في انتخابات مجلس الشعب عام 2005 تعرض الرئيس المخلوع حسني مبارك لضغوط دولية لضمان نزاهة الانتخابات، وبالفعل كانت المرحلة الأولي للانتخابات علي قدر كبير من النزاهة، وأسفرت عن نجاح 80 مرشحا من الاخوان المسلمين، ولو استمرت بقية المراحل بنفس الدرجة من الشفافية لحصل الاخوان علي نصف مقاعد البرلمان وقتها علي الاقل، ولكن مبارك استخدم نتيجة المرحلة الاولي كفزاعة يخيف بها المجتمع الدولي من وصول الاخوان المسلمين لغالبية مقاعد المجلس، وكانت النتيجة في باقي المراحل حصول الاخوان علي 8 مقاعد فقط.. لذلك لم تكن نتيجة المرحلة الاولي من الانتخابات الحالية، مفاجأة إلا لمن لا يجيدون قراءة الشعب المصري ولا يفهمون تركيبته،
كما أن هذا التفوق سيتكرر بالتأكيد في المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات. المشكلة ليست في سيطرة الاخوان والسلفيين علي مجلس الشعب، ولا أنهم لبسوا عباءة الدين للوصول لمقاعد البرلمان، فهذه هي الديمقراطية التي نحلم بها، وهذا اختيار الشعب الذي يجب علينا احترامه .. ولكن المشكلة الآن أننا تركنا مشاكل وأزمات تكاد تعصف بالوطن ، وانشغلنا في الحديث عن الحلال والحرام، وهل ستطبق الشريعة الاسلامية؟ وهو مايعود بنا الي الخلف بسرعة الصاروخ، فهذا الجدل سيكون وبالا علي مصر، لأنه لن يحل مشكلة ولا يصنع مستقبلا. اللعب بورقة الدين لدغدغة مشاعر البسطاء ممكن، ورفع الشعارات الدينية للحصول علي مكاسب انتخابية جائز، ولكن المسئولية جسيمة علي كل من نجح في الحصول علي ثقة الشعب، ليمثله في أخطر وأهم برلمان، يتواجد فيه رجال سياسة وليس علماء دين.. فالمرحلة القادمة في غاية الصعوبة، والمفروض أن يكون نواب الشعب علي قدر المسئولية وأن يطبقوا الديمقراطية التي سعوا طويلا من أجلها، وأن يسمحوا بالرأي والرأي الآخر، والاختلاف معهم مجرد خلاف مع بشر وليس مع الله، ومن يخالفهم في الرأي فهو معارض وليس كافرا!