قدرنا أن تظل عبارة " وقيدت ضد مجهول" تتحكم في حياتنا.. قبل الثورة كانت معظم حرائق الجرد السنوي تقيد ضد هذا المجهول.. وبعد الثورة تطور الأمر ليصبح المجهول مسئولا عن حوادث حرق البلد بإشعال الفتنة بين عنصري الأمة المسلمين والمسيحيين.. هذا ما يحدث عقب كل حادث احتقان طائفي.. علي الفور تشكل لجنة لتقصي الحقائق وتأتي اللجنة بكلام مطاطي حماسي لا يدين أحدا ولا حتي يحدد الفاعلين وأبسط طريقة إسناده إلي مجهولين والسلام.. وتظل الفتنة نائمة تحت الرماد تبحث عن أي مجهول لإعادة إشعالها دون ردع حقيقي يحول دون تكرارها. من هذا المنطق والمنطلق توقعت مثل غيري أن يصدر تقرير لجنة تقصي الحقائق حول أحداث ماسبيرو متعللا بالمجهول الذي هو دائما عفريت أزرق يرتدي طاقية الإخفاء ويرتكب جرائمه ويدخل الفانوس السحري ولا من شاف ولا من دري.. يقول التقرير حرفيا: في نفس وقت إطلاق الشرطة العسكرية لطلقات الصوت "الفشنك" في الهواء لتفريق المتظاهرين، تم إطلاق أعيرة نارية حية علي المتظاهرين من مصادر لم يمكن تحديدها بدقة.. فيلم عربي ساذج يكاد يتكرر حرفيا في جل الأحداث. لا أتهم اللجنة ولا أتهم أي طرف بالبدء في إطلاق النيران لكني فقط أطالب الحكومة - باعتبارها تعرف كل شيء - بالكشف عن هذا المجهول.. وعن البلطجية الذين يجوبون شوارعنا ليل نهار.. وعن طلقات الرصاص التي تخترق مضاجعنا.. وعند الكشف عنه لن أطالب بمحاسبته علي ما اقترفت يداه.. وأيضا لن أطالب بتقديمه للعدالة.. فقط سنبوس قدميه ونبدي له الندم ونسلمه أمورنا ليعيد لنا الإحساس بالأمن والحياة.