والله. إن العين لتدمع والقلب ليهفو الي سماع صوت المشايخ السديس والشريم والثبيتي وهم يتلون القرآن الكريم.. لدرجة أنني اقلب بين الفضائيات في محاولة لسماع صوت هؤلاء.. والاحساس بأنني اعيش معهم في الحرم المكي أو المسجد النبوي الشريف. في عام 0002 طغي علي قلبي وتفكيري بأنه لابد من أداء فريضة الحج وبالفعل تحقق الحلم.. وعشته حقيقة لمدة سنوات متتالية.. في كل عام يأتيني نفس التفكير ويخصص لي الله سبحانه وتعالي بعض الناس الذين يمدون لي يد العون والمساعدة لتحقيق هذا الطلب.. وهذا العام ولظروف خاصة لم استطع السفر وتنازلت عنه لشقيقي الأكبر الذي يحج لأول مرة.. ولكنني عشته من خلال التفكير فيه والتخيل بأنني علي عرفات ثم المزدلفة ثم مني.. أنه شعور جميل.. لا يعيشه الا من جربه من قبل. في أول مرة شددت الرحال الي الأراضي المقدسة برفقة بعض الزملاء علي رأسهم القائد اسامة شلش والنائب حسن بركة عليك ان تدبر أمور السكن.. »لان تأشيرة الحج تكون فردية« وبالفعل واجهنا صعوبات كثيرة.. ولأننا في ضيافة الرحمن.. فقد سهل الكثير من الأمور. عند النظر الي الكعبة لاول مرة تشعر بنور رباني.. وكأنك ملكت الدنيا وما فيها. انها لحظة رائعة.. فيها تزول الحواجز بين العبد وربه.. »ادعوني استجب لكم«.. عند الطواف حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروة.. كل شيء يتم تلقائيا.. الكل يحاول ارضاء الله سبحانه وتعالي.. الكل يدعو.. يبكي.. يبتهل.. الكل ترك أهله وولده والدنيا وما فيها وارتدي ملابس الاحرام.. لا يريد من الدنيا شيئا.. فقط يريد رضا الخالق سبحانه وتعالي. علي عرفات الله.. تلتقي بالحجيج من كل يقاع الدنيا.. علي اختلاف ألوانهم وألسنتهم.. وهم يكبرون..ويبتهلون الي الله سبحانه وتعالي بأن يتقبل منهم حجتهم »الحج عرفة« ثم التوجه الي المزدلفة في المساء ومنها الي مني بعد الفجر ثم رمي العقبة الكبري ثم إلي طواف الافاضة ثم الحلق والتضحية.. انها أوامر ربانية.. ليس من حق احد أن يغيرها.. لان اوامر الله سبحانه وتعالي غير قابلة للنقض. طالما أنها نص قرآني. وطالما أنت في ضيافة الرحمن فعليك المرور علي مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم بالمدينةالمنورة.. والسلام عليه وعلي الصحابة أبو بكر وعثمان وزيارة مقابر البقيع والصلاة في الروضة الشريفة.. إن أهل المدينة فيهم من الكرم الكثير.. وفيهم من الطيبة الاكثر والأكثر.. وقد عشت معهم الأيام الأخيرة من شهر رمضان ورأيتهم كيف يتسابقون لتقديم وجبات الافطار للصائمين بكل مودة واصرار في محاولة لنيل الثواب الاعظم من الله سبحانه وتعالي.. رأيت أطفالهم وشيوخهم وهم يتسابقون لتقديم هذا بكل مودة وإصرار. ان تجربة الحج.. جميلة.. رائعة.. شاقة.. وشاقة جداً ولكن ثوابها يلغي كل المشقة ولأننا في سبيل مرضاة الله نبذل الغالي والرخيص حتي تكون مع من اختصهم الله يوم القيامة بالجنة والفردوس الاعلي. يوم لا ظل إلا ظله. قبل الختام : رحمة الله علي الاستاذ فاروق الشاذلي »عمي فاروق« وأطال الله في عمر الاستاذ صبري غنيم الكاتب الصحفي.. فقد كانا أول من ساعدني في أداء فريضة الحج لاول مرة.