عندما بدأ الإنسان عملية التحول من الهمجية إلي التحضر.. وعندما بدأ الإنسان تكوين أول حكومة في التاريخ سواء كان ذلك في مصر القديمة أو في سومر علي اختلاف بين المؤرخين. عندما حدث ذلك التحول الهائل الذي أصبح فيه الإنسان إنسانا بعد أن كان وحشا كان أول جهاز تم إنشاؤه في الحكومة رقم »1« في التاريخ هو جهاز الأمن.. لم يطلب الإنسان شيئا آخر.. فقد كان الإنسان في ذلك الزمن السحيق يتولي إطعام نفسه ويوفر لنفسه المسكن والملبس ولا يطلب أي شيء من الحكومة سوي الأمن.. وتطور الأمن علي مر العصور حتي أصبح في الدول الحديثة أهم جهاز وأخطر جهاز واكفأ جهاز.. فهو الذي يحمي الإنسان الشريف من الإنسان المجرم وهو الذي يجعل من الدولة دولة وبدونه ترتد الدولة لتعود إلي ما كانت عليه في فجر البشرية.. غابة يأكل القوي فيها الضعيف يغيب فيها العقل.. وتظهر فيها العضلات.. تختفي فيها القيم.. وتنمو فيها الاظافر والمخالب والأنياب.. الشيء الذي يدعو للأسف اننا في مصر الثورة وبعد أن قطعت البشرية آلاف السنين علي درب التقدم والتمدن تحولت مصر إلي غابة.. اختفي فيها الأمن وتلاشي منها الأمان.. لا أقول إن ذلك خطأ الثورة فالثورة أدت مهمتها العظيمة ولكني أقول ان الخطأ الأكبر فيما يحدث الآن هو خطأ الحكومة التي لا يمكن ان نطلق عليها سوي حكومة الفوضي.. ان القبضة الرخوة فتحت الباب لآلاف المجرمين وهم مجرمون من نوع جديد لم نسمع به من قبل.. لقد كان المجرم في السابق يضربك أو يقتلك لسبب إما ليسرقك أو ليثأر منك أو لتدخلك في الدفاع عن شخص آخر.. ولكننا نري اليوم مجرمين يقتلون دون أي سبب.. يعترض طريقك ثم يطلق عليك النار.. أو يطعنك بسكين ثم يمضي دون حتي أن يسرقك.. نري اليوم مجرمين من سائقي الميكروباص يترك المكان الخالي إلي جوار الرصيف ليقف وسط الشارع.. ونري سائقا آخر ينطلق خلف سيارتك ليصدمك ثم يمضي دون أي سبب ونري مجرما في عز الظهر يخطف سيدة في سن أمه.. أو فتاة في عمر ابنته.. أنواع جديدة من المجرمين بلا عقل.. بلا قلب.. بلا أي ذرة من الإنسانية.. كلهم مسلحون وكلهم وحوش.. وكلهم يتزايدون يوما بعد يوم.. نري اليوم مجرمين يتجمعون من كل فئة يهتفون ضد كل شيء يتركون العمل دون أن يحاسبهم أحد يصرخون ويشتمون ويلوحون بقبضاتهم.. كل ذلك من أجل حفنة جنيهات مع أنهم يعلمون أن الدولة تشرف علي حافة الافلاس.. وفي كل شارع يقف بلطجي يفرض سطوته ويفرض الاتاوات علي المارة.. كل ذلك يحدث اليوم في مصر.. والحكومة مشغولة باعداد الوثائق.. وباللقاء مع الأحزاب الكرتونية التي اصبح مؤسسوها أشبه بالاراجوزات »75« حزبا ليس بينها ما يمكن ان يسمي حزبا سوي اثنين أو ثلاثة والباقي مجرد شخص ولافتة.. وكلها مشغولة بالعمل للحصول علي جزء من »الكعكة« لم يحاول حزب واحد ان يحشد اعضاءه في مجموعات للدفاع عن الشارع وللتصدي للوحوش الآدمية التي تعبث بحياة الوطن والمواطنين.. لقد أكدت كل هذه الأحزاب بسلبيتها انها فشلت فشلا ذريعا حتي قبل ان تصل إلي مقاعد البرلمان لقد وصلنا إلي درجة لم يعد يهمنا فيها لا أي وثيقة ولا أي برلمان ولا أي انتخاب ولا حتي رغيف العيش.. ان الشعب وصل إلي الحافة.. انه يطلب الأمن.. الأمن أولا وقبل كل شيء فمن أجل ذلك انشئت في الأصل الحكومات ومن أجل ذلك قامت في الأصل الدول.. ومن أجل ذلك قامت في البدء كل الثورات ومنها الثورة المصرية التي تتعرض الآن للسرقة تحت سمع وبصر حكومة الفوضي أو حكومة القبضة الرخوة.. ان الأمن لا يفرض بالأمنيات، والأمان لا يتحقق بالبيانات والمناشدات.. ان الأمن يحتاج إلي قبضة قوية حازمة وصارمة وقادرة وإلا وصلنا إلي ما يريد القابعون في ليمان طره أن نصل إليه وهو الفوضي.. ان الذين يحتشدون اليوم في مظاهرات واعتصامات ووقفات ويقطعون الطرق ويهددون الآمنين كل هؤلاء خونة.. خونة لبلدهم وخونة لشعبهم وخونة لثورتهم والمجرمون الذين يسرقون ويخطفون ويقتلون خونة وكل هؤلاء يجب التصدي لهم وقتلهم إذا لزم الأمر.. انني اقول هذا الكلام لا خوفا من..... ولا خوفا علي.... وإنما أقوله مخلصا من أجل كل مواطن شريف لم يعد يأمن علي نفسه أو عرضه أو ماله أو أسرته. ولله الأمر