لا يخفي علي أحد أن ظاهرة الطلاق قد انتشرت في المجتمع المصري بشكل مفزع وغير مسبوق. تعددت النظريات المفسرة لهذه الظاهرة التي طالت جميع الطبقات والأعمار ولم تعد مقصورة علي الفئات الأكثر تحررا كما كانت قديما. وبعيدا عن الروايات التقليدية التي لم تعد للأسف تثير دهشتنا مثل الخيانة، العنف، البخل، الشك وتدخل بعض عقارب الأقارب، ظهر مؤخرا نوع مستحدث من الطلاق سنسميه مجازا طلاق الاختناق، وقد انتشر هذا النوع كالمرض الذي يهاجم الخلايا ويدمرها ذاتيا دون أن يشعر صاحب الجسد العليل، إلي أن يجد حالته ميئوسا من شفائها بلا مقدمات، يمكننا تشخيص هذه الحالة فور تلقينا الإجابة النموذجية الحديثة من أحد الزوجين، وهي أن الطرف الآخر إنسان رائع يكاد يخلو من أي عيوب ولكن لم تعد لدي صاحب الشكوي القدرة علي الاستمرار تحت السيطرة والحصار طوال الوقت، لأن شريكه أصبح كمن تولي تربية قطة أليفة أو عصفور زاهي الألوان يخشي من هروبه من القفص إلي عالم الحرية، زوج يفترض أن زوجته خلقت من أجله هو وأبنائه وأن سعادتهم فقط هي معيار سعادتها، مما يتطلب بقاءها تحت السيطرة طوال الوقت وما عليها إلا تنفيذ تعليماته الصارمة بدقة متناهية بعيدا عن جريمة التفكير فيما يسعدها، وفي حالات أخري يحدث العكس تماما ونجد زوجة مخلصة ورائعة ولكن الزوج لم يعد قادرا علي الحياة تحت ضغطها المتواصل ومراقبتها له طوال الوقت وتركيزها في كل ما يفعل وافتراضاتها المؤكدة حول خيانته لها أو إضاعته للوقت والمال فيما لا يعود عليها أو علي بيتها بالفائدة، وهنا يظهر شيطان الطلاق ويجعل أحدهما أو كليهما علي أتم الاستعداد للتضحية بالأمان المادي والمعنوي سعيا وراء الحرية دون الإخلال بمنظومة الأخلاق والقيم. فالحرية ليست مطلبا سياسيا فحسب، بل هناك حريات وحقوق أخري غير منظورة ومنضبطة أخلاقيا بحكم الوازع الديني والأخلاقي. هي حرية أن أحيا كما أريد وليس كما يريد الآخرون الذين ينكرون علينا هذا الحق بتدخلهم في اختياراتنا ومراقبة تصرفاتنا، وقد تكون تسمية.... قفص الزوجية..... ذات مغزي لم ندركه إلا مؤخرا بعد أن تحولت بعض قصص الحب التي كللت بالزواج، إلي سجن أو قفص يقضي فيه أحد الزوجين أو كلاهما فترة العقوبة الزوجية تحت السيطرة. عزيزي الزوج، عزيزتي الزوجة، احذرا من تسلل هذا المرض إلي حياتكما لأن نتائجه غير مطمئنة، وليمنح كل منكما للآخر قدرا كبيرا من الحرية ويتركه يعيش كما يريد ويمارس ما يسعده من أنشطة، وإلا هبت رياح الخسارة الفادحة وأطاحت بسعادتكما وباستقرار أطفالكما الأبرياء.