رغم إصرار أبرز نزلاء سجن جوانتانامو علي إنكار أو تقليص من أعطوه الاسم الحركي: أبو أحمد الكويتي، إلاّ أن وكالة المخابرات المركزية سي آي إيه شككت في هذه الاستنطاقات الإجبارية، وتساءلت: »وماذا لو كانت هذه الشخصية حقيقية، ويمكن عن طريقها الوصول إلي أمير الإرهاب العالمي: أسامة بن لادن؟«. واقتناعاً بإيجابية هذا السؤال أطلقت وكالة المخابرات الأمريكية، عام2005، حملة ال: بكانون بولا التي ترمي إلي زيادة عدد عملائها في أفغانستان وفي باكستان. وبالطبع.. زيادة العدد ليس مقياساً لإنجاز العمليات. فلقد ثبت لدي قيادة وكالة المخابرات وقيادة القوات العسكرية أن مجموعة صغيرة تضم محترفين في الإرهاب والترويع مثل تنظيم القاعدة حققت أهدافاً متميزة، وبالتالي فإن الانتصار عليها يتطلب تنظيماً مشابهاً.. كما قال الجنرال ستانلي ماكريستال، نائب القائد العام للقوات الخاصة: JSOC) ).. آنذاك. في عام 2007نجح التنظيم السري لوكالة المخابرات الأمريكية في الإمساك بطرف خيط يمكن أن يقودهم إلي الشخص الخطير الذي يعرف باسم: أبوأحمد الكويتي. فقد استطاعوا الكشف عن اسمه ولقبه الحقيقيين، توطئة لالتقاط مكالماته الهاتفية، واعتراض رسائله الإلكترونية. عامان كاملان احتاجهما الأمريكان لتحديد المنطقة الشاسعة التي يمكن أن يكون أبوأحمد الكويتي أن يقيم في إحدي مدنها أو قراها! وأمضوا عاماً ثالثاً قبل مد اصبعهم للإشارة عن بعد إلي مكان إقامة الإرهابي المطلوب في جهة نائية من مدينة آبوتاباد الباكستانية. وتعليقاً علي هذا التأخير قال رئيس وكالة المخابرات الأمريكية حينذاك مايكل هايدن »إن الطريق الطويل الذي قطعناه لم يبن ببلاطة بعد بلاطة، وإنما بطوبة بعد أخري!«. مقر إقامة أبوأحمد الكويتي كان عبارة عن فيلا من ثلاثة طوابق، تحولت إلي قلعة محصنة، بأسوارها، وإظلامها، وسواد نوافذها، وشرفاتها الأكثر سواداً بشبابيكها الحديدية وتشابك أعوادها المعدنية.. بالإضافة إلي ارتفاع أبوابها وإحكام إغلاقها تحت سمع وبصر حراسها. المبني يسكنه ثلاث عائلات. عائلة أبوأحمد الكويتي، وعائلة شقيقه، أما العائلة الثالثة فلم تستطع وكالة المخابرات الأمريكية التعرف علي هوية أفرادها من رجال ونساء وأطفال. وقيل آنذاك أن شخصية مهمة تقيم في الطابق الثالث. وماذا لو تبين أنه أسامة بن لادن نفسه الذي يحرص علي الإقامة مع نسائه ووسط أطفاله ويمل بسرعة الإقامة بعيداً عنهم. أجهزة التنصت الأكثر تطوراً وتعقيداً لدي الأمريكيين فشلت وعجزت عن التقاط كلمة أو همسة من داخل الفيلا. ليس هذا فقط.. بل تبين أن زيادة الحس الأمني لدي سكان الفيلا منعهم من مد خط تليفوني أرضي أو هوائي. كما حرموا أنفسهم من استخدام الحاسبات الآلية ومن خدمات الإنترنت. وعندما يريد أحدهم الاتصال تليفونياً فعليه الابتعاد بسيارته عن الفيلا والمنطقة كلها لمسافة طويلة تستغرق ساعة ونصف الساعة علي الأقل، قبل أن يعيد بطارية هاتفه المحمول إلي مكانها! حتي القمامة كانت تلقي منهم معاملة خاصة. فهي لاتتجمع كالعادة داخل الأكياس ثم تترك أمام مدخل المبني انتظاراً لوصول جامعها لالتقاطها، وإنما كان سكان الفيلا يتخلصون منها حرقاً داخل أسوارهم ضماناً لعدم تعرف الآخرين علي بقايا ما أكلوه، وشربوه، ولبسوه، وقرأوه، أو كتبوه! .. وللحديث بقية.