كنت ومازلت مؤمنا أن مصر لم يحتكرها فصيل سياسي أو فئة من المصريين وإنما هي ستظل دوما للجميع باختلاف عقيدتهم الدينية أو السياسية، فالوطن أرحب ويتسع للجميع، نختلف فيه أو نتفق ولكن نعيش جميعا داخله ولم أفقد إيماني بذلك مهما حدث ولم يدهمني التشاؤم في أي وقت من الأوقات علي وطن تاريخه ممتد آلاف السنين ولديه حضارة نباهي بها الأمم ورجال نفخر بأنهم عاشوا وتربوا في هذا الوطن. من هذه العقيدة أدون ملاحظاتي اليوم علي الأحداث التي عاشتها مصر طيلة الأسبوع ومازالت حتي الآن، شباب ثائر لعدم تنفيذ مطالبه الثورية حتي الآن وسلطة تحملت مسئولية وطن دون أن تطمع في هذه المسئولية في أي وقت وإنما تسعي لأن تعبر به نحو الاستقرار بعد ثورة أطاحت بنظام ديكتاتوري لتنادي بالحرية والديمقراطية فاستعجلت النتائج واعتبرت التمهل تباطؤا وصل إلي حد التواطؤ من جانب الجهة التي تتولي مقاليد السلطة في الوقت الذي لم تكن الحكومة التي شكلت برئاسة ثائر من أبناء التحرير علي قدر من المسئولية في إتخاذ الإجراءات أو التدابير التي تدفع الوطن للأمام وغرقت حكومة شرف في فكرة كونهم حكومة تيسير أعمال فأصبح هدفه ووزرائه محاولة دفع الأمور دون أن تكون قراراتهم علي مستوي الميدان الذي أتوا منه وعاشوا فيه ثورته.. ووسط مناخ عام من التخوين من الجميع حدثت أحداث الجمعة ومر اليوم في سلام وبدأت الأحداث في التصاعد عصر السبت حينما قررت وزارة الداخلية فض اعتصام من قرروا الاعتصام في التحرير بالقوة وعلي الهواء مباشرة في القنوات الرسمية والفضائية وهنا بدأت الأحداث. إشتعل الموقع الإجتماعي تويتر بالدعوة لمساندة من يتم طردهم من الميدان بالقوة ولأن هذا السلاح الإلكتروني جبار في نقل المعلومة كانت الحشود تتجمع في زمن قياسي لنصرة أبناء التحرير!! وقبل أن نستقبل ليلا جديدا كان الميدان مليئا بالبشر من جميع الأطياف وإنسحاب كامل للأمن وهنا يبرز السؤال لماذا هذا العنف في البداية طالما سيتم الإنسحاب في النهاية والأغرب تصريح السيد شرف الذي يطالب فيه الداخلية بعدم إستخدام العنف!!!! وكأنه نسي أنه رئيس الوزراء وهو الذي يصدر القرار ولا يطلب، ويتصدر المشهد فجأة المجلس العسكري ليصبح طرفا في أحداث عنف التحرير بعيدا عن الجدل السياسي الذي كان مطروحا بينه وبين القوي السياسية قبل هذه الأحداث فاختلط الأمر وأصبح هناك فصيل يحاول الانتقام من عنف الداخلية وآخر يسعي لتحقيق مكاسب سياسية وفصيل ثالث وهو الأخطر الذي يروج للشائعات ويزيد من اشتعال الأزمة في الميدان حتي ولو كان علي حساب الوطن. وراحت الفضائيات تنقل معارك شارع محمد محمود علي الهواء واستغل البعض ممن لم تدركه الثورة الأحداث ليلحق في الرمق الأخير بأذيالها ويزايد حتي علي من في الميدان!! وأصبحنا في مفترق طرق مابين أطراف متشابكة لا يملك طرف حلا بمفرده ولا يرتضون جميعا بحلول خاصة بعد وقوع شهداء ومصابين يفوقون في أعدادهم من استشهدوا أو أصيبوا في جمعة الغضب والتي أطاحت بمبارك وأجبرته علي التنحي. المشهد كارثي بكل المقاييس والحلول صعبة ولكنها ليست مستحيلة أولها علي الإطلاق ألا ننتظر وجود هذه الشخصية الوجودية في عالم إفتراضي ولا تأتي أبدا والتي صورها سارتر الكاتب الوجودي الأشهر وحتي يتحقق ذلك لابد أن يشارك الجميع في حل الأزمة وأن يكون هناك رأي نتفق عليه وأن تكون الحكومة الجديدة لديها رؤية للمستقبل والأهم ان يهدأ التحرير فالقادم أسوأ مما ندركه الآن في ظل هذا التناحر المبث علي الهواء مباشرة لحظة بلحظة والذي ينذر بكارثة حال استمرار الأمور كما تجري الآن. لقد بتنا في حاجة ماسة إلي زعيم نتوحد خلفه ونؤمن به وننصت له في زمن أصبح وجود الزعيم الحقيقي حلما مستحيل حدوثه. نحن في انتظار جودوو،