن استمرار بقاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة في تولي المسئولية والسلطة، يؤدي الي التباطؤ في وصول الثورة الي غايتها والبطء في تحقيقها لأهدافها. وفي هذا الإطار، يري هؤلاء أن اختصار المدة الزمنية لبقاء السلطة والمسئولية في يد المجلس الأعلي، ممكن، وأنه ليس من الضروري الالتزام بما جاء في الإعلان الدستوري، نصا وروحاً، وأن انتقال السلطة والمسئولية يمكن أن يتم أسرع من ذلك بكثير. وفي هذا الخصوص، خرجت أصوات منهم تنادي بتسليم السلطة فوراً الي مجلس رئاسي مدني، بينما نادي آخرون منهم بتسليمها الي رئيس المحكمة الدستورية، ثم خرج علينا من ينادي بتسليمها الي رئيس مجلس الشعب فور انتخابه، وأخيراً اقترح البعض إمكانية دمج المدد الزمنية الواردة في خارطة الطريق، بحيث يتم التعجيل بانتخابات الرئاسة، ويتم تسليم السلطة والمسئولية في أبريل بدلا من يونيو. وهكذا توالت، وتعددت الأفكار والمقترحات والمبادرات من الفريق أو الفصيل المطالب بالإسراع في انتقال السلطة من المجلس الأعلي قبل موعدها المحدد، وبالمخالفة لما جاء في الإعلان الدستوري، وقفزا علي خارطة الطريق المنظمة لذلك، وكلها أو أغلبها تدور حول إمكانية اختصار الفترة الزمنية شهراً وبعض شهر،..، ووسط هذا وذاك، نسي الجميع أن هناك غالبية من المصريين، تري عكس ما يرون، ولها رؤية مختلفة تماماً عن رؤيتهم.