من أعضم القيم الانسانية والاخلاقية التي رسخها وأمر بها القرآن الكريم والكتب السماوية قيمة العدل ففي الآية الكريمة: ((ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي واتقوا الله)) فالله سبحانه وتعالي يأمرنا بألا ننساق وراء مشاعرنا الغاضبة والكارهة لأشخاص ما فنظلمهم ونجور علي حقوقهم, ومع مشاعر الغضب الجارفة التي اجتاحت المصريين إبان وبعد ثورة25 يناير جراء الممارسات الإجرامية التي ارتكبتها جحافل وزارة الداخلية في حق المتظاهرين, وأدت الي استشهاد المئات وإصابة الآلاف بإصابات جسيمة وتابعنا جميعا في الصحف والقنوات الفضائية والأرضية أخبار التحقيقات والمحاكمات التي تجري لعشرات من القيادات الأمنية وضباط الشرطة في مختلف محافظات مصر بتهمة اطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين أو التحريض علي قتلهم, وبدأ للعيان ومع الاسف وكان هؤلاء المتهمون قد أصبحوا جميعامدانين رغم القاعدة القانونية الشهيرة, ان المتهم بريء حتي تثبت إدانته! ورغم انه بات معروفا أن بعض من سقطوا قتلي أو مصابين إبان أحداث الثورة لم يكونوا من المتظاهرين السلميين ولكنهم كانوا من الذين هاجموا أقسام الشرطة والسجون, واعتدوا علي رجال الأمن فسقط من أفراد الشرطة طبقا لتقرير لجنة تقص الحقائق ستة وأربعون شهيدا, وهم يدافعون عن مواقعهم. رغم هذه الحقيقة فإن بعض القيادات الأمنية والضباط يحاكمون اليوم بتهمة قتل هؤلاء المعتدين ومثيري الشغب والبلطجة مع أنهم استخدموا حقهم المشروع الذي كفله لهم القانون طبقا للمادة61 من قانون العقوبات! فهل كان مطلوبا من الضباط وأمناء الشرطة وضباط الصف الذين رابطوا وثبتوا في مواقعهم الأمنية أن يتركوها ويهربوا أمام جحافل المعتدين من الغوغاء الذين أضرموا النيران في أقسام ومراكز الشرطة؟!! لقد شاهدنا كيف كان رقي وتحضر مظاهرات الشباب الثائر خلال أيام الثورة المجيدة حتي إنهم لم يكونوا حريصين فقط علي عدم المساس بأي منشأة أمنية أو عدم إيقاع الأذي بأي رجل شرطة بل وصل تحضرهم ووعيهم وحبهم لوطنهم الي حد الحرص علي نظافة الشوارع والميادين التي مروا واعتصموا بها. فكيف إذن وبأي منطق تحول أولئك المعتدون والبلطجة إلي ثائرين يحظر علي رجال الأمن التعامل معهم بما يتيحه لهم القانون؟!! وهل من الإنصاف أن نساوي بين من أمروا بإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين في ميادين مصر ومن قاموا بإطلاقه دفاعا عن نظام فاسد ومستبد, وبين من تصدوا للبلطجية والغوغاء دفاعا عن مواقعهم وأنفسهم؟!! وماهو وجه الإدانة والمسئولية التي تقع علي عاتق بعض القيادات الأمنية في مثل تلك اللحظات الضاغطة من الخوف والهلع والتي يتصرف تحت وطأتها صغار الضباط والأمناء بقرارات شخصية لحظية دفاعا عن أنفسهم؟! ولابد ان نشير في هذا الصدد الي ان أحد الأسباب الرئيسية لتقاعس رجال الشرطة عن التصدي لموجات هجوم البلطجية وأهالي المسجونين علي أقسام ومراكز الشرطة والسجون بعد الثورة لتحرير أقاربهم هو خوف الضباط والأمناء والجنود من استخدام السلاح الحي خشية أن يقدموا الي المحاكمة الجنائية كما يحدث اليوم مع زملائهم وقياداتهم رغم أن القانون يعطيهم كل الحق في استخدام القوة ضد بلطجة وعنف أهالي وأنصار المجرمين. لقد صرح المستشار محمد فتحي صادق رئيس محكمة جنايات القاهرة بأن القضاة لن يصبحوا أبطالا إذا أعطوا للمتهمين أحكاما لايستحقونها, حيث انه لا يهمه الثورة ولا ميدان التحرير, ولكن يهمه أن يقابل ربا كريما بضمير صاف لأنه سبحانه هو الذي سوف يحاسبه. محمد سعيد عز