بات ضرورياً في ظل هذه الظروف الراهنة والخطيرة التي تمر بها مصرنا الحبيبة والتي نصبوا فيها إلي القيام بإصلاح اقتصادي شامل عن طريق تشجيع الاستثمار سواء الأجنبي أو المحلي أن نعي جيداً أن هناك خطراً وشيك الوقوع بل خطراً يجد في ظل هذا الفراغ الأمني مجالاً خصباً للتطبيق تحت مسمي الاستثمار وتشجيع رؤوس الأموال. لكن ما هو هذا الخطر؟ وكيف يمكن مواجهته؟ هذا ما سوف نجيب عنه أما عن الخطر الذي نحن بصدد الحديث عنه فهو غسل الأموال!! ولكي نعي كيف يشكل غسل الأموال خطراً علي الاقتصاد والسوق المصري فإنه جدير بنا أن نعرف ما هو غسل الأموال؟ غسل الأموال هو تدوير للأموال غير المشروعة بقصد إخفاء وستر وتمويه المصدر الحقيقي غير المشروع لهذه الأموال!! فغسل الأموال هو كل سلوك ينطوي علي اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو استثمارها إذا كانت هذه الأموال من متحصلات جرائم معينة نص عليها المشرع في قانون غسل الأموال. وبعد هذا التعريف لغسل الأموال بات ضرورياً أن نتناول الآثار السلبية لغسل الأموال سواء من الناحية الاقتصادية أو الناحية الأمنية!! فمن الناحية الاقتصادية فإن الخطر من تداول هذه الأموال القذرة في السوق المصري يكمن في كون ذلك لن يؤدي إلي زيادة القيمة المضافة الحقيقية للاقتصاد القومي ، حيث يتم استخدام هذه الأموال في أنشطة استثمارية لا يحتاج إليها الاقتصاد بالفعل بل أكثر من ذلك فإن هذه الأموال القذرة سوف تنافس المشروعات القائمة علي أموال مشروعة والهادفة إلي تحقيق إنتاج فعلي مستمر وطويل الأجل ، حيث إن ذلك يؤدي إلي إفلاس أصحاب الأموال المشروعة وانسحابهم من السوق فضلاً عن هروب الأموال غير المشروعة في فترة لاحقة بعد تحقيق أهدافها بغسيل تلك الأموال تاركة السوق المصري الأمر الذي يعوق خطط التنمية وتفاقم مشكلات البطالة فضلاً عن انتشار عمليات الرشوة والعمولات التي تصاحب عمليات غسل الأموال، لاسيما أيضا وقوع المجتمع فريسة للتضخم وازدياد قيمه وحجم الأموال المهربة للخارج وخسارة الاقتصاد العائد هذه الأموال!! أما من الناحية الأمنية فإن هذه الأموال قد توجه في تمويل التنظيمات الإرهابية للقيام بجرائم تخريبية القصد منها زعزعة الأمن والاستقرار داخل مصر. وإذا كان خطر غسل الأموال هو ما سبق تناوله علي النحو سالف البيان. فإنه جدير بنا أيضا أن ننتقل إلي الإجابة عن السؤال الآخر وهو كيف يمكن مواجهة هذا الخطر أو بالاحري كيف يمكن مكافحة غسل الأموال في ظل هذا الفراغ الأمني وفي ظل غياب منهج تشريعي يتواكب مع التغييرات والتحولات الاقتصادية العالمية الذي نفتقده ونحتاجه مستقبلاً ونتمني حدوثه وإلي أن يتحقق ذلك فان السوق المصري يجب أن يواجه هذا الخطر من خلال تفعيل رقابة هيئة سوق المال بالتعاون مع قطاع البنوك وذلك للتعرف علي هوية العملاء والتقييم الجيد لمركز ونشاط العميل الذي يرغب في استثمار أمواله داخل مصر ومراقبة حركة أموال هؤلاء العملاء والتغييرات الهامة فيها وأيضاً التطور التاريخي لهذه الأموال!! "وفي النهاية فان الشعب لا يريد استثماراً قذراً نتاج أموالاً غير مشروعة بل يريد استثماراً مشروعا لاموال مشروعة".