د. على لطفى أثناء حواره مع محرر »الأخبار« عصام شرف اكتفي بلعب دور المتفرج وترك الأزمات تستفحل! الجنزوري يستطيع العبور بنا إلي بر الأمان ولكنه يحتاج دعم الجميع حتي ينجح حين تجلس أمام عالم جليل من علماء مصر في المجال الاقتصادي مثل الدكتور علي لطفي رئيس وزراء مصر الأسبق.. فلابد وان تكون في حالة من الانتباه العالية التي تتطلب خلو الذهن والتفرغ لاستقبال كل ما سوف يتلوه عليك. وهكذا كنت أنا كذلك منذ ان دخلت إلي غرفة مكتب الدكتور علي لطفي بعدما وافق علي إعادة تحديد موعد آخر وجديد بعدما تعذر عليّ ان التزم بالموعد الأول . تحدث الدكتور علي لطفي بصراحة وصدق وقد تجلي ذلك فيما قاله في هذا الحوار. وكنت كلما أسأله فكان يبادر ويرد بالوثائق والمستندات وبالأرقام التي أراها مسجلة أمامه في أوراقه الخاصة. ومع مرور الوقت كنت اكتشف ان هناك العشرات من الاسئلة الأخري التي تبحث عن إجابات شافية والتي لا يمكن ان نستمع إليها إلا من هذا العالم الاقتصادي الجليل. ولولا مواعيده الأخري لطال أمد هذا الحوار. ولكن علي أية حال فان ما حصلت عليه وهو محصلة كل ما جاء في الحوار هو شهادة للتاريخ سطرها هذا العالم الجليل سواء للاجيال الحالية أو للأجيال القادمة. لانه وكما أكد لي في نهاية هذا الحوار انه قد أدي دوره في خدمة مصر.. وهو يفسح الطريق الآن للشباب كي يأخذوا دورهم هم كذلك في خدمة هذا الوطن. ومن كل ذلك أري من الضروري ان ننصت أكثر لما قاله د.علي لطفي . تزوير الانتخابات القشة التي قصمت ظهر نظام مبارك ما دمنا في حضرة عالم اقتصادي مرموق مثل الاستاذ الدكتور علي لطفي كان لابد لنا وان نبدأ هذا الحوار بسؤال سيادتك عن الوضع الاقتصادي في مصر الآن وتوصيفك له؟! فماذا تقول؟! استأذنك أن أرڈجع قليلا إلي الوراء. عندما قامت ثورة 52 يناير.. فيه إناس كثيرون لا يعرفون، لماذا قامت هذه الثورة!! وعايز أقولك ان معظم الأسباب كانت اقتصادية بالدرجة الأولي. الثورة وشعارها اذن سيادتك تري أن من أسباب قيام هذه الثورة هو العامل الاقتصادي حتي ولو لم يكن ذلك معلنا؟ طبعا.. صحيح أنهم لم يعلنوا ان هناك مثل هذه الأسباب.. ولكنهم وضعوا شعارا لثورتهم يدل علي ذلك. ففي أول يوم لهذه الثورة نجد الشباب قد رفع شعارا تقول كلماته: حرية وعيش وعدالة اجتماعية. وعيش معناه ايه هنا.. يعني ان الأسعار قد شهدت ارتفاعا غير عادي في الفترة الأخيرة. والسبب الثاني هو البطالة.. انهم يتكلمون عن العدالة الاجتماعية. وهذان السببان وغيرهما قد ظهرا قبل الثورة وحتي لا نظلمها. لقد مررنا بفترة وخلال السنوات الماضية كنا نري فيها ان فلانا بالواسطة وبالتليفون يستطيع ان يلحق أولاده في الأعمال المتميزة وهناك آخرون يبعثون بأولادهم للتعلم في الجامعة الأمريكية والجامعة البريطانية. ثم بعد تخرجهم يجدون الوظائف في حين ان أغلب هؤلاء الشباب لا يستطيعون الحصول علي فرصة عمل. وأما السبب الثالث فهو تفاوت الأجور حيث أصبح ذلك ظاهرة في مصر وأيضا حدث ذلك أيضا قبل الثورة. فانك تري ان الذي يعيش تحت يحصل علي ملاليم والاخرون يحصلون علي الملايين. وبالتالي أصبح هؤلاء الشباب حياري بين الملاليم والملايين. اضف إلي ذلك ممارسة جهاز الشرطة ممثلا في أمن الدولة والمعتقلين في السجون الذين بلغوا ربما عشرين ألفا أو ثلاثين ألفا. ولذلك لم تكن هناك مطالبات فئوية كثيرة ولا اضرابات أو مظاهرات. لقد كان هناك كبت للحريات. وخامسا: انتشار الفساد بنوعيه فساد مال وفساد إداري. الفرق واضح وهل هناك فروق كثيرة بين هذين النوعين؟ الفساد المالي المتمثل في سرقات مبارك وأولاده وصفوت الشريف وآخرين.. مبالغ تصل إلي عشرين أو ثلاثين مليار جنيه.. انه فساد وعمولات ورشاوي، أما الفساد الإداري فهو تضخم الفساد الحكومي وليس بالضرورة ارتباط كل منهما بالآخر. علي أساس ان الفساد الإداري يمكن ان يخلق فسادا ماليا، وليس العكس. وسادسا: استمرار حالة الطوارئ. هذه الحالة التي استمرت طوال حكم مبارك والذي طال لمدة 03 عاما، وسابعا: التزوير الفاضح لانتخابات مجلس الشعب في عام 0102. هذا التزوير كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. هذه الأسباب التسعة، صحيح كانت موجودة قبل الثورة ومع ذلك لم تقم الثورة. ولكن حين أقدم أحمد عز علي تزوير الانتخابات الأخيرة بالاشتراك مع صفوت الشريف والحزب الوطني المنحل وهم قد حصلوا علي 79٪ من المقاعد، وطردوا جميع رموز المعارضة ومنهم إناس شرفاء حتي ولو واحد منهم دخل هذا المجلس قامت الثورة: وهناك إلي جانب كل ذلك سبب أخير وهو توريث الحكم. وقبل الثورة وفي الشهور الأخيرة أصبح من الواضح ان هناك نية لتوريث الحكم. وهل هذه الأسباب التي ذكرتها من قبل هي التي عجلت بانهيار النظام السابق؟ أنا أقولك ان هذه الأشياء والأسباب موجودة من قبل ومن أجلها قامت الثورة. الاقتصاد.. الاقتصاد نريد من سيادتك ان تحدثنا تفصيلا عن اقتصاد مصر بعد الثورة.. فما هي تفاصيل هذا الحديث؟ نأتي لحديث الاقتصاد بعد الثورة.. وعايز أقولك في هذا السياق ان كل المؤشرات التي سوف اتحدث عنها هي موثقة من مصادر رسمية فالجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء وتقارير البنك المركزي ومركز معلومات مجلس الوزراء هذه المصادر الرسمية الثلاثة تقول الآتي: تزايد عجز الميزان التجاري، وهذا يعني تزايد الواردات وقلة الصادرات. هذا العجز وصل هذا العام 52 مليون دولار، وفي عجز ميزان المدفوعات نجد ان النفقات أكثر من الموارد. والعجز في هذا الميزان وصل هذا العام أيضا إلي 6 مليارات دولار وهذا أيضا مخيف جدا. وثالثا عجز الموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي والذي وصل إلي 431 مليار جنيه، رابعا: تناقص احتياطي النقد الاجنبي في مصر من 6.63 مليار إلي 2.02 مليار دولار. وخامسا: تزايد البطالة. وأنا قلت لك إن البطالة كانت موجودة وكانت أيضا أحد أسباب قيام هذه الثورة ولكنها تزايدت بعد الثورة وعلي الأقل اضيف مليون عاطل. وما أسباب ذلك؟ الأسباب ترجع إلي شيئين، الأول اغلاق ما يقرب من ألف مصنع وثانيا: عودة العمالة المصرية من ليبيا. وفي السياق نفسه هناك سبب خامس للأزمة الاقتصادية وهي ارتفاع الأسعار. صحيح كانت مرتفعة قبل الثورة ولكنها ارتفعت أكثر بعد الثورة. حيث وصلت هذه الزيادة إلي 02٪ وأنت تعرف ان اغلاق هذا العدد الكبير من المصانع نتج عنه بطالة وقلة انتاج وقلة تصدير، وبالتالي هذا ما أدي إلي نقص الاحتياطي النقدي. علامات الخوف إذن أنت تخاف علي مصر؟ سوف أحدثك عن كل ما تطلبه بعدما انتهي من حديث الأرقام وحتي لا ننسي شيء. نصل معا للحديث عن انهيار السياحة والتي تعتبر مصدرا أساسيا للدخل القومي في مصر حيث تعطينا حوالي 11٪ من هذا الدخل وهي كذلك مصدر أساسي للتشغيل. حيث يعمل بها 5.3 مليون فرد، ومصدر أساسي للنقد الأجنبي. وأنت تعرف ان السياحة الان قد نقص معدلها حوالي 08٪. وهذا يعني وجود انهيار كامل لهذا القطاع الحيوي. ثم الجنيه المصري والذي انخفض قيمته أمام الدولار واليورو بل أمام كل العملات الأجنبية. مما يتسبب كذلك في ارتفاع الأسعار في الداخل. ليس ذلك فقط بل هناك أيضا توقف الاستثمارات الأجنبية. وأنا هنا اتحدث عن الاستثمارات الاجنبية المباشرة. وعايز أقول إنه قبل الأزمة العالمية الأخيرة جاء إلينا 5.31 مليار دولار استثمارات. أما اليوم فقد وصل المبلغ إلي صفر!!. وكذلك انهيار البورصة وخسائر بالمليارات يوميا. وهذا وضع طبيعي لأن البورصة تعكس حالة الاقتصاد القومي ثم تزايد الدين العام الداخلي والخارجي، والداخلي تجاوز التريليون جنيه وحوالي مائة مليار. وهذا رقم مرعب في أقل وصف. أما الخارجي فقد تجاوز ال53 مليار دولار واذن نحن هنا أمام مؤشرات تنبيء جميعها بأننا نعاني من وضع اقتصادي خطير. وإذا ما استمر بهذا الشكل فسوف يكون أخطر ما يمكن علينا. رئيس الوزراء السابق ألم تكن كل هذه الأخطار والمؤشرات المرعبة يعرفها رئيس وزراء مصر السابق؟ اعتقد انه كان يعلم بها لأن هذه الرؤية أو هذه الأرقام موجودة ومصدرها الأجهزة التابعة للحكومة وهي مصادر رسمية. وإذا لم تكن تعرض عليه فهذه مصيبة وإذا كانت تعرض عليه ويغمض عينيه فالمصيبة أكبر. مع اعتقادنا السابق بأن كل ذلك كان يعرض عليه.. وهنا سؤال يفرض نفسه.. ولماذا لم يتحرك ولاذ بالصمت هو ومن كانوا حوله؟ ولماذا هذا الصمت؟ والله لا أعرف!.. وهنا اتساءل مثلك إذا كنت انا رئيس وزراء وأري هذا الموقف الخطير أمامي ولا أتحرك.. وهل انشغاله بالأمور الأخري هنا وهناك سواء في التحرير أو في العباسية. وهل لم يكن يعرضون عليه هذه الحقائق؟ وهل لم يكن يقرأ؟!. وهل لم يكن لديه فكر اقتصادي. المجموعة الاقتصادية وهل المجموعة الاقتصادية التي كانت حول د.عصام شرف لم تكن هي الأخري تعلم بذلك؟ بالقطع كانوا يعرفون لأنها أشياء متاحة وموجودة. ولماذا تراهم لم يتحركوا من وجهة نظرك الشخصية؟ لا أعرف وأنا نفسي مندهش مثلك!.. فكيف يعرفون كل هذه الأخطار ولا يتحركون؟! وماذا عن الحلول؟ حين أحدثك عن هذه الحلول ارتبها لك.. فأقول رقم واحد: استعادة الأمن، وكل الحلول الأخري التي سوف أقولها لك بعد ذلك فهي مرتبطة بالأمن. لذلك فإننا ان لم نستطع استعادة الأمن فسوف يفشل الباقي لانه وفي ظل الانفلات الأمني لن يأتي سائح ولا مستثمر ولا حتي المواطن المصري سوف يشارك في هذه الاستثمارات، وفي ظل هذا الانفلات أيضا لن تنهض البورصة ولن يعاد فتح المصانع التي أغلقت. اذن وكما قلت لك فان جميع الحلول في روشتتي الخاصة بالعلاج هي تبدأ بالأمن. وهل لنا ان نسميها خريطة طريق؟ طبعا يمكن ذلك. هي بالفعل خريطة طريق لعلاج هذه الأزمة الاقتصادية وتفاصيلها التي تأتي بعد الأمن الذي لابد ان يشارك فيه المواطن أيضا بجانب الحكومة.. إلي جانب وزارة الداخلية وقياداتها وعلي الوزير ان يتابع تنفيذها يوميا. وفي هذا السياق أيضا أقدم لوزير الداخلية روشتة ترتبط بعمل الداخلية. وهي ضرورة ان يستعين بخريجي كلية الحقوق من أجل العمل كضباط لسد النقص الموجود الآن. ان لدينا الآن الآلاف من خريجي الحقوق ليس لهم عمل، وفي نفس الوقت انا في حاجة إلي ضباط شرطة. اننا بهذه الخطوة يمكن ان يكون لدينا عشرة آلاف ضابط لمدة 4 سنوات.. وفي هذا السياق سوف اخبرك بشيء ربما لا يعرفه الكثيرون وهو ضرورة إعادة فتح معهد امناء الشرطة المغلق منذ 5 سنوات وبأمر من حبيب العادلي. هؤلاء الشباب الجدد هم الذين سوف يجددون دماء الشرطة. أضف إلي ذلك ضرورة اعطاء الثقة لضباط الشرطة الموجودين بالخدمة. ولا ننسي في هذه المنظومة دور الاعلام. وللأسف هناك بعض القنوات الفضائية التي تعلن عداءها للشرطة. وحين نعود للحديث عن بقية ملامح خريطة طريق الاصلاح الاقتصادي أقولك انه بعد تحقيق الأمن علينا كذلك تحقيق الاستقرار السياسي. الاستقرار.. الاستقرار وكيف يمكن لنا تحقيق هذا الاستقرار؟ ضرورة استكمال انتخابات مجلس الشعب، وانتخابات مجلس الشوري ثم إعداد الدستور وبعد ذلك انتخابات رئاسة الجمهورية ثم المحليات. ولو نجحنا في الانتهاء من كل ذلك خلال الستة أشهر القادمة في ظل شفافية ونزاهة سوف يساهم ذلك في انقشاع الضباب الموجود حاليا وبالتالي سوف يعرف كل إنسان سواء في مصر أو في خارجها أين نحن نسير!! وربما هذه الوسائل الخمسة سوف تجيب علي هذا السؤال والذي نسمعه الآن كثيرا وهو إلي أين تسير مصر الآن؟!. وهل في تصورك أن مدة الستة أشهر كافية للوصول إلي ما تتحدث عنه؟ طبعا كافية جدا لأنه خلال الستة أشهر نستطيع بالفعل تحقيق الاستقرار السياسي في مصر. تكليف وزير الداخلية لو كلفت رئيسا للوزراء مرة أخري.. ما هو أول قرار سوف تأخذه وينفذ فورا؟ أول قرار هو تكليف وزير الداخلية باستعادة الأمن خلال 3 أيام علي الأكثر. أما اقتصاديا فهو رفع الحد الأدني للأجور، ولو بمبلغ بسيط في حدود ما تسمح به الظروف الحالية. ثم تحديد الحد الأقصي للدخول. هذه الخطوة سوف تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية وفي ارضاء الشارع المصري. وانت تعرف انني كنت رئيسا للوزراء منذ 52 عاما ولا يعلم أو لا يذكر أحد انني كنت قد أصدرت قرارا بتحديد حد أقصي للدخول في الجهاز الحكومي والقطاع العام والهيئات الاقتصادية والمحلية ب51 ألف جنيه. هذا القرار طبق فعلا علي الجميع. وعندما تركت الوزارة ألغوه في اليوم التالي!!. وحين نعود لاستكمال الروشتة أو خريطة الطريق أقولك اننا ذكرنا من قبل عودة الأمن ثم الاستقرار السياسي وثالثا توعية وتعبئة الجماهير. عيال الحكومة وماذا يعني ذلك؟ الحكومة وحدها لا تستطيع ان تفعل شيئا، كما يجب ألا نجعل المواطنين عيال للحكومة، أي لا نجعل المواطن يعتمد علي الحكومة وكأنها أمه وأبوه. ان الحكومة ليست بابا وماما.. لابد من ان تعمل معي وكل في مجاله وميدانه. ان الكل لابد له وان يعمل ويتحول المجتمع إلي خلية نحل. انما نستمر في المطالبات الفئوية وفي الاضرابات والمظاهرات والاعتصامات ونغلق الشوارع ولا نعمل. ثم نطالب بالفلوس وحل المشاكل. فهذا لا ينفع. اننا الان نعيش في عصر المسوات المفتوحة وكل ما يحدث عندنا يتم نقله بسرعة في الخارج وبالتالي يؤثر سلبيا علي حركة السياحة والاستثمار. لازم المواطن يعرف كل ذلك. وفي رأيك هل يتمكن الدكتور الجنزوري من تحقيق هذه الخطوة؟ ليس وحده.. علينا جميعا هذه المسئولية فليس من المعقول ان يظل الدكتور الجنزوري يتحدث عن ذلك بالليل والنهار وحده. وطبعا الاعلام عليه دور كبير ومهم في هذه المسئولية. وفي إطار حديث الخروج عن هذه الأزمة نصل معا إلي تحقيق العدالة الاجتماعية. وكنا قد ذكرنا من قبل أن من سمات هذه العدالة هي اعادة الحد الأدني والأقصي للأجور ولكن هناك عوامل أخري وسهلة ويتم تنفيذها بسرعة منها العودة إلي الضريبة التصاعدية والتي ألغاها للأسف الشديد يوسف بطرس غالي. وقد عارضته عندما كنت في مجلس الشوري وقلت له حرام عليك وإعادة العمل بهذه الضريبة يجب ألا يكون مبالغا فيها، علي ان يكون الحد الأقصي لها هو 03٪. الضرائب وأنواعها وهل الضرائب التصاعدية غير ضريبة رأس المال؟ طبعا. التصاعدية ضريبة علي الدخل. ويتبع ذلك زيادة حد الاعفاء من ضريبة كسب العمل، ثم الضريبة العقارية التي سوف يتم تطبيقها بعد أيام. وهل أنت شخصيا مع فرض هذه الضريبة أو ضد فرضها؟ أنا مع هذه الضريبة بعد تعديلها.. بزيادة قيمة المبني المعفي ففي القانون الحالي 005 ألف جنيه.. هذا المبلغ لا يساوي شراء شقة غرفتين وصالة. واقترح ان يتم رفعها إلي مليون ونصف المليون. ثم اعادة النظر في ضريبة السكن الخاص. اذن انا مع تطبيق هذا القانون بعد تعديله لانه سوف يحقق لنا العدالة الاجتماعية، وترتبط أيضا بما سبق أن ذكرته عن العلاج ضرورة ترشيد الانفاق وإعادة الأولويات. خاصة ما يتعلق بالانفاق الحكومي والسفر إلي الخارج. وعلي فكرة هذه القرارات تم اخذها عشرات المرات.. المهم فقط هنا التنفيذ. ودعني أسألك.. هل هناك من يستطيع الآن ان يجبر الوزراء الجدد علي ركوب سيارات فولكس فاجن؟ أنا عملتها وعندما كنت وزيرا للمالية نفذت هذه الخطوة. خطوة مهمة وهل تري ألا يستطيع أحد تنفيذ مبدأ ترشيد الانفاق الحكومي؟ هي خطوة مهمة وتحتاج إلي شخصية قوية. ولابد ان يعقب هذه الخطوة ضرورة حجب استيراد السلع الكمالية أو زيادة الرسوم الجمركية عليها. انني أحدثك عن الأمور العاجلة وبما ان هذه الحكومة، هي حكومة انقاذ فلابد ألا أحملها ما لا تستطيع ولكن لابد ان تبدأ في التفكير في ترشيد الدعم باعتباره بالوعة تشفط ما لدينا ويا ليت يصل إلي مستحقيه. ودعني أضرب لك مثالا واحدا نعيشه الآن وهو أزمة البوتاجاز.. فهل تعلم ان هناك فرقا بين ما لدينا من غاز طبيعي وبوتاجاز ان الأغلية ربما لا تعرف هذا الفرق. ان الغاز الطبيعي لدينا منه فائض نصدره. أما غاز البوتاجاز فهو شيء مختلف ومصر تستورده من الخارج. وثانيا ان كمية البوتاجاز الموجودة بالاسطوانة الحكومة تستوردها ب04 أو 05 جنيها حسب السوق.. ثم تبيعها ب5.2 جنيه. والذين يبيعونها ب03 أو 05 جنيها هم عبارة عن مافيا ويكسبون مليارات من دم الشعب وهذا حرام. من هنا اطالب بضرورة إعادة النظر في كل ذلك. لماذا نفشل كثيرا في اتمام ما نبدأه.. فهل ليس لدينا كوادر تحقق ذلك؟ طبعا.. وذلك بسبب غياب معرفة علم الإدارة وبأسلوب سليم. اذن ما طالبته به آنفا لا يمكن ان ينجح في ظل هذا الغياب؟ ان الجزء الأكبر مما ذكرته هو قرارات فوقية سواء من رئيس الوزراء أو من رئيس المجلس العسكري. المستقبل القريب والبعيد نريد ان تحدثنا عن رؤيتك للمستقبل القريب والبعيد؟ فما هي تفاصيل هذا الحديث؟ والله أنا متفائل لان ثورة 52 يناير كانت ثورة سلمية بيضاء. اضافة إلي كونها كانت ثورة تكنولوجية، لانها اعتمدت علي الوسائل الالكترونية الحديثة مثل الانترنت والفيس بوك. وربنا وفقهم. كما ان ربنا كان معنا ولا شك في ذلك والسبب الثاني في هذا التفاؤل هو قيام القوات المسلحة بحماية هذه الثورة فلم يحدث عندنا مثلما حدث في ليبيا وسوريا واليمن. أما بالنسبة لمثل هذه الاصلاحات فأنا أعتقد ان الحكومة الحالية سوف تحاول جاهدة تحقيقها من أجل نجاحها وثانيا ربما نطالب بعودتها مرة اخري. ان الدكتور الجنزوري لو نجح وفي خلال عدة أشهر سوف يساهم في استمراريته بل وتحقيق بقيقة طموحه. ما هي نسبة نجاح الوزارة الحالية في تحقيق بعض احلام الناس في الشارع؟ أقولك بصراحة.. أنا لا استطيع ان أحدد ذلك لان 09٪ من الوزراء الجدد لا أعرفهم. وأنا أتمني لهم التوفيق. وماذا عن فرص نجاح رئيس الوزراء الحالي؟ الدكتور الجنزوري أنا أعرفه من زمان.. فهو كان وزيرا وانا كنت رئيسا للوزراء. وله عدة صفات حميدة. فهو نظيف اليد، وعف اللسان ولديه القدرة علي العمل. اضافة إلي قدرته علي فهم الاقتصاد ولديه ذكاء. انني علي يقين من ان الدكتور الجنزوري قادر علي ان يخرج بنا إلي بر الامان. هذا عن المستقبل القريب؟ فماذا عن المستقبل البعيد؟ أحدثك خاصة عن الوضع السياسي، ان التيار الإسلامي بعناصره الثلاثة الأخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية قد فاز بالأغلبية في المرحلة الأولي ويبدو ان المرحلة الثانية والثالثة سوف تشهد ذلك أيضا. اذن هؤلاء وبعد المراحل الثلاث سوف يصلون إلي ما فوق نسبة ال05٪. وأنا لست متخوفا من وجود التيار الإسلامي وذلك لعدة أسباب منها انهم كانوا ممنوعين لمدة أكثر من 08 عاما. وأنا اعتقد انهم أذكياء وبالتالي لن يصطدموا بالسلطة. انهم يريدون ان يظهروا للناس في الشارع انهم اناس كويسين. انني اعتقد انهم يريدون ان يظهروا أمام الناس أنهم معتدلين وهم يسعون في ذلك من أجل الاستمرارية وعدم التعرض لمشكلة حل مجلس الشعب والذي يملكه رئيس الجمهورية. انهم يريدون الاستمرار. وما يؤكد ذلك تغيير نغمة الحديث الخاص بهم. فيما يخص قضايا كثيرة عليها الآن خلاف مثل السياحة والبنوك. وأعتقد ان ذلك شيء جيد وهذا ينبئ عن مستقبل طيب ان شاء الله. الانتخابات التشريعية دعنا ننتقل إلي الحديث عن الانتخابات ونسأل سيادتك، هل انت راض عن سير هذه الانتخابات؟ أنا راض عن سير هذه الانتخابات بنسبة تصل إلي 59٪ علي الأقل والكل يشهد انها كانت انتخابات نزيهة وبالتالي لم يحدث تزوير ولكن المشكلة في ظهور بعض التجاوزات. ونتمني ألا نري هذه التجاوزات في المراحل المقبلة. وهل هذه التجاوزات نتجت عن اعتبارها ربما تجربة أولي؟ لأ.. ان لدينا خبرات قبل ذلك. انها بعض المشاكل القليلة وسوف يتم تجاوزها في المراحل المتبقية. وهل لم تفكر في ان ترشح نفسك في الانتخابات البرلمانية؟ لأ.. لم أفكر في ذلك.. صحيح كنت عضوا في مجلس الشوري لمدة عشرين عاما.. كما توليت رئاسة هذا المجلس. فأنا لا أريد شيئا بعد ذلك.. انني أترك الفرصة لغيري من الاجيال الجديدة وعايز أقولك ان لي شعبية كبيرة ويمكن ان أخوض هذه التجربة. إني أفضل ان أعطي الفرصة لغيري. وأنا أقدم خبراتي من خلال أماكن كثيرة داخل المجتمع المدني. اذن هل أنت تحسب من هذه الجهة علي النخبة المثقفة؟ إذا كنت تقصد بالنخبة المثقفة قادة الفكر فأنا من هؤلاء. انني لا أتأخر عن المشاركة في كل ما هو نافع ومفيد لهذا البلد. ما رأيك في مستوي تفاعل الفكر المصري مع حدث الثورة وما تبعه من أحداث؟ مختلف ومتفاوت.. هناك مفكرون وسياسيون يتابعون هذه الأحداث ويشاركون فيها بآرائهم. وهناك من البعض الذين يكادوا ألا يكونوا موجودين انني أري انهم علي الهامش وهذا خطأ.. انه عليهم المشاركة الجادة والفاعلة. وهل هذا الاحجام يتم بفعل فاعل »أم تراه احجاما ذاتيا؟ انه احجام ذاتي وليس فيه ضغط من اية جهة وقد يكون طبيعته سلبيا وقد يكون خائفا من شيء ما.. ولكن لا أحد يتم الضغط عليه. وما هو في تصورك الدور الذي يجب ان يقوم به قادة الفكر في الفترة القادمة؟ أولا: المشاركة في الرأي عن طريق وسائل الإعلام وعن طريق المجتمع المدني.. اضافة إلي ذلك المبادرة بمساعدة من هم تحت خط الفقر في ظل هذه الظروق المالية القاسية جدا.. وتقدر تقول ان هناك عددا لا بأس به من رجال الأعمال هم من رجال الفكر وعليهم المشاركة بأموالهم. وما سبب احجام رجال الأعمال في تحقيق هذه المساحات؟ ان أحدا لم يطلب منه ذلك. وللأسف الشديد لقد اصبح الآن رجل الأعمال تعبير سيء السمعة. ومن المسئول؟ أشياء كثيرة. علي سبيل المثال المحاكمات والأحكام التي صدرت من مجلس الدولة بان تسترد الحكومة شركات تم خصخصتها. والحكومة نفسها اعترضت علي ذلك ورفعت قضية أمام القضاء الإداري من أجل ألا تسترد هذه الشركات. إذن انت ضد هذا لمبدأ؟ أقولك.. ان الشركات التي تمت خصخصتها لا يجوز ان تستردها الحكومة.. وذلك لعدة أسباب منها التأثير السييء علي مناخ الاستثمار. وثانيا: من أين للحكومة ان تأتي بالأموال المطلوبة لاسترداد هذه الشركات وهي الأموال التي دفعها المستثمر الذي اشتراها من قبل. وثالثا: العمالة التي خرجت من هذه الشركات تحت مسمي المعاش المبكر. فكيف تعيده إلي عمله من جديد بعدما أخذ أموال هذا المعاش. انها 3 مشاكل خطيرة وموجودة وبالتالي الحكومة نفسها رفعت قضية أمام الإدارية العليا تطالب فيها بأنها لا تريد استرداد هذه الشركات. وهل الدكتور علي السلمي هو المسئول؟ انه تسبب أيضا في مشكلة وثيقة التعديل الدستوري. دعنا سيادة رئيس الوزراء نختتم هذه المحاورة المفيدة بسؤالك عن الجامعة.. وكيف الطريق إلي اصلاحها حتي يمكن لها ان تساهم في نمو المجتمع؟ انه سؤال مهم وكبير ويحتاج إلي ندوة موسعة لمناقشته وإنما سوف أعطيك بعض النقاط السريعة منها ضرورة تعديل مرتبات اساتذة الجامعات والمعيدين. وقد سعدت بذلك التصريح الذي أدلي به وزير التعليم العالي الجديد عندما أكد انه سوف يعمل علي زيادة المرتبات. أضف إلي ذلك ضرورة اصلاح ما تسبب فيه الدكتور مفيد شهاب عندما شرخ الجامعات المصرية عندما تحدث عن استاذ متفرغ واستاذ غير متفرغ. لقد كان ذلك بمثابة كارثة علي الجامعات. ولذلك أخبرني الوزير الجديد بعد تعيينه أن أول شيء سوف يقوم به هو اصلاح هذه الخطوة. وثالثا: ضرورة زيادة الامكانيات وميزانية التعليم العالي. فمادمنا قبلنا التعليم المجاني فلابد ان نصرف عليه. ما رأيك في قضية مجانية التعليم خاصة في مرحلة التعليم العالي؟ أنا في رأيي ان الظروف الحالية لا تسمح بفتح هذا الموضوع ولكن بعد ان تتحسن ظروفنا وتهدأ عايزين نعيد النظر في مجانية التعليم.. ولماذا؟ هناك اليوم اناس يدخلون أولادهم في مدارس خاصة وبمحض ارادتهم ويدفعون لهم مقابل ذلك آلاف الجنيهات في مقابل التعليم المجاني وعندما يحصل علي الثانوية العامة يدخل الجامعة مجانا!!. فهل هذا يعقل وهل هذه عدالة اجتماعية. عندئذ يكون لدينا أول خطوة في الاصلاح بتقديم ورقة رسمية مع التنسيق اذكر فيها أين كنت واسم المدرسة وهل هي حكومية أم خاصة؟! وكم كنت أدفع في هذه المدرسة الخاصة؟!. فإذا كنت تدفع مثلا عشرين ألفا فعليك فورا دفع هذا المبلغ للجامعة.. وعندما أحصل علي هذه الأموال التي يدفعها القادرون سوف استخدمها لراحة الفقير وأيضا تحسين التعليم الجامعي. وهل لم تناقش هذه الفكرة مع احد من قبل؟ لقد ناقشت هذه الفكرة مع مبارك نفسه.. وكان دائما ما يرفض. لقد كان يخاف من تنفيذ هذه الخطوة. ولذلك أري انها تحتاج إلي شخصية قوية. اذن انا صاحب هذه الفكرة خلال النظام السابق يعني من زمان ولم يأخذ بها أحد خوفا وارتعاشا!. وهل هذه خطوة أولي لضمان مشاركة الجامعة في تنمية المجتمع؟ أرجو ان يكون ذلك آخر سؤال.. وعلي أية حال أقولك أولا، ضرورة الاستفادة من كم الابحاث التي تقدم للترقية في الجامعات. ان لدينا ربما سنويا 09 ألف بحث ولا أحد يقرأ ولا أحد يريد ان يستفيد. ان المطلوب ضرورة ان يكون لدينا من يقرأ هذه الأبحاث كي يستخرج منا ما يمكن ان نستفيد منه. وثانيا: ضرورة التنقيب عما تم تقديمه من اختراعات للاستفادة منه. خاصة بالتعاون مع رجال الاعمال الذين يمكن ان يتبنوا هذه الاختراعات من أجل تنفيذها. ورابعا: الاهتمام بالمتفوقين في كل مراحل التعليم. من هنا نستطيع ان نقول ان المجتمع نفسه مسئول عن عدم مساهمة الجامعة في خدمة هذا المجتمع.