يحتاج الدكتور علي السلمي إلي أن يعود بالذاكرة 04 أو 05 سنة مضت. عندما كان استاذا لعلم الادارة.. وبالذات علم تنمية الموارد البشرية وقتها سيتذكر أن ما كان يعلمه لتلاميذه وطلبته وما كان يخطه في كتبه لا يستطيع أن يطبقه الآن في دولة عنوانها الفوضي! والدكتور السلمي نائب رئيس الوزراء والمسئول عن ملفات كلها قنابل موقوتة.. مثل الشركات التي اطلق عليها يوما القطاع العام ثم قطاع الاعمال العام ثم انتهت إلي الخصخصة.. وايضا ملف الدستور وما يحمله من أشواك.. لان الكل - حتي د.السلمي - يفتي في الدستور.. وهو ليس اختصاصه.. انما هو من اختصاص فقهاء الدستور وهم في مصر جهابذة واساتذة يستعين بهم الملوك والامراء والرؤساء في الدول العربية وحتي تركيا. وبالتالي فإنهم الأقدر علي حمل هذا الملف. لقد ترك السلمي كل الملفات الشائكة مفتوحة وأخذ اجازة وسافر الي دبي ولم يعبأ بما تركه من وثيقة حاكمة للدستور تثير غضب الشارع حتي يتم تشكيل هيئة تأسيسية لاعداده من خلال مجلسي الشعب والشوري المنتخبين لاحقا بأمر الله. انني اعتبر ان مباديء السلمي الحاكمة للدستور »إذعان« اي اجبار للمواطن علي الالتزام بنصوص لم يدل بشأنها رأي أو وجهة نظر.. وبغض النظر عن المواقف الاخري المعترضة علي الوثيقة.. وبغض النظر عن رؤية بعض التيارات السياسية.. فإنه ما كان للدكتور السلمي بإيعاز من المجلس العسكري أو الحكومة أو أية قوي اخري ان يصادر علي حق المواطن وحق الهيئة التأسيسية في اعداد دستور دائم للبلاد يحظي بثقة الناس ويؤمن لمصر مستقبلها بعد تعديلات واعلانات دستورية تدخل في اطار المسكنات والمخدرات! وما أحب ان أركز عليه في ملفات الدكتور السلمي ما يحمله من عبء المؤسسات الاعلامية الحكومية والمجلس الاعلي للصحافة.. والخسائر الفادحة التي تحدثت عنها في المقال السابق. لقد نص الدستور في المادة (602) علي ان الصحافة سلطة شعبية.. كما نص في المادة (112) علي انه يقوم علي شئون الصحافة مجلس اعلي يحدد القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وعلاقاته بسلطات الدولة.. وبناء عليه صدر القانون المعمول به حاليا رقم (69لسنة 6991) بشأن تنظيم الصحافة. ولا يعترف الفقهاء بأن الصحافة سلطة.. لان السلطة تحتاج إلي قوة تنفيذ.. والصحافة لا تملك التنفيذ بعكس السلطات الثلاث للدولة وهي السلطة التشريعية التي تصدر التشريعات المنظمة للعلاقات بين الناس والسلطة القضائية التي تصدر أحكاما تنفذ وإلا أصبحت أحكامها حبرا علي ورق.. والسلطة التنفيذية التي تنفذ قراراتها بالقوة الجبرية. أما الصحافة والاعلام فهي في الدستور »سلطة شعبية« لا أحد يهتم بما تنشره أو يأخذه مأخذ الجد خاصة الحكومة.. كما لا تعتبر المحاكم ما ينشر في الصحف دلائل أو قرائن علي الاتهام أو البراءة. من هنا أصبحت الصحافة بنص الدستور سلطة بينما هي في الواقع لا سلطة ولا يحزنون. وينص القانون في مادته 03 علي أنه يحظر قبول التبرعات أو الاعانات أو المزايا الخاصة من جهات اجنبية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، حتي اذا كان الدعم من الحكومة لا يجوز إلا بموافقة المجلس الاعلي للصحافة وحسب القواعد التي يضعها لذلك.. وتلتزم الصحف بنشر ميزانياتها. هذه المادة حبر علي ورق.. لا يطبقها احد سواء في الصحف الخاصة أو الحزبية أو الحكومية.. وليدلني أحد إلي ان صحيفة كذا أو اتحاد الاذاعة والتليفزيون قام بنشر الميزانية خلال 6 أشهر من انتهاء السنة المالية.. أو ان صحيفة ما نشرت ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات علي الكافة.. أو ان الجهاز أحال احدا من المسئولين إلي النيابة لمخالفة في الميزانية.. والكلام هنا تستوي فيه الصحف كلها حكومية أو خاصة أو حزبية. نحن نعشق النصوص القانونية في اطارها النصي.. وليس في تطبيقها وتنفيذها أو تفعيلها!.. ان المؤسسات الصحفية الحكومية تعيش في بركة من الخسائر علي مدي السنوات الماضية.. مطابع متهالكة.. أجور ضعيفة بالمقارنة بالصحف الخاصة والحزبية الصغيرة.. وعلي الرغم من ان الاجور تبتلع الجزء الاكبر من الميزانية.. إلا انها لا ترضي العامل والموظف والصحفي لانها لا تكفيه.. وللاسف مازالت الحكومة تصر علي تحمل المؤسسات بخسائرها بادعاء انها السند لها عند اللزوم في مواجهة اي تيارات معارضة.. لهذا تبقي عليها وهي لا تدري ان الصحافة الحكومية تحررت منذ الثورة واصبحت تقود حركة التغيير في المجتمع بمختلف الاراء.. وتنشر لكافة التيارات حتي التي تملك صحفا تتحدث عنها.. لهذا لم يعد هناك داع لان تحافظ الحكومة علي بقاء المؤسسات الصحفية الحكومية تحت يدها.. وايضا المجلس الاعلي للصحافة بتشكيله الجديد.. يضم شخصيات في مواقع الخبرة.. عاشوا عصر عبدالناصر.. وعصر السادات.. وتمرغوا في نعيم عصر مبارك.. وركبوا موجة الثورة.. واصبحوا الآن هم الاحرار الذين سيحررون الصحافة من قيودها! لقد اغلقت الحكومة.. والدكتور علي السلمي المسئول عن ملف الصحافة ورفاقه عيونهم علي اجيال جديد من الشباب.. وتذكروا ان الصحافة والاعلام توقفت عند من تم اختياره ليقود المهنة في المجلس الاعلي للصحافة.. لهذا أبشركم ايها القراء باستمرار »سلطة الصحافة« في يد الفلول ومن يعيش علي قفا النظام السابق. اظن، وأرجو ان يخيب ظني، ان مصر ستبقي أسيرة في يد العهد البائد منذ 2591 حتي الآن.. خاصة أن د.السلمي نسي مادة التنمية البشرية!!