قبل بدء تنسيق المرحلة الأولى.. اعرف خطوات ترتيب الرغبات بموقع التنسيق    مستقبل وطن بالبحيرة يُنظم مؤتمراً جماهيرياً لدعم مرشحي الحزب بمجلس الشيوخ 2025    تنسيق الجامعات 2025.. ننشر الجامعات والمعاهد المعتمدة لطلاب الثانوية العامة    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    سعر الذهب اليوم الجمعة 25 يوليو 2025 بعد آخر انخفاض محليًا وعالميًا    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    حفر 3 آبار لتوفير المياه لري الأراضي الزراعية بقرية مير الجديدة في أسيوط    مصر ترحب بإعلان الرئيس الفرنسي اعتزام بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية    «القاهرة الإخبارية»: الوفد الإسرائيلي غادر بعد تلقيه رد حماس    «جروسي»: من الضروري إعادة العلاقات الطبيعية مع إيران    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    إصابة عضو بلدية الضهيرة بجنوب لبنان بإطلاق نار إسرائيلي    «ريبيرو» يعقد محاضرة للاعبين قبل لقاء البنزرتي    تقارير: الفتح يستهدف ضم مهاجم الهلال    عبد الحميد معالي ينضم لمعسكر الزمالك بعد وصوله للقاهرة    رفع 32 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال حملات بالمحافظات    مصرع طفل وإصابة 3 شباب في تصادم بالشرقية    يهدد سلامة المواطنين.. محافظ الجيزة يوجه بضبط «الإسكوتر الكهربائي»    الداخلية تنفي شائعات الاحتجاجات داخل مراكز الإصلاح والتأهيل    بعد أزمتها الصحية.. مي عز الدين تدعم أنغام بهذه الكلمات    «الألكسو» تعلن اليوم العربي للثقافة رمزا للوحدة والتكاتف بين الشعوب    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    بطابع شكسبير.. جميلة عوض بطلة فيلم والدها | خاص    عرض أفلام تسجيلية وندوة ثقافية بنادي سينما أوبرا دمنهور ضمن فعاليات تراثك ميراثك    حكم الصلاة خلف الإمام الذي يصلي جالسًا بسبب المرض؟.. الإفتاء تجيب    «إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    «التأمين الشامل» توقع عقد اتفاق تقديم خدمات مع كيانات طبية بالإسكندرية (تفاصيل)    ملحمة طبية.. إنقاذ شاب عشريني بعد حادث مروّع بالمنوفية (صور)    تقنية حديثة.. طفرة في تشخيص أمراض القلب خاصة عند الأطفال    300 جنيه للمادة....بدء أعمال تظلمات طلاب الثانوية العامة يوم الأحد المقبل    شاب ينهي حياة والده ضربا بعصا خشبية في المنيا    مصرع عنصر شديد الخطورة بعد تبادل نار في أسيوط    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    اسعار الحديد والاسمنت اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    أسعار البيض اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    لتنمية وعي الإنسان.. جامعة قناة السويس تنظم تدريبًا حول الذكاء العاطفي    رونالدو يصل معسكر النصر في النمسا    آية شقيقة مطرب المهرجانات مسلم: تزوج 3 مرات    الليلة.. الستاند أب كوميديان محمد حلمي وشلة الإسكندرانية في ضيافة منى الشاذلي    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    "نتائج قديمة".. جامعة قنا تنفي شائعة رسوب 71 % من طلاب كلية الطب    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    إلكترونيا.. رابط التقديم لكلية الشرطة لهذا العام    في عمر ال76.. سيدة أسوانية تمحو أميتها وتقرأ القرآن لأول مرة (فيديو وصور)    مسئولو جهاز العاشر من رمضان يتفقدون تنفيذ مدرسة النيل الدولية وامتداد الموقف الإقليمي    «100 يوم صحة» تقدم 14 مليونا و556 ألف خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    موجة حارة شديدة تتسبب بحرائق في تونس    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    طريقة عمل بلح الشام، باحترافية شديدة وبأقل التكاليف    رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    بعد عمي تعبان.. فتوح يوضح حقيقة جديدة مثيرة للجدل "فرح أختي"    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    وسيط كولومبوس كرو ل في الجول: صفقة أبو علي تمت 100%.. وهذه حقيقة عرض الأخدود    تفاصيل صفقة الصواريخ التي أعلنت أمريكا عن بيعها المحتمل لمصر    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدگتور علي السمان رئيس مؤسسة الحوار بين الأديان :
الفتنة الطائفية تطل برأسها عندما يتدخل فيها الخارجون علي القانون! المجلس العسگري ينحاز لمشروع الإمام الأگبر والبابا شنودة بشأن دور العبادة
نشر في الأخبار يوم 27 - 10 - 2011

بينك وبين المياه مسافة قليلة، رغم الارتفاع الهائل للمكان الذي كنا فيه وبينك وبين المقطم أيضا ربما مسافة أقل رغم البعد الشاسع بين شارع النيل بالقرب من مديرية أمن الجيزة وجبل المقطم. كل هذه الصور وغيرها تراها بوضوح وأنت تجلس إلي جانب أو أمام رجل الإعلام البارز وحامل هموم الدعوة إلي التعايش السلمي بين الأديان، الدكتور علي السمان، وذلك في منزله المطل علي نيل القاهرة وعلي ارتفاع 91 دورا. وما يجعل ما تراه أمامك حقيقة واقعة هو ما يحيط بك من أجواء الفخامة والتي تملأها تلك الرسومات واللوحات العربية وكذلك التماثيل سواء النحاسية أو العربية رغم غربته الطويلة خاصة في فرنسا.
وعلي الموعد المحدد بيننا التقينا.. ودار الحوار الذي اقترب كثيرا من مسائل وقضايا ومشكلات تبحث فعلا عن حلول جذرية ومشاركة فاعلة من كل رموز المجتمع ومن مثقفيه. وقد حرص الدكتور السمان علي أن يكون معنا صريحا للغاية وأن يكون كذلك أمينا فيما نقله وينقله حتي فيما يخص رؤيته الشخصية عن رحلته في عالم السياسة وكذلك عن رؤيته المستقبلية لحياتنا الحزبية التي يستعد لدخولها بحزب جديد يجري حاليا الإعداد له.. فتعالوا إلي التفاصيل:
الأستاذ الدكتور علي السمان أنت اليوم ضيف علي مائدة حوارات جريدة »الأخبار«.. فبماذا نبدأ؟!
أولا يهمني جدا أن أقول لك.. انني اقرأ جريدة »الأهرام« وأحب »الأخبار« لأنني أكتب فيها. ليس ذلك فقط. بل لعلك تتعجب أن زوجتي الفرنسية والتي تعلمت اللغة العربية.. قد فاجأتني بأن أول ممارستها لقراءة العربية كانت من جريدة »الأخبار«. ولما سألتها.. لماذا لا تقرأين الأهرام؟ أخبرتني بأن طريقة الكتابة في »الأخبار« تسهل الاستيعاب للقراء.
إذن هذه شهادة فرنسية؟!
- ده صحيح وهي تقصد طريقة الاخراج الصحفي في الاخبار والتي تتميز بأنها تسهل مهمة القاريء في استيعاب ما تعرضه الجريدة من اخبار وموضوعات.
علينا الآن أن نبدأ ونسألك.. عما يثار بين الحين والحين عن مؤسسة الحوار بين الديانات.. وماذا تؤديه من دور في هذا المجال؟! فما هو؟!
أقولك.. انني حاليا رئيس لجنة الحوار بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية، وقبلها حينما وفقنا الله في التوقيع بين الأزهر والفاتيكان في عام 8991.. أنشأنا اللجنة الدائمة في الأزهر لحوار الأديان. وكان رئيسها الشيخ فوزي الزفزاف وكيل الأزهر وأنا كنت نائب الرئيس.. أما دوليا فعندي مؤسسة الحوار بين الأديان الثلاثة وتعليم السلام وهي الموجودة في باريس. ثم حدث تغيير خاص بهذه المؤسسة، وقد أصررت علي أن يكون هناك حوار ثقافات وأديان. وبالتالي أصبح الاسم الرسمي لها هو المؤسسة الدولية لحوار الثقافات والأديان وتعليم السلام.
تذويب الثلوج
وهل في تصورك يمكن أن تنجح مثل هذه المؤسسات في تذويب الثلوج المتراكمة بين اتباع الأديان ؟!
شوف.. أصارحك كعادتي.. إذا ما سألنا أنفسنا بأمانة سوف نقول: لما لم ينجح الحوار.. أو بمعني أصح لما لم تنجح هذه المؤسسات في مهمتها حقيقة. لأنه حوار النخبة. والنجاح الحقيقي لدور مثل هذه المؤسسات أنه كان ينبغي أن يستبدلها من حوار النخبة إلي الحوار مع القاعدة العريضة من الجماهير.
وهل هناك مشاكل تؤجل ذلك ؟!
أكمل لك.. ولكي يفعل هذا الحوار ويثمر كان لابد أن يكون هناك تعاون علي مستوي كبير بين المدرسة خاصة انني اعتبر أن الكتاب المدرسي هو جزء من الحوار.
الكتاب المدرسي
إذن أنت تقصد ضرورة وجود دور للدولة؟!
ليس الدولة فقط، بل الدولة والمجتمع. فالكتاب المدرسي لم يكن أبدا محل اهتمام في جهات التعليم في مصر. وأصارحك أن آخر محاولة مني لإصلاح الكتاب المدرسي تمت مع الوزير د. أحمد زكي بدر ووافق، بالتعاون مع نجيب سويرس الذي كان سوف يدعم المشروع. ثم جاءت الأحداث وانشغل الناس وتوقف ذلك مؤقتا. ثم مؤخرا جددت المحاولة مع الأخ وزير التربية والتعليم الحالي. وأتمني أن يسمح وقته لمناقشة هذا الموضوع المهم والذي يعتبره البعض نوعا من الرفاهية.
وكيف تسود روح التسامح ؟
لقد ذكرت لك من قبل دورين مهمين وبقي دوران آخران هما المدرسة والبيت والذي اعتبر دوره أساسيا للغاية. وثالثا.. وقد يكون أهمهم هو شاشة التليفزيون والإعلام إذا أعتبرهما المدرسة الشعبية الكبري في مجتمع نسبة الأمية فيه عالية.
وهل تتصور إن غياب هذه العوامل يتم بشكل متعمد أم يتم عن جهل؟!
إنه يتم عن عدم وعي بالشيء. وثانيا لتاريخ هذا الشعب الذي يقوم علي مركزية الدولة. وهذا معناه غياب أجندة الأولويات لدينا. وعلي فكرة هذا قدر مصر.
وكيف يمكن لنا تحقيق كل ما أشرت إليه؟!
انها تتطلب من عقلاء ومثقفي مصر أن يكون لهم دور ولهم صوت. وبالتالي لابد أن يبدأوا هم بأنفسهم من خلال اهتمامهم بهذه القضايا واعطائها الأولوية. وهذه أمور ليس لها مكان بارز بالنسبة لهم. فضلا عن أن كلمة الأديان تجعل هناك حذرا داخل أوساط المثقفين. في حين تجدني أري أن حوار الأديان والأمن القومي شيء واحد.
الاعتراف بالآخر
ما موقف المؤسسة التي ترأسها والمعنية بحوار الأديان.. من قضية الفتنة الطائفية والتي تكاد تعصف بمقدرات هذا الوطن؟!
أولا.. أنا لا أوافق علي تسميتها بالفتنة الطائفية. انني أطلق عليها تسمية ثانية ومختلفة وهي: الاعتراف بالآخر.
إذن هناك أزمة الاعتراف بالآخر وليس بأزمة للفتنة الطائفية؟!
طبعا.. لأن الأزمة الطائفية تأتي حينما يتدخل فيها الخارجون علي القانون والبلطجية. وبالتالي يصبح لدينا في الشارع عنف جسدي، وخلط للأوراق.. حينئذ.. تصبح اسمها عمليا فتنة طائفية ولكن لا يوجد مثل هذه الفتنة الطائفية في ضمير الإنسان المصري.
هذا تعبير مهم جديد ولابد أن نسعي إلي تأكيده ونشره.. أليس ذلك صحيحا؟!
ليس ذلك فقط، بل دعني أقولك ان عدم الاعتراف بالآخر في بلدنا ليس علي المستوي الطائفي واختلاف الدين فقط، بل علي المستوي العام في حياتنا.. حيث أصبح من مشاكلنا الكبري هو رفض الآخر سواء في حياتنا السياسية أو الاقتصادية أو غيرها. ودعني أكون صريحا معك وأقول: يا اخواني إن الحرية والديمقراطية مدرسة نتعلم فيها أولا ثم نمارسها، وإذ لم يعجب هذا التعبير من يقرأ هذا الكلام.. فلا عجب من ذلك.. وإننا أيضا لم نكمل بعد سنة أولي ديمقراطية علي حد تعبير الكاتب الراحل مصطفي أمين.
غياب الديمقراطية
وما السبب وراء ذلك؟!
الحداثة الزمنية. إننا دخلنا هذه المدرسة منذ فترة قصيرة. وقد عشنا لسنوات طويلة في ظل تحديد للحرية، وغياب الديمقراطية. والتي كان يحل محلها ولاء للحاكم ولحزب حاكم كان يسيطرعلي الفكر والحركة والتحاور.
ثم ماذا حدث بعد ذلك؟!
- عندئذ حدث هذا الانفجار.. »الذي أسميته بالانتفاضة وليس بثورة « (تعليق من جانبي). آه وسوف أحدثك عن ذلك فيما بعد بالتفصيل المطلوب بس أولا أؤكد لك أننا حين أخذنا نتعامل مع بعض سقطنا في الامتحان!
ولماذا؟!
وبالتالي.. هنا أقول لكل مثقفي مصر: أتوسل إليكم لا تضيعوا الوقت.. وصراعكم الفكري لابد أن يتوقف. وكفانا ذلك الصراع الذي سوف يبدأ بين من لديهم طموح الوصول إلي مواقع التمثيل الشعبي غدا أو بعد غد. إنه يجب علينا أن نبدأ فورا في تطبيق مبدأ إسلامي مهم يقوم علي دعاء تقول كلماته: »اللهم اجعلنا ممن يقرب ولا يفرق«!
وهل تتصور أن هؤلاء المثقفين يملكون المقدرة لتحقيق ذلك؟!
إنك بسؤالك هذا قد وضعت اصبعك علي المصادر الحقيقية للمشاكل الكبري. لقد ذكرت لك من قبل أننا مازلنا في سنة أولي ديمقراطية وهذا سوف يستغرق بعض الوقت. أيضا أقولك انه ولشدة الأسف: أننا لم نتعود حتي اليوم علي عمل الفريق. حيث يفضل المصري طوال حياته أن يعمل وأن يبدع بمفرده!!
عشرة آلاف عام
ولماذا؟!
إنها ربما ترتبط بتاريخنا والذي يعود إلي عشرة آلاف عام.. ولتاريخ الفراعنة الذي يبدأ دائما بشخص واحد. إذن فكرة التوحد والانفصال عن الآخر تاريخيا في مصر قد بدأت منذ فترة بعيدة، وهنا أوجه حديثي خاصة للمصريين الذين تعلموا في الخارج وعاشوا حياة الفريق هناك: إن علي هؤلاء علي الأقل ألا يسعوا إلي اللجوء لمثل هذا الأسلوب. وبالتالي يكونون هم البداية. ولكن هناك أيضا صعوبة. وتعرف أن مثل هؤلاء حتي عندما يعودون إلي مصر، ربما ينسون ذلك.
ومن المسئول.. هل المجتمع؟ هل نحن؟! وهل النظام؟.. أم أن هناك مسئولين آخرين؟!
أنا أريد يوما ما أن يكون لدينا جرأة المواجهة مع الذات. وبالتالي علينا أن نتساءل.. من نكون؟! وأين نحن ذاهبون؟! وتعرف لو أن هذه المواجهة قد تمت علي مستوي العشرات من الناس ثم تعددت وانتشرت إلي المئات. عندئذ سوف تكون تلك خطوة نحو التصحيح؟!
غياب الإجابات
الأستاذ الدكتور علي السمان.. أنت تعرف أننا كثيرا ما نتساءل وفي حالات كثيرة لا نجد من يجيد الإجابة.. لماذا؟!
هذه الاجابات لابد أن تأتي من داخلنا نحن، ومن داخل العقل الباطن.. وعلينا كذلك ضرورة الاعتراف بالآخر.. ليس ككيان فقط بل كفكر.. عندئذ.. حينما يتحدث علينا أن نستمع إليه. ونؤمن بكل تواضع أن ما سوف يقوله سوف يفيدنا، وما قد يختلف فيه يكون لأسباب وجيهة! ودعني أحدثك عما نعيشه الآن، إن ما نعيشه فعلا الآن يعتبر نقطة تحول بالغة الأهمية والخطورة، ويجب ألا نخفي أن الأمة منقسمة انقساما خطيرا بين من يريدون انتماء وتحركا وتصويتا إسلاميا.. ومن يعتقدون أن نتيجة هذا التصويت قد تكون ضارة بمستقبل من يعتبرون أنفسهم أنصار الدولة المدنية وأقصد أقباط مصر والمرأة. إن هذا انقسام خطير.
المأزق والخروج منه
وكيف لنا الخروج؟!
أنا علي مسئوليتي.. قد وضعت اقتراحا غير تقليدي.. ومن المؤكد أنه خارج السباق الحالي. هذا الاقتراح أقول فيه: أننا لكي نوفق بين هذا التناقض الذي يقوم علي من ينادي بالدولة الإسلامية والدولة المدنية لابد من وجود جهة تحقق هذا التوازن. وفي ظل الديمقراطية التي نسعي إلي تحقيقها.. يكون من حقنا التوجه إلي صانع القرار الحالي وهو المجلس العسكري ونطالبه بأن يوضع في الدستور مادة تؤكد أن الجيش سيظل ضامنا للدولة المدنية.. خاصة بعد أن يسلم السلطة. وكذلك لابد أن يكون ضامنا للحرية والديمقراطية. بحيث من يأتي بعد ذلك لكي ينقض علي كل ذلك.. يجد أمامه رادعا دستوريا.. دعني أقول كلمة خير خاصة بالمشير طنطاوي وأرجو ألا تفسر علي انها نفاق. هذا الرجل طوال عمره وحتي وجوده داخل مجلس الوزراء طوال الفترة الماضية كان من الذين ولايزالون ينحازون إلي البعد الاجتماعي.. وهذا ما نحن أحوج إليه الآن، بل وبصفة مستمرة ويمكن انحياز المشير طنطاوي للبعد الاجتماعي كان سببا في ذلك الصدام المستمر والمباشر مع وزير مالية النظام السابق يوسف بطرس غالي.
الإرادة الشعبية
من واقع حديثك السابق.. أعتقد أنك في شك من تحقيق ما تنادي به من اقتراح.. لماذا؟!
لا.. أنا أعرف أن كل شيء يمكن أن يتم من خلال الإرادة الشعبية وبممارسة ديمقراطية.. ولدينا الفيس بوك الذي يمكننا من سرعة الاتصال بالرسائل، وعن طريقه يمكن أن نتظاهر من أجل الدعوة لهذا الاقتراح أو هذا المبدأ السامي الجليل والذي اعتبره خير ضمان لأمن هذا البلد.
وأين دور المثقف المصري من تبني هذا الاقتراح؟!
ياريت وأثناء مولد سيدي الانتخاب.. يتم الترويج له.
دعنا نقترب قليلا من أفكارك السياسية خاصة وقد قرأت انك بصدد التفكير في إنشاء حزب سياسي. فما صحة ذلك؟!
لم يحدث ذلك.. إن ما حدث يدخل في اطار قصة طريفة.. حيث غضب ثوار 52 يناير من تعبيري الخاص بأنها انتفاضة وليست ثورة.. وعندما جاءتني الفرصة كي أوضح هذا الرأي في التليفزيون المصري، قمت بذلك، وبالتالي فسرت التلقائية بأنها انتفاضة وبأنني لا أقصد الانتقاص من هذا العمل، وبصراحة أقول لهم اليوم.. إنني قلق علي هؤلاء الثوار خاصة من جانب من سيركب هذه الثورة، وبالتالي أخشي أنه بمرور الوقت سوف يصبحون جزءا من تاريخ مصر وليس من حاضرها!! وهذا ظلم كبير. ولذلك أقول لهم تعالوا نرتب الأولويات في هذا البلد، فما رأيكم من أن يكون هناك اجماع آراء مجتمعي وأن ما نريده بداية هو .. اقتصاد واقتصاد واقتصاد. لأنه لا يعقل أن يحل محل هؤلاء الشباب من تسببوا في انهيار الاقتصاد. وعندما استمعوا لهذا التصحيح جاءوني هنا في منزلي وطلبوا مني أن أتعاون معهم، خاصة أنني كنت قد بدأت قبل هذه الثورة مشروعا خاصا بلقاء الأجيال، ومن ثم أخبروني بأنهم قد كونوا حزبا من الشباب، وعرضوا عليّ أن أتولي رئاسته، فرفضت لأنني أقف بجوارهم من منطلق تواصل الأجيال. وأن فكرة رئاستي لحزب في هذه السن هو خارج عن دائرة تفكيري. وقد رفضت ومنذ بداية رحلتي الانضمام إلي أي تنظيم سياسي بدءا من الاتحاد الاشتراكي وكذلك الحزب الوطني.
حزب رجال الأعمال
إذن توقفت فكرة تكوين هذا الحزب؟!
لم يحدث علي الاطلاق.
ألم تفكر في إعادة إحياء هذه الرغبة؟!
اطلاقا.
ولم تفكر في ترشيح نفسك؟!
وأيضا اطلاقا. وعايز أقولك أن بعض رجال الأعمال الشرفاء قد جاءوني وطلبوا مني أن نشكل حزبا من هؤلاء الشرفاء الذين تحدثت عنهم في الاعلام، فقبلت الفكرة بشرط أن ينضم الي الحزب عدد من شباب ثورة 52 يناير فوافقوا علي الفور والموضوع حاليا في طريقه إلي التنفيذ. ورفضت أيضا أن أتولي رئاسة هذا الحزب، لأن دوري هو إعطاء الرأي والمشورة.
وما ملامح هذا الحزب الذي يتم الإعداد لتشكيله؟!
لا توجد مثل هذه الملامح، بل ولم نتفق بعد علي اسمه. وعايز أقولك: ان الدافع الحقيقي وراء تشجيع هذه الخطوة هو الأخذ بهؤلاء الشباب إلي الحياة وهم من الذين لا يملكون الأموال. وهي خطوة مشروعة للزواج بين السياسة وبين رجال الأعمال الشرفاء. هؤلاء الذين يمثلون عددا كبيرا جدا. لأنه اتضح أن الموجودين من غير الشرفاء يبلغ عددهم ربما خمسمائة فقط.
الثورة الثانية
لقد قرأت انك قد دعوت إلي قيام ثورة ثانية. بعد ثورة الشباب. فهل تقصد بها تلك الصحوة؟!
نعم.. هذه الثورة الثانية تأتي لتقول: لقد مارسنا وفهمنا أن هناك أولويات مع ضرورة الاتفاق مع عقلاء هذه الأمة علي أن هذه الأولويات هي الانتاج والاقتصاد.
تقصد ثورة ثقافية؟!
لا.. هي ثورة مجتمعية. وإذا لم نهتم بذلك سيحل محل هذه الثورة ثورة الجياع والتي لا تبقي ولا تذر.
وكيف لنا أن نفجر هذه الثورة المجتمعية التي يمكن أن تحقق لنا هذا المستقبل المشرق؟!
هذه الثورة المجتمعية لابد لها من شرط أساسي وهو ضرورة أن يكون لدينا اجتماع وانحياز إلي الأولوية الأولي، والتي تأتي قبل الانتاج وهي عودة الأمن إلي الشارع المصري.
ثورة مجتمعية
وما أهم الملامح التي تراها لمثل هذه الثورة المجتمعية؟!
عندئذ (اعتدل في جلسته وصمت قليلا): ضرورة وجود اجماع لأمة تؤازر فكرة أولوية الأمن، وأن نشعر كل المسئولين عن هذا الأمن أننا في حاجة إليهم، ليس كشعار ولكن كواقع. وآسف أن أقولك أن هناك العشرات من الجهات في هذا البلد تعمل علي تحطيم فكرة الأمن. وعايز أؤكد لك أن هناك بالفعل من يريد لهذا البلد كل الشر. لأنه حين نخرج من تجربة الانتخابات القادمة بنتائج مشرفة واستقرار كل الأمور. سوف تصبح مصر دولة عملاقة بالفعل. وهناك من لا يريد لنا ذلك.
الفتنة والنظام السابق
دعنا نختتم هذا الحوار المهم بسؤال يعود بنا إلي حديثك الأول عن رفض الآخر. أو ما يسميه البعض بالفتنة الطائفية. هل النظام السابق كان وراء فكرة انتشار ما نسميه برفض الآخر؟!
إن مشكلة النظام السابق كانت باستمرار تتبلور في العنصر الزمني الطويل. من حيث اصدار القرار وتنفيذه. وهنا لابد أن نتوقف أمام نقطة محددة وهي التحقيق في حالات الاعتداء علي الكنائس، وأقولها بصراحة.. معقول أن نأخذ كل هذا الوقت من أجل البحث عن جرائم الفاعل الحقيقي، معني ذلك أن التأخير في مثل هذه القضايا ومحاكمة المتسببين لها. وفضح ماقاموا به قد تسبب في ميلاد غضب أقباط مصر. وعايز أقولك أكثر من ذلك أن ما حدث بعد ذلك هو مختلف بكل المقاييس. حيث تم الافراج عن الاخوان وهم فئة منظمة ومن العقلاء.. ثم دخل كذلك السلفيون. وأنت تعرف ان الشعوب تبقي في ذاكرتها تعبيرات سيئة الحظ. فمثلا حين يأتي بعض هؤلاء كما يقولون ان الأقباط الذين لا يرضون العيش في هذا البلد عليهم تحضير جوازات سفرهم لأمريكا وكندا فمهما كان الاصلاح بعد هذا الكلام ستبقي هذه العبارات. وأنا أعرف مسيحيين وهم أصدقاء أعزاء من بين هؤلاء. ولن أتخيل في يوم من الأيام أن يتركوا هذا البلد. هذه التصريحات تسببت في إحداث قلق، كما تسببت أيضا فيما حدث وأيضا وليست هذه التصريحات فقط هي التي كانت سببا في أحداث ماسبيرو، طبعا.. هناك تتابع بين ما حدث قبل الثورة، ثم جاءت أسباب أخري أكدتها.
التطرف المتبادل
هناك من يقول أن المفكر المسيحي هو أحد المسئولين عن غياب قبول فكرة أصحاب الرأي الآخر؟! فما رأيك في ذلك؟!
إنني لا يمكن أن أقول أن الأخطاء كانت في جانب واحد لأن التطرف كل لا يتجزأ.. هناك تطرف هنا وتطرف هناك. وكما قلنا بصراحة.. إذا كنت أقف بجانب الأقباط الذين يتحدثون عن تأخير التحقيقات ونتائجها، أقول أيضا: أكيد انه ليس من حق المسئولين عن الكنائس مثلا أن يبنون مركزا لخدمة اجتماعية ثم يتم تحويلها إلي كنيسة. والنقطة الثانية.. إننا في مرحلة لابد فيها أن نستجيب لصوت العقل والذي تمثل في أيامنا الأخيرة في شيخ الأزهر الدكتور الطيب وقداسة البابا وذلك عندما اجتمعا فتوصلا فيما يخص قانون العبادة إلي ما لم تتوصل إليه حكومة في أعوام سابقة طويلة. وأتمني ألا تأتي الحكومة الحالية ويكون لها موقف غير ذلك حيث سمعت أن لها مشروعا آخر في هذا السياق.
إذن أنت من معارضي قانون دور العبادة الموحد؟!
إننا في حاجة إلي اصدار قانونين منفصلين.. ولا مانع من وجود شيء مشترك.بينهما وقد تحدث شيخ الأزهر عن ذلك بقوله أننا فقط محتاجين لقانون ينظم بناء الكنائس. تم ذلك في لقائي مع شيخ الأزهر في وجود الدكتور بطرس غالي، وفي لقائي مع قداسة البابا. وقد أصابني القلق حين علمت بما تنوي عليه الحكومة بخلاف ما تم الاتفاق عليه.. ثم استرحت قليلا.. حينما تم مؤخرا ذلك اللقاء بين المشير طنطاوي وبين قداسة البابا، وآمل وأنا متأكد من ذلك.. أن البابا قد تحدث بصراحة عما تم الاتفاق عليه مع شيخ الأزهر، ولقد علمت مؤخرا بأن المجلس العسكري مع جهاز الأمن القومي قد تبني مشروع الإمام الأكبر وقداسة البابا بشأن قانون العبادة. والذي يعطي استقلالا لأصحاب الديانتين في إقامة دور العبادة والمعروف ان اللواء مراد موافي رئيس جهاز المخابرات قد قام بدور تنسيقي فعال بين المجلس العسكري والقيادات الدينية والحكومة. وعايز أقول أيضا بأن الفاتيكان في جلسته القادمة كان سوف يناقش أوضاع المسيحيين في مصر بدون التدخل في سيادة الدولة. وقد أبلغت الفاتيكان وبصفتي رئيسا للمؤسسة الدولية لحوار الثقافات والأديان بما قام به المجلس العسكري وجهاز الأمن القومي وكذلك جهود الإمام الأكبر وقداسة البابا شنودة لإقامة التوازن والسلام بين المسلمين والأقباط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.