بتكلفة 13.2 مليار جنيه.. الصحة: إصدار 1.89 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال النصف الأول من 2025    جلسة ختام أنشطة وحدات وزارة التضامن تستعرض مهارت يحتاجها سوق العمل    محافظ أسيوط يستقبل وزير الري ويتفقدان مشروع قناطر ديروط الجديدة بنسبة تنفيذ 87% ويطلقان إشارة مرور المياه من قنطرة حجز الإبراهيمية    التنمية المحلية: وحدات السكان تنفذ 1352 نشاطاً سكانياً فى 24 محافظة    استشهاد 18 فلسطينيا من منتظري المساعدات برصاص الاحتلال الإسرائيلي وسط غزة    98 شهيدا و1079 مصابا فى قصف إسرائيلى على غزة خلال 24 ساعة    الأورمان تستعد للمشاركة فى إطلاق قافلة المساعدات الغذائية إلى غزة    "الخارجية الفلسطينية" تدين الدعوات التحريضية لاقتحام المسجد الأقصى غدًا    بديل ايزاك في حال فشل ضمه.. خطة ليفربول واضحة    موعد مباراة روما ضد لانس الودية والقنوات الناقلة    فوز لاعبة معلمين بنى سويف والمنتخب ببرونزية دورة الألعاب الأفريقية لسلاح المبارزة بالجزائر    رئيس الوزراء يرحب برئيس الفيفا خلال تواجده فى مصر لقضاء عطلته    إصابة 8 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بطريق القاهرة الفيوم الصحراوى    الداخلية تضبط المتهمون بالتشاجر بأسلحة بيضاء فى الإسكندرية.. صور    رحمة حسن تتصدر التريند بعد حديثها حول إصابتها بالصلع من الجذور    نادية مصطفى تنعى عم أنغام بعد اكتشاف جثمانه داخل شقته عقب أيام من وفاته    بعد شائعة إبراهيم شيكا.. حقيقة مغادرة وفاء عامر البلاد    عبد الستار بركات: مشاركة ملحوظة للجالية بأثينا فى ثاني أيام انتخابات الشيوخ    وسط إقبال جماهيري.. انطلاق مهرجان «صيف بلدنا» برأس البر في دمياط    فرص جديدة واستقرار عاطفي.. اعرف حظ برج الثور في أغسطس 2025    متحدث «الصحة»: فحص 18.4 مليون مواطن ضمن المبادرة الرئاسية للكشف عن الأمراض المزمنة منذ سبتمبر 2021    منها مستشفيات المطرية وشبين الكوم.. حصول 3 وحدات سكتة دماغية على جوائز التميز    حكم بعدم دستورية قرار وزاري بإنهاء عقود الوكالة التجارية لمجاوزته حدود القانون    حكومة غزة: 73 شاحنة مساعدات دخلت القطاع يوم الجمعة ونهبت أغلبها    نقابة الموسيقيين تعلن دعمها الكامل للقيادة السياسية وتدين حملات التشويه ضد مصر    مهدد بالحبس.. القصة الكاملة لاتهام أشرف حكيمي بالاغتصاب خلال889 يوما    وزير الشباب والرياضة يفتتح ملعبًا بمركز شباب المعمورة - صور    تجهيز 476 لجنة انتخابية ل«الشيوخ».. 12 مرشحا يتنافسون على 5 مقاعد فردي بالمنيا    برلماني: المشاركة في انتخابات الشيوخ واجب وطني ورسالة لوحدة الصف    إيرادات الجمعة.. "روكي الغلابة" يتفوق على "الشاطر" ويفوز بالمركز الأول    رئيس جامعة بنها يصدر قرارات وتكليفات جديدة في وحدات ومراكز الجامعة    أفضل أدعية جلب الرزق وقضاء الديون وفقًا للكتاب والسنة    ما حكم الدعاء داخل الصلاة بقضاء حاجة دنيوية وهل تبطل الصلاة بذلك؟.. الإفتاء تجيب    صلاة الأوابين.. الأزهر للفتوى يوضح أهم أحكام صلاة الضحى    تراجع منخفض الهند «عملاق الصيف».. بيان مهم بشأن حالة الطقس الأسبوع الجاري    إصابة 9 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    الصحة تُطلق منصة تفاعلية رقمية بمستشفيات أمانة المراكز الطبية المتخصصة    ولادة طفل من جنين مجمد منذ 30 عاما|القصة الكاملة    استجابة ل1190 استغاثة... رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر يوليو 2025    النقل: استمرار تلقي طلبات تأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    الاستعلامات: 86 مؤسسة إعلامية عالمية تشارك في تغطية انتخابات الشيوخ 2025    المصريون في الرياض يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    طعنة غادرة أنهت حياته.. مقتل نجار دفاعًا عن ابنتيه في كفر الشيخ    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة سواحل مدينة "كوشيرو" اليابانية    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    تعرف على أسعار اللحوم اليوم السبت 2 أغسطس 2025    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    مشاجرة بين عمال محال تجارية بشرق سوهاج.. والمحافظ يتخذ إجراءات رادعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة وقلم رغم الموقف الواضح للمجلس العسگري.. تساور البعض
شگوك مبعثها ميراث من فقدان الثقة في السلطة
نشر في الأخبار يوم 01 - 10 - 2011


الجيش.. والبقاء في السلطة
لا يتوقع الشعب
ان تطول الفترة الانتقالية
بأكثر مما هو ضروري
فتأتي الأيام بمفاجآت
قد تدلف بنا
إلي المجهول
هناك من يري أن وضع الدستور لن يستغرق أكثر من 60 يوماً .. وبالتالي يمكن بدء إجراءات الانتخابات الرئاسية
في موعد خلال
يونيو أو يوليو المقبلين
هناك من يطالب المجلس الأعلي للقوات المسلحة بترك السلطة الآن وليس غدا.
وهناك من يطالبه بالبقاء في الحكم عامين أو ثلاثة قادمة.
الدعوة الأولي أشبه بالقفز من جرف حالق إلي قاع صخري سحيق، أو هي أقرب إلي مغامرة علي رهان خاسر، قد يقدم عليها شخص يائس عدمي، لكنها أبدا لا تصلح مع أوطان ولا تليق بثوار.
فإذا ترك المجلس الأعلي إدارة شئون البلاد الآن، فلمن يتركها في غيبة سلطتي التشريع والحكم؟!.. وبأي وسيلة؟!.. ثم الأهم: لماذا الآن؟!
أما الدعوة الثانية فتبدو للوهلة الأولي، تعبيرا عن حكمة تفكير أو منطق عقلاني غير ثوري، يرجح الاستقرار كهدف علي سرعة الانتقال كضرورة. لكن هذه الدعوة في تقديري هي أصداء توجس من انتخابات برلمانية قد لا تأتي نتاجها بما يشتهي أصحاب الدعوة، أو هي انعكاس خوف دفين من تبعات الفطام السياسي وتحمل المسئولية في أجواء ضبابية غير مواتية، أو أنها رد فعل لعدم اقتناع بشخصيات أعلنت عن ترشحها لرئاسة الجمهورية.
هذه الدعوة أشبه ما يكون بارتحال في الزمن دون مبارحة المكان، أو قذف بالكرة إلي حيث لا يوجد لاعبون، أو انتظار ل»جودو« الذي يسكن خيال بطلي مسرحية »بيكيت«!

بين هؤلاء من أصحاب دعوة البقاء بأكثر مما ينبغي، وأولئك من أصحاب دعوة المغادرة بأسرع مما يجب، هناك إرادة الشعب، وهناك التوافق العام للقوي السياسية، وهناك موقف المجلس العسكري ذاته.
الشعب ثار علي الرئيس السابق ونظامه، وأراد إسقاط النظام، ونفذت القوات المسلحة المملوكة للشعب إرادة الجماهير وقامت بتنحية الرئيس السابق.
تولي المجلس الأعلي للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد مؤقتا لحين تسليم الحكم إلي سلطة مدنية منتخبة، وكان ذلك بتأييد من الجماهير التي خرجت تهتف: »الشعب والجيش إيد واحدة«.
اختارت غالبية الشعب في استثناء عام مسار العملية السياسية، لتبدأ بانتخابات برلمانية يتبعها تسليم سلطة التشريع من المجلس الأعلي الي مجلسي الشعب والشوري، ثم وضع الدستور الجديد، فانتخاب رئيس الجمهورية، تنتهي المرحلة الانتقالية والمهمة المؤقتة للمجلس العسكري مع أداء الرئيس الجديد اليمين الدستورية.
بالقطع.. الشعب لا يريد من المجلس العسكري أن يترك الحكم في غير وجود سلطة منتخبة، والشعب لا ينتظر من المجلس أن يترك دفة السفينة إلي غير ربان، لتلاطمها أمواج هائجة، من قبل أن ينزاح ليل، أو تلوح شطآن.
في نفس الوقت.. لا يتوقع الشعب أن تطول الفترة الانتقالية بأكثر مما هو ضروري، فتأتي الأيام بمفاجآت لا نتحسبها قد تدلف بنا إلي بوابة المجهول!
لاقوي السياسية ومعها النخب المثقفة أهدرت كثيرا من الوقت زاد عمر الفترة الانتقالية أكثر مما كان متوقعا.. ما بين »مصارعة ذراعين« علي أولوية الدستور أو الانتخابات، وانقسام واضح علي مسألة وضع علي مبادئ الفوقية أو الحاكمة أو الأساسية للدستور، وجدل حاد علي قضية إنشاء مجلس رئاسي مدني، لا يعرف أحد آليات تشكيله أو مهامه أو شرعية أعضائه.
وأخيرا مطالبات من جانب الأحزاب الليبرالية واليسارية بإرجاء الانتخابات البرلمانية الي نهاية العام خشية استئثار التيارات الإسلامية الأكثر جاهزية، بمعظم مقاعد البرلمان، لو أجريت الانتخابات في نهاية فصل الصيف كما كان مأمولا.. وهي المطالبات التي استجيب لها في النهاية.
للإنصاف.. تبدو القوي السياسية الآن أكثر توافقا فتشكلت تكتلات انتخابية تجمع أحزابا متباينة الإيديولوجيات، واتحدت رؤي القوي السياسية علي ضرورة وضع جدول زمني لما تبقي من مراحل العملية السياسية، بحيث تنتهي الفترة الانتقالية في موعد أقصاه منتصف العام المقبل.
المجلس الأعلي للقوات المسلحة أعلن عدة مرات وفي أكثر من مناسبة، وعبر بيانات ورسائل وتصريحات إعلامية، موقفه من مسألة البقاء في السلطة. قال منذ اللحظة الأولي لتوليه إدارة شئون البلاد أنه لن يكون بديلا عن السلطة التي يرتضيها الشعب.. وقال إنه لا يرغب في البقاء بالسلطة، ولا يطمع في الحكم.
وتعهد بتسليم الحكم إلي سلطة مدنية منتخبة، وعندما سئل أعضاء بالمجلس العسكري في محافل كثيرة عن معني كلمة »مدنية«.. قالوا إنها تعني: غير دينية وغير عسكرية.
بل قال أعضاء المجلس العسكري في أكثر من تصريح صحفي ومداخلة تليفزيونية أن رئيس مصر القادم لن يكون عسكريا.
رغم هذا الموقف الواضح، تساور البعض شكوك في النوايا، لعل مبعثها ميراث قديم مترع بفقدان الثقة لدي الجماهير تجاه السلطة، أي سلطة.. إلي حد أن جولة علي الأقدام لمدة دقائق قام بها المشير حسين طنطاوي في شوارع وسط القاهرة، بعد حضوره مناسبة خاصة هناك، أثارت عشرات التساؤلات علي مواقع التواصل الاجتماعي في الانترنت عن مغزي الجولة وأسباب ارتداء المشير للزي المدني، وأطلقت فيضا من الشائعات عن رغبة الجيش بالبقاء في السلطة مادام المشير ارتدي بدلة زرقاء وكرافت كحلية اللون!
علي كل حال..
موقف المجلس العسكري كما أعرفه لم يتغير من مسألة البقاء في السلطة.. فالجيش في مهمة مؤقتة تنتهي بتسليم السلطة التشريعية إلي البرلمان فور انتخابه وتسليم السلطة التنفيذية إلي رئيس الجمهورية فور أدائه اليمين الدستورية، وبانتهاء هذه المهمة يعود الجيش إلي ثكناته، وتنحصر مسئولية المجلس الأعلي للقوات المسلحة في نطاق الدفاع عن أمن وسلامة البلاد.
وليس للجيش أو مجلسه الأعلي حزب مفضل علي آخر في الانتخابات البرلمانية، ولا مرشح في الانتخابات الرئاسية.
معلوماتي ان المجلس الأعلي للقوات المسلحة كان يتمني لو كانت مدة الفترة الانتقالية شهرين لا أكثر حينما تولي إدارة شئون البلاد، وكان يتصور أن العملية السياسية سوف تكتمل في غضون ستة شهور من صدور الإعلان الدستوري الأول يوم 13 فبراير الماضي.

ما الذي أدي إذن إلي تأخير اتمام استحقاقات العملية السياسية؟!
لم تكن هناك وصفة جاهزة أو جدول سابق الإعداد لمجريات العملية السياسية حينما تولي الجيش شئون الحكم.
في البداية كانت هناك فكرة بانتخاب رئيس الجمهورية أولا، ورئي استبعاد الفكرة، لأنها تعني وجود رئيس مطلق الصلاحيات والسلطات في غيبة سلطة برلمان وعدم وجود دستور.
ثم كانت فكرة البدء بالدستور أولا، ورئي بعد مداولات مع فقهاء القانون الدستوري إرجاؤها إلي ما بعد الانتخابات البرلمانية، لأن أجواء الاستقطاب السياسي في البلاد في ذلك الحين كانت لا تسمح بالتوافق الضروري للمجتمع واللازم لوضع الدستور، ثم جاء الاستفتاء علي التعديلات الدستورية ليرجح فكرة إجراء الانتخابات البرلمانية قبل وضع الدستور.
كان المأمول أن تجري الانتخابات البرلمانية في شهر مايو أو شهر يونيو، لكن حالت الأوضاع الأمنية وتفكك جهاز الشرطة. دون ذلك، فضلا عن أن قوي سياسية ومنها الإحزاب الجديدة التي نشأت بعد الثورة طلبت تأجيل الانتخابات إلي نهاية العام، حتي يتسني لها بناء هياكلها، وحتي لا يكون المناخ مهيأ لفصيل واحد دون غيره، هو جماعة الإخوان وحزبها للاستحواذ علي مقاعد المجلسين، باعتبار أن الجماعة هي الأكثر تنظيما والتحاما بالمواطنين.
ثم فرضت الأوضاع الأمنية ونقص أعداد القضاة بالقياس لعدد اللجان الانتخابية، عدم إمكان إجراء الانتخابات البرلمانية في يوم واحد، وحتمية إجراؤها علي 3 مراحل، مما يستلزم شهرا ونصف الشهر لاتمام الجولات الأولي وجولات الإعادة.
وحينما استقر الرأي علي النظام المختلط الذي يجمع بين القوائم والمقاعد الفردية، استحال إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشوري معا، لأن ذلك يستوجب أن يدلي الناخب بصوته في أربعة صناديق مما يتسبب في إرباكه ويؤثر علي سلاسة عملية التصويت.
لذا تقرر الفصل بين انتخابات المجلسين، مما أطال أمد العملية الانتخابية منذ فتح باب الترشيح وحتي انتهاء التصويت إلي قرابة 5 شهور كاملة.

لكن هل معني ذلك أن الفترة الانتقالية ستمتد إلي منتصف عام 3102، كما يتردد من أقاويل مجهولة المصدر؟!
قلت مرارا في هذا المكان أن مصلحة الوطن والشعب وقواته المسلحة تتطلب اختصار الفترة الانتقالية إلي أقصر مدة ممكنة.
وأقول الآن إن تحقيق الانتقال الآمن والسلس والسريع للسلطة في البلاد يتطلب من الجميع.. من القوي السياسية والحركات الثورية والمجلس الأعلي للقوات المسلحة والنخب المثقفة والإعلام، بذل مزيد من الجهود لتحقيق التوافق الوطني في هذه المرحلة الصعبة.
فليس من مصلحة هذا البلد أن توصف قوي سياسية بأنها مزايدة، ولا حركات ثورية بأنها طائشة ولا إعلام بأنه محرض، أو أن يحاول البعض دون مبرر الطعن في نوايا المجلس العسكري تجاه الثورة، ناسيا أن أعضاءه أعلنوا تأييدهم لمطالب الثوار واضعين رءوسهم عند حافة المقصلة لو فشلت الثورة، ومتجاهلا أن الجيش المملوك للشعب شريك للجماهير في ثورتها، وضامن لتحقيق أهدافها.

وفي هذا السياق أقترح عددا من الخطوات التي أراها ضرورية لدحض هواجس ليست حقيقية وتهدئة احتقان لا لزوم له:
أولا: إعلان جدول زمني محدد لباقي مراحل العملية السياسية وهي علي وجه الحصر إعداد الدستور، واجراء الانتخابات الرئاسية، فإذا كان مجلس الشعب سينعقد يوم 71 مارس، ومجلس الشوري سينعقد يوم 42 مارس، فيمكن أن يدعي الاعضاء المنتخبون عن المجلسين في اجتماع مشترك لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية في الأسبوع الاول من أبريل. وإذا كانت مهمة الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور مسقوفة بمدي زمني ستة شهور علي الأكثر، فهناك من يري بأن وضع الدستور لن يستغرق 54 يوما أو شهرين علي الأكثر، لاسيما بعد إصدار مرسوم يحدد المبادئ الأساسية أو وضع وثيقة متفق عليها بين القوي السياسية علي هذه المبادئ.
بالتالي يمكن بدء إجراءات الانتخابات الرئاسية في موعد بين شهري يونيو أو يوليو المقبلين وقبل شهر رمضان المقبل، ولا يتجاوز بأي حال شهر أكتوبر، إذا استغرقت اللجنة هذه الشهور الست في مهمتها، واستقر الرأي ألا تجري انتخابات الرئاسة قبل الانتهاء من وضع الدستور، علي أساس أن يكون النظام السياسي برلمانيا أو رئاسيا قد تحدد وصلاحيات الرئيس وسلطاته قد تبلورت في مواد الدستور الجديد، قبل إجراء الانتخابات.
ثانيا: حسنا فعل المجلس العسكري والقوي السياسية بعقد اجتماعات تشاورية بحضور الفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس، من أجل تبادل وجهات النظر وحسم الخلافات تجاه قوانين كقانوني الانتخابات البرلمانية،وتجاه إجراءات كالتوسع في تطبيق قانون الطوارئ وتجاه مطالب كالعزل السياسي لقيادات الحزب الوطني. غير أن الأهم أن تسود الاجتماعات رغبة مشتركة في حل الخلافات انطلاقا من نبض الجماهير صاحبة الثورة. ولست أظن أن المجلس العسكري يري في المواد الخلافية ببعض مشروعات القوانين نصوصا مقدسة، ولست أظن أن القوي السياسية تنوي حقا تنفيذ تهديدها بمقاطعة الانتخابات، واعتبر موقفها نوعا من تكتيكات الضغط التي لا ضير منها إذا لم تتحول إلي موقف استراتيجي.
ثالثا: جانب كبير من مظاهرالاحتقان في الشارع المصري له أسباب اجتماعية أكثر منها سياسية. فالجماهير المطحونة لا تشعر بأن الثورة قامت من أجلها، لأنها لم تجد مردودا مباشرا لها علي لقمة العيش وعلاقات العمل، فلقد انشغلت سلطة الإدارة ممثلة في المجلس العسكري والحكومة بالأوضاع الأمنية، وانشغلت القوي السياسية بملف العملية الديمقراطية، وانشغل الإعلام بالماضي، والنخب المثقفة بالجدل، وجري وضع الملف الاجتماعي في الأدراج انتظارا لمجئ حكومة برلمانية ورئيس منتخب.
وقناعتي أنه إذا كان الخلاف علي الملف السياسي جائزا ومشروعا، فإن إهمال الجماهير الكادحة هو خطيئة في حق الشعب والثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.