تمني الشعب حريته.. كانت الحرية هي المطلب الأول في ثورته.. وإذا به بعد اقل من سنة ينعم بالحرية.. والعدالة.. والنور أيضا.. النتائج التي افرزتها الانتخابات البرلمانية اسعدت الكثير.. واقلقت الكثير ايضا.. لذلك كلما وجدت اثنين.. كان الحديث بينهما عن الانتخابات.. وكيف فاز التيار الاسلامي الممثل في حزبي الحرية والعدالة.. والنور.. وكيف حدد المواطنون طبيعة الحكم في المرحلة القادمة. السعداء بهذه النتيجة يرون ان جماعة الاخوان المسلمين وجماعات السلفيين عانت الكثير قبل ثورة الاطاحة بنظام مبارك.. وان اجهزة امن الدولة كانت تركز علي ابعاد كل من له خلفية اسلامية او مرجعية دينية من العمل العام.. والسياسي.. وربما من الحياة كلها.. لذلك كان طبيعيا أن يكونوا هم البديل في حال تغير النظام.. ثم ان الناس تعاطفوا معهم وهم يرونهم يدفعون ثمن تمسكهم بمبادئهم.. ثم يواصلون ويصرون ويتقربون من الناس أكثر وأكثر.. اما القلقون من هذه الانتخابات فبالطبع لديهم كل الحق في القلق.. ليس لانهم غير مسلمين.. او مسلمين معتدلين.. ولكن لانهم مؤمنون بمصر المتسامحة.. الوسطية، التي لا تصبغ كل شيء بالدين.. ولانهم يريدون ان يروا مصر دولة ديمقراطية حديثة.. وهو تعبير جديد يعني الدولة المدنية.. وهو ايضا تعبير جديد يعني الدولة اللادينية. وسيبقي هذا الصراع موجودا في مصر.. ليس فقط خلال اسابيع الانتخابات.. ولكن بعد ذلك.. لان امامنا قضية تشكيل الحكومة.. واختيار لجنة تأسيسية لاعداد الدستور.. وصياغة الدستور نفسه.. وانتخاب رئيس جمهورية.. ثم بعد ذلك قرارات كثيرة قد لا يتفق عليها كل الناس. 60٪ او 65٪ من مقاعد البرلمان لا شك يمثل أغلبية واضحة.. وظاهرة لكل ذي عينين.. ولكن ال 40٪ الاخري لها حقوق مثلما للأغلبية حقوق.. والمركب التي هي مصر.. تحمل الكثير.. فان هي عامت فسوف تعوم بالجميع.. واذا غرقت - لا قدر الله - فسوف تغرق بالجميع.. نتمني ان تعوم مصر.. علي الاقل في تلك المرحلة.. لانها مرحلة حرجة.. مرحلة تتشكل فيها افكار جديدة.. وتيارات واتجاهات جديدة.. لذلك فان علي الاغلبية ان تطمئن الاقلية.. وعلي الاقلية الا تقلق.. فهذه الانتخابات ليست نهاية المطاف.