الغالبية من ابناء هذا الوطن الذين أيدوا الثورة وساندوها وكانوا سببا في نجاحها اصبحوا يؤمنون بأن الدعوة إلي المليونيات أصبحت لا معني لها إلا اذا كان مردها الرغبة في ان يسود جو من الفوضي وعدم الاستقرار. كل الدلائل والشواهد والظواهر تشير إلي انه لم يعد هناك من هدف للداعين إلي هذه المليونيات سوي اظهار العضلات والتنافس القائم علي غير اساس بالسيطرة علي الشارع المصري. لقد استنفدت كل دواعي نصب هذه المليونيات خاصة بعد سقوط النظام السابق وتقديم رموزه إلي القضاء عن كل الجرائم سواء كانت فسادا أو استغلال نفوذ أو قتلا للمتظاهرين الذين شاركوا في الثورة وليس في عمليات البلطجة ونشر الفوضي وارهاب المواطنين وتعطيل مرافق الامن عن القيام بمهامها. لابد ان نعترف بانه قد حان الوقت لوقف عمليات الاثارة التي اضطلع بها الاعلام والتي كانت سببا في الدفع بالوطن إلي حالة من الضياع وتشجيع القوي الفوضوية علي ان يكون لها دور لا تستحقه في حياتنا. ولا يمكن بأي حال من الاحوال إنكار حالة الجنون التي اصابت هذا الاعلام وجعلته يتخلي عن المبادئ والحرفية وينساق إلي اقصي الحدود نحو المبالغة وعدم المصداقية وعدم الامانة. نعم لابد ان ندرك ان ما خسرناه خلال الشهور الماضية نتيجة الفوضي وليس الثورة يفوق كل حد وهو ما لا يمكن ان تتحمله امكانات هذا الوطن.. تخلينا عن ضبط سلوكياتنا ولم ندرك ان فاتورة الخسائر التي وصلت إلي مئات المليارات من الجنيهات والدولارات نحن اولي بها لو حكّمنا عقولنا وتحكمنا في افعالنا. كانت هناك حالة من البلادة وعدم المبالاة. الظاهرة الغالبة ان الجميع اختار السير نحو التهلكة ولا احد فكر في ان يقول »ستوب« لحالات التفريط في المصالح الوطنية والقومية. لم نضع اي اعتبار للانخفاض في ارصدتنا من العملات الاجنبية والتي تمثل حصن الامان لاحتياجاتنا المعيشية. كانت هذه الارصدة عندما قامت الثورة اكثر من 63 مليار دولار تكفينا لتمويل موارد الحياة تسعة شهور انخفضت لتصل حاليا إلي اقل من 52 مليار دولار وهو ما يعني تراجعا في ضمانات توفر احتياجاتنا المعيشية. يحدث هذا في وقت تعطل فيه الانتاج لاسابيع واسابيع مما يعني انخفاض معدل الناتج القومي بنسبة تصل إلي 03 أو 04٪ خلال هذه الفترة. ونتيجة لاحداث الفوضي وعدم الاستقرار فقد تعرضت صناعة السياحة إلي ضربة قاصمة حيث وصلت خسائرها إلي ما يقرب من 06٪ من ايراداتها التي كانت قد وصلت في العام الماضي إلي 21 مليار دولار لصالح الدخل القومي. بالاضافة إلي ما يقرب من ثلاثة ملايين من فرص العمل التي تعول ما يقرب من ستة ملايين مواطن. ان الشعب الذي سئم الفوضي واستغلالها لنشر الانفلات الأمني وفتح الطريق امام التسلط والارهاب الفكري اصبح مطالبا بان يكون له موقف. الغالبية التي أضيرت من كل ما حدث عليها ان تستيقظ وتتحرك لوقف هذا المد الذي يهدد وجودها ومصالحها ومستقبل ابنائها. لا يجب عليها بأي حال من الاحوال القبول بالاستسلام للمتسلطين الذين كانوا سببا في اشاعة حالة عدم الاستقرار والقلق. هذه الغالبية مطالبة بأن يكون لها موقف »فيتو« يرفض تلاعب قوي المغامرين بمستقبل مصر.. حان الوقت ليرتفع صوت هذه الاغلبية عاليا... كفي.. كفي. ان شعب مصر العظيم يتطلع إلي الديمقراطية الحقيقية وليس الارهاب الفكري انه يعشق الحرية وليس السيطرة والهيمنة.. انه يريد ان يمارس عباداته وفقا لتعاليم الاسلام السمحة البعيدة عن وساطات البشر وان يتعامل مع أخيه المواطن علي اساس من الحب والمواطنة والكفاح معا من أجل رفعة وتقدم هذا الوطن وتحقيق النهضة والتقدم.