د. محمود عطية لا أفهم تعجبنا من إطلاق الرصاص واصطياد صفوة شبابنا دون البلطجية ومثيري الشغب..وكأنها المرة الأولي في اصطياد شبابنا المدنيين العزل..وكأننا لا نحفظ دروس التاريخ ولا نفهم ما يحاك حولنا وفينا. ما أفهمه وأحسبه أن الرصاص في الحياة المدنية المصرية ينطلق لا بسبب الاعتصامات ولا بسبب المطالب الفئوية ولا بسبب اعتراضنا علي حكومة الجنزوري أو حتي غلق مجلس الوزراء ولا لخروجنا في الميادين المصرية مكتئبين من دفن مطالب الثورة..الرصاص ينطلق حين يتعرض النظام لتهديد حقيقي لأركان حكمه..! وكيف يتركونه يتهدد وهم يحافظون عليه داخل سجن طرة ورموزه في مواقعها تمارس مهامها في المحافظة عليه من ثوار يناير ومطالبهم العجيبة التي لم نترب عليها من عينة خبز وحرية وكرامة وعدالة اجتماعية..واندهش لماذا لا نتذكر مقتل خيرة شبابنا الجامعي في فبراير عام 1946 يوم خرجت مظاهراتهم من الجامعة تطالب برحيل الانجليز والاستقلال التام..ساعتها أصدر اللواء عبد الرحمن عمار وكيل وزير الداخلية إبراهيم عبد الهادي في حكومة النقراشي - أوامره بفتح كوبري عباس أثناء سير مظاهرة الشباب الجامعي ولم ينس أن يأمر بإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين من شباب الجامعات فسقط 25 شهيدا وأصيب المئات منهم.. لأنهم كانوا يهددون بسقوط النظام! وفي عام 2005 آخر انتخابات لمجلس الشعب عندما تعرض النظام لتهديد حقيقي في تجاوز حصة المعارضة الثلث الأمر الذي لن يمكنه من تمرير قوانينه وتعديلاته الدستوريه ليصبح مسيطرا تماما علي مجريات الأمور في مصر ..لاحظ هنا لم يكن هناك متظاهرون بل ناخبون يريدون الادلاء بصوتهم حسب القانون والدستور وكانت قوات الأمن الحامية للدستور والقانون تطلق الرصاص الحي بغرض القتل لمنع المواطنين من التصويت فسقط أربعة عشر شهيدا..المسألة لا تتعلق بقانون أو دستور ولكن تتعلق بتعرض النظام لتهديد حقيقي لأركان حكمه..من هنا نعرف "علي من نطلق الرصاص"..! وداخل مجلس الشعب ومن نوابه في"مجلس 2010" صرخوا بعد تصاعد الحركات الاحتجاجية والسياسية والاجتماعية والفئوية والفشل الذريع في وقفها رغم القمع المفرط في استخدام القوة..مما جعل النظام يفكر في وسائل أكثر قمعا وصرامة وهي اطلاق الرصاص الحي لغرض الاصابة المباشرة أو القتل للمتظاهرين العزل. فقد طالب اعضاء من المجلس في ظل نظام مبارك بعد انتقادهم للداخلية لتساهلها مع المتظاهرين-رغم قمعها الشديد- الداخلية بإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين بهدف القتل بدل السحل واستعمال الهراوات وخراطيم المياه والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع والاعتقال. والمطالبة بإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين لم تأت من عضو واحد من الوطني بل من ثلاثة أعضاء في لجنه مشتركه لحقوق الانسان والدفاع والأمن.. والمدهش انه في اليوم التالي للجلسة استضاف احد البرامج الفضائية احد الاعضاء المطالبين باستخدام الرصاص وهو نشأت القصاص لكنه قال إنه طالب باستعمال الرصاص الحي ضد الخارجين علي القانون من المتظاهرين ..وحتي هذه المطالبة تعد خطأ قانونيا لأن قواعد استعمال الرصاص الحي من قبل الأمن لها أصولها في القانون وليس كل خارج علي القانون يطلق عليه الرصاص. تعلمنا كتب التاريخ وتاريخ الثورات ان لا شيء يأتي مجانيا..لابد من دفع الضريبة..كل الشعوب التي تنعم بالحرية والعدالة والكرامة دفعت الثمن مقدما.. والثمن لم يكن أبدا رخيصا..ومازالت أذكر كلمة كتبها تزفتيان تودورف.." وقبل ان يعم الخير علي الأرض لابد من إراقة الدماء وتقديم الضحايا وهدم المدن أي لابد للجوء إلي الشر.."!