في اليوم الرابع بعد هجمات 11سبتمبر عقد الرئيس الأمريكي اجتماعاً في مكتبه البيضاوي تلقي فيه من مدير وكالة المخابرات المركزية ملفاً علي غلافه صورة لأسامة بن لادن، الذي وعد بوش شعبه بأنه [لن يهدأ إلاّ بعد القبض عليه وتقديمه لأيدي العدالة]. وزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد أبدي ملاحظة في هذا الاجتماع أيد فيها الانتقام من بن لادن، كأحد الإرهابيين المسئولين عن الهجمات.. وليس المسئول الأوحد، حتي لا يتصوّر البعض أن الهدف من الحرب الوشيكة تنتهي بتصفية هذا الإرهابي، وهذا غير حقيقي لأن الحرب ضد الإرهاب الإسلامي بصفة عامة وليست ضد شخص واحد. الرئيس الأمريكي أبدي تفهماً لوجهة نظر وزير الدفاع لكنه لم يأخذ بها لأن القبض علي بن لادن حياً أو مقتولاً يمثل أهمية كبري في الحرب علي الإرهاب، باعتباره المخطط والممول والمشرف علي تنفيذ هجمات 11سبتمبر. ولأن تلك الحرب الشاملة ستطول ولا نعرف متي تنتهي فالمهم ألاّ تتأخر نتائجها الإيجابية. فالإعلان السريع عن تصفية إرهابي خطير مثل بن لادن سيعطي مصداقية لهذه الحرب. كانت الأجهزة الأمنية قد قدمت لبوش قائمة رموز الشر تتضمن 22اسماً علي رأسهم: أسامة بن لادن، ونائبه:أيمن الظواهري، وذراعه العسكري: محمد عاطف. وهي القائمة التي احتفظ بها الرئيس الأمريكي في أحد أدراج مكتبه. يحدثنا مؤلف كتاب »اغتيال قادة دول أجنبية بأيدي وكالة ال CIA « إيتان دوبوي عن تلك الأيام القليلة والمثيرة التي سبقت الغزو الأمريكي لأفغانستان فيقول إن المسئول عن قطاع مكافحة الإرهاب في ال»سي آي إيه« كوفر بلاك يعرف بن لادن ويتابعه أولاً بأول منذ تسعينيات القرن الماضي، وهاهي فرصته الآن لتنفيذ ما سبق فشله فيه. استدعي كوفر بلاك مجموعته المسئولة عن عمليات شرق أفغانستان، وأمرها بالسفر فوراً إلي أفغانستان، عبر أوروبا، وحدد لقائدها جاري برنتسن هدفين لفرقته. الهدف الأول: استطلاع الاستعدادات المبدئية للغزو الأمريكي لأفغانستان. والهدف الثاني: تنفيذ الأمر الذي يحمل توقيع الرئيس جورج بوش بتصفية قائمة رموز الشر ال 22 جملة أو فرادي. وجاءت تعليمات بلاك لبرنتسن كالآتي: [نريد تصفيتهم في أسرع وقت. ابحثوا عن بن لادن، ويجب عثوركم عليه. أريد رأسه في صندوق صغير]. وتصوّر برنتسن أن رئيسه يمزح معه، فسأله عما إذا كان جاداً في طلبه؟ فرد مدير قطاع مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات: كوفر بلاك، قائلاً: [كل الجدية. فأنا أريد أن أمسك برأسه وأقدمها للرئيس بوش]. المدهش كما قرأت في الكتاب أن المسئول عن مجموعة الاغتيال حرص، فور وصوله إلي أفغانستان، علي ذكر العديد من العلب الكرتونية وآلة صنع الثلج.. ضمن قائمة المعدات والامدادات المطلوب من الوكالة إرسالها لهم! من جانب آخر.. سارعت وزارة الدفاع بتنفيذ قرار غزو أفغانستان بدءاً بإرسال وحدات من القوات الخاصة ذات الخبرة الطويلة في اصطياد الأفراد والمجموعات، مع تعليمات مشددة من مجلس الأمن القومي في واشنطون بتلافي الوقوع في أخطاء تسبب خسائر بشرية لأناس أبرياء من الإرهاب والإرهابيين. وزيادة في الحرص .. طلب المجلس من قائد تلك القوات الحصول مسبقاً علي موافقته بالنسبة للعمليات التي تمثل خطورة علي أرواح أعداد كبيرة من الضحايا. المحظور علي القوات الخاصة، كان مسموحاً به لمجموعة الاغتيال التابعة لوكالة ال»سي آي إيه« فليس مطلوبا من قائدها أو من أحد أفرادها الإبلاغ المسبق والاستئذان في إطلاق النار علي أسامة بن لادن أو غيره من رموز الإرهابيين المطلوب تصفيتهم وقطع رءوسهم ونقلها مجمدة بالثلج في علب من ورق الكرتون المقوي. .. وللحديث بقية.