فلسطين.. جيش الاحتلال يداهم منازل في قرية تل جنوب غرب نابلس    كيم جونج أون يؤكد مواصلة تطوير الصواريخ خلال الخمس سنوات المقبلة    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    100 مليون في يوم واحد، إيرادات فيلم AVATAR: FIRE AND ASH تقفز إلى 500 مليون دولار    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    وداعا ل"تكميم المعدة"، اكتشاف جديد يحدث ثورة في الوقاية من السمنة وارتفاع الكوليسترول    أول تعليق نيجيري رسمي على "الضربة الأمريكية"    الشهابي ورئيس جهاز تنمية المشروعات يفتتحان معرض «صنع في دمياط» بالقاهرة    انفجار قنبلة يدوية يهز مدينة الشيخ مسكين جنوب غربي سوريا    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    موسكو تتوسط سرّاً بين دمشق وتل أبيب للتوصّل إلى اتفاق أمني    بدأت بغية حمام، حريق هائل بعزبة بخيت بالقرب من قسم منشية ناصر (فيديو)    18 إنذارا للمصريين فى 10 مباريات رصيد حكم مباراة الفراعنة وجنوب أفريقيا    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    أمن الجزائر يحبط تهريب شحنات مخدرات كبيرة عبر ميناء بجاية    بالأسماء، إصابة 7 أشخاص في حادثي انقلاب سيارة وتصادم موتوسيكل بآخر في الدقهلية    وزير العمل: الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ستوفر ملايين فرص العمل بشكل سهل وبسيط    ارتفاع حجم تداول الكهرباء الخضراء في الصين خلال العام الحالي    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    استمتعوا ده آخر عيد ميلاد لكم، ترامب يهدد الديمقراطيين المرتبطين بقضية إبستين بنشر أسمائهم    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    زيلينسكي يبحث هاتفياً مع المبعوثَيْن الأميركيين خطة السلام مع روسيا    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    هشام يكن: مواجهة جنوب أفريقيا صعبة.. وصلاح قادر على صنع الفارق    حريق هائل في عزبة بخيت بمنشية ناصر بالقاهرة| صور    محمد فؤاد ومصطفى حجاج يتألقان في حفل جماهيري كبير لمجموعة طلعت مصطفى في «سيليا» بالعاصمة الإدارية    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    أمم إفريقيا - تعيين عاشور وعزب ضمن حكام الجولة الثانية من المجموعات    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    «اللي من القلب بيروح للقلب».. مريم الباجوري تكشف كواليس مسلسل «ميدتيرم»    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    محافظة الإسماعيلية تحتفل بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بحفل "كلثوميات".. صور    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    متابعة مشروع تطوير شارع الإخلاص بحي الطالبية    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    تطور جديد في قضية عمرو دياب وصفعه شاب    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    استمرار حملات إزالة التعديات على الأراضي الزراعية بكرداسة    أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    الزمالك يستعد لمباراة غزل المحلة دون راحة    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب رسميًا    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    أخصائي يُحذر: نمط الحياة الكارثي وراء إصابة الشباب بشيخوخة العظام المبكرة    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    حزب المؤتمر: نجاح جولة الإعادة يعكس تطور إدارة الاستحقاقات الدستورية    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحبة أحدث دراسة عن النهضة الماليزية:
نشر في الأخبار يوم 03 - 11 - 2011

وصف المراقبون ما حدث بالمعجزة الماليزية..فقد استطاعت تحقيق طفرة تنموية كبري في سنوات معدودة..والمفارقة المدهشة أن التجربة الماليزية بدأت مع تولي النظام مبارك..ومصر عند تولي نظام مبارك لم تكن في وضع اقتصادي أسوأ مما كانت فيه ماليزيا عند بداية تجربتها..بل كانت ماليزيا مجتمعاً بدائياً يتسم بانخفاض مستوي المعيشة وتنوع أصوله العرقية والدينية والثقافية وتباين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.
ومع ذلك تمكنت في سنوات قليلة أن تكون إحدي الدول الصناعية الكبري التي تتسابق مع اكبر دول العالم في العلم والتكنولوجيا وعلي جميع المستويات.. وبلغة الأرقام حققت ماليزيا معدلات نمو وصلت إلي 8-9٪ لسنوات طويلة ولا يزيد معدل التضخم فيها عن 3-4 ٪ سنويا ً فقط.. ولا تتجاوز نسبة الفقراء بها 10 ٪ من السكان، كما يبلغ متوسط الدخل الفردي أكثر من 14 ألف دولار سنويا حسب أخر الإحصائيات، كما حققت ماليزيا طفرة في مجال التعليم وتنمية الموارد البشرية أيضا استطاعت ان تتحول من بلد بدائي تعتمد علي تصدير المواد الأولية إلي دولة صناعية تتخصص في الصناعات عالية التقنية و تنافس الدول الكبري.
أما في نظام مبارك فكلنا نعلم ما حدث وكيف تحولنا إلي دولة تأكل بالدين وفي انتظار فائدته كالسيف علي رقابنا ورقاب الأجيال القادمة.. ومن هنا قامت ثورة يناير لتبدأ تجربة جديدة ونقدم هذا الحديث حتي نستفيد من التجربة الماليزية ونتعرف علي أسباب فشل وانهيار النظام الاقتصادي السابق.
هذا ما دفع الباحثة "نوال عبد المنعم بيومي" للتخصص في دراسة التجربة الماليزية ووضع رسالة علمية خصيصا علي التجرية ثم إصدار عدة مؤلفات عن التجربة علها تجد صدي عند متخذي القرار ودراساتها خاصة أنها دولة تتشابه في كثير مع البيئة المصرية.. وكما اشرنا أنها تجربة بدأت متزامنة مع تولي الرئيس المخلوع مبارك وحققت ما حققت..وفشلت تجربة نظام مبارك وفعلت بنا مافعلت ومازلنا نرتع في غياهب التخلف من جرائها..وفي هذا الحديث نتعرف علي أهم الجوانب المضيئة في التجربة الماليزية وكيف نستفيد منها في بناء تجربة جديدة ونحن علي أعتاب نظام جديد ..!
كيف تقيمين ما حدث في ماليزيا وأسباب نهضتها التي وصفت بالمعجزة ومقارنتها بما حدث في مصر؟
بداية القيادات الماليزية المتعاقبة قامت بدور رائد ورئيسي فيما حدث في عملية التنمية فقد أدركت انه لابد أن تعيش ماليزيا حالة من السلام الاجتماعي بين عرقياتها ودياناتها من ناحية ومع جيرانها من ناحية أخري في غضون أقل من ربع قرن من الزمان ..كما عملت القيادات المتعاقبة علي تبني عدد من الاستراتيجيات الفعالة ذات الطبيعة التنموية في ذات الوقت لخدمة الوحدة الوطنية.. وتحددت أولوياتها في إعادة هيكلة المجتمع الماليزي لصالح شعب المالاي المسلم الذي تعمد الاستعمار البريطاني تهميشه اقتصاديا.
وقد هدفت المعاملة التفضيلية من قبل الحكومة الماليزية للمالايا بالأساس إلي تحسين أوضاعهم الاقتصادية والتعليمية والثقافية المتردية وليست لتمييز المالايا عن غيرهم من العرقيات، حيث رأت القيادات الماليزية المتعاقبة أن وجود تمييز عرقي موجه ضد شعب المالايا أصحاب البلاد الاصليين يعني حتما عدم إمكانية قيام امة ماليزية بالمعني الصحيح، وبالتالي استحالة تحقيق التنمية والتقدم في ظل غياب العدالة العرقية في ماليزيا..وباختصار تجربة ماليزيا بدأت مع تولي نظام مبارك..فتحولت ماليزيا لدولة كبري وتحولنا إلي عزبة يديرها ولي العهد.
وهل كانت هناك معوقات أخري أمام التجربة الماليزية؟
بالتأكيد كان هناك معوقات أهمها كان الفقر..فقد كان أهم المعوقات التي واجهت طريقهم في التنمية المنشودة .. كما يعتبر قياس الفقر وتحديد معدلاته من المؤشرات التي تكشف عن مدي تقدم الدولة والنجاح الذي حققته في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.. وقد حققت ماليزيا طفرة هائلة في مجال القضاء علي الفقر المدقع الذي كان يعاني منه حوالي 65٪من المالايا عام 1970 والذي تراجع معدله الي 10 ٪ عام 2000 ..حيث ركزت أهداف "السياسة الاقتصادية الجديدة" منذ أوائل السبعينات علي القضاء علي الفقر المدقع.. وان يرتفع نصيب المالايا من ثروات البلاد من 2.4 إلي 30 ٪ عام 1990 .. وهو ما يعني انخفاضاً ملحوظاً في نصيب الأجانب في ملكية أصول الإنتاج من 61٪ الي 30٪ بحلول عام 1990 .
كما استكملت الدولة جهودها من خلال سياسة الخصخصة وسياسة التنمية القومية التي بدأت عام 1990 ووضعت خططا للتنمية لمدة 30 عاما.. اعتمدت هذه الخطط التنموية علي فلسفة النمو المصحوب بالعدالة التوزيعية، وهو ما أدي إلي الحفاظ علي الوحدة الوطنية .. وتحقيق تقدم ملحوظ في القضاء علي الفقر سواء المدقع أو النسبي، وهو ما تشير إليه الإحصاءات وما توضحه الأرقام التالية.
كما تراجعت معدلات الفقر بشكل عام في ماليزيا من 49.3٪ إلي 16.5٪ خلال الفترة من 1970 إلي 1990 وبلغة الأرقام قل عدد الفقراء من 1.100.000 فرد إلي حوالي 619.400 فرد عن نفس الفترة. كما انخفض معدل الفقر في ماليزيا من 16.5 عام 1990 إلي 7.5 عام 2000.. وفي عام 2004 انخفضت نسبة الفقر بشكل كبير لتصل إلي 5٪, وارتفعت القوة الشرائية لمتوسط دخل الفرد خلال نفس العام لتصل إلي ما يعادل "10700" دولار سنوياً.
وحسب أخر الإحصاءات انخفض معدل الفقر إلي 2٪ وأصبحت ماليزيا وفقا لتقرير الأمم المتحدة خامس دولة علي مستوي العالم من حيث قوة الاقتصاد المحلي .. وقد بلغت جملة ما أنفقته الحكومة في مكافحة الفقر من خلال تنفيذ إستراتيجية السياسة الاقتصادية الجديدة حوالي 32.9 بليون رنجيت ماليزي بما يعادل 19.1 ٪من مجموع الدخل الكلي (172.1 بليون رنجيت ماليزي) واما في عام 1991 الي عام 2000 ارتفع الانفاق الي 34.6 بليون رنجيت ماليزي بما يعادل 22.5 ٪ من مجموع الدخل الكلي (153.7 بليون رنجيت ماليزي).
نريد توضيحا أكثر كيف تم القضاء علي الفقر وفلسفة هذه السياسات؟
اعتمدت هذه الخطط التنموية التي تحارب الفقر علي فلسفة النمو المصحوب بالعدالة التوزيعية، وهو ما ادي الي الحفاظ علي الوحدة الوطنية وتحقيق تقدم ملحوظ في القضاء علي الفقر سواء المدقع أو النسبي، وهو ما تشير إليه الإحصاءات وما توضحه الأرقام.. بمعني أخر التوزيع العادل لثمار التنمية حقق الوحدة الوطنية وقضي علي الفقر.
وماذا عن السياسات الاقتصادية التي تبنتها ماليزيا؟
وضعت الحكومات الماليزية المتعاقبة منذ الاستقلال عن الاستعمار البريطاني عام 1957 مجموعة من السياسات التنموية ونفذتها عبر مجموعة من الخطط الطويلة.. وأخري قصيرة الأجل قادت البلاد نحو التقدم الاقتصادي..هدفت هذه السياسات في مجملها الي أعادة بناء المجتمع الماليزي، وتصحيح الاختلالات الاقتصادية بين العرقيات المختلفة من خلال التوزيع العادل لثمار التنمية والقضاء علي الفقر، وهذه الاهداف تم بلورتها في السياسة الاقتصادية الجديدة التي تم وضع اسسها عام 1970 لتحسين الأوضاع الاقتصادية لسكان البلاد الأصليين " الملايو ووضع حد للتمايز الاقتصادي بين المالايا والصينيين.. وجاءت سياسة التنمية القومية عام 1981 في إطار التوجه القومي الطموح - الذي وضعه (محاضير محمد) - تحت شعار رؤية (2020) تهدف إلي الانتقال بماليزيا إلي مصاف الدول المتقدمة بحلول عام 2020. ويمكن تحديد أربع ركائز جوهرية لهذه الرؤية الفكرية وهي: القومية الماليزية، التطور الرأسمالي، دور الإسلام في التنمية، الدور القومي للدولة..وقد ظل تمكين المالاي اقتصادياً هدفاً ثابتاً للسياسات الاقتصادية الماليزية باعتباره آلية لإعادة هيكلة المجتمع الماليزي, وتحقيق عدالة توزيع الثروة، والتي تتسم بوضع مختل في غير صالح المالاي.
وكيف تعاملت ماليزيا مع التعليم ؟
نظرت ماليزيا إلي قضية التعليم كقضية رئيسية لدفع عملية التنمية وهو مشروع ماليزيا الدائم.
وقد حققت ماليزيا في مجال تطوير التعليم نقلة نوعية حيث حققت خمس جامعات ماليزية مراتب مختلفة في ترتيب أفضل 500 جامعة في العالم ضمن عامي 2007- 2008 كما حققت ماليزيا مكانة متميزة في مجال التعليم الدولي في منطقة جنوب شرق أسيا، حيث تحتضن ماليزيا الآن 100 ألف طالب اجنبي ينتمون إلي100 دولة مختلفة، وأصبحت مقصداً تعليميا تقدم جودة عالمية في مجال التعليم برسوم وتكاليف في متناول الجميع.. ويظهر اهتمام ماليزيا بالتعليم من خلال حجم الإنفاق عليه باعتباره أولوية أولي، حيث تنفق حوالي 25٪ سنويا من ميزانية الحكومة علي التعليم، ويصل عدد الجامعات إلي حوالي 30 جامعة حكومية وأكثر من 30 جامعة خاصة وأيضا حوالي 320 معهد عالي.
وتولي ماليزيا اهتماما كبيرا بالتعليم التكنولوجي وربطه بالبحث العلمي، والذي سعت من خلاله إلي تطوير منتجاتها التي يعتمد عليها اقتصادها بشكل اساسي، حيث أدت الأبحاث التي أجريت علي شجرة المطاط إلي مضاعفة إنتاجيتها عشر مرات عما قبل، وبالنسبه لزيت النخيل قلت فترة انتاجيته إلي اربع سنوات بعد إن كانت سبع سنوات ..وقد كفل الدستور الماليزي حق التعليم لكل فئات المجتمع باعتباره واحداً من أهم الحريات الأساسية، كما أعطي الحق في إقامة مدارس طائفية لكل جماعة عرقية علي اختلاف انتماءاتها، وفي نفس الوقت تضمن القوانين الماليزية الوضع الخاص للمالاي خاصة فيما يتعلق بالمنح الدراسية أو الإمكانيات أو الأنشطة أو غيرها من الامتيازات.
المشروعات الكبري
وهل اختلفت سياسة الخصخصة في ماليزيا عنها في مصر؟
بالتأكيد فقد وصفت سياسة الخصصة في مصر بأنها سياسة السداح مداح.. أما في ماليزيا فقد تم وضع برامج الخصخصة لتخصيص أسهم للمالاي"سكان ماليزيا" وإيثارهم بمشروعات الشركات الكبيرة.. ومثال لهذه الشركات شركة الطيران (ماس) التي قامت الحكومة بخصخصتها وتمليكها للمسلمين.. وأيضاً من الشركات العملاقة التي أنشأتها الحكومة شركة (بروتون) لبناء السيارات لصالح المالاي المسلمين..وحتي الشركات التي يكون الاستثمار فيها بأموال أجنبية يكون نسبة 70٪ منها المالاي و30٪ للمستثمرين الأجانب.
وقام محاضير محمد عقب توليه سدة الحكم في ماليزيا عام 1981 بتوجيه عناية خاصة للنماذج التنموية التي حققها عدد من الدول الآسيوية وتستحق الاقتداء بها. وقد قام بتوجيه سياسة النظر شرقاً نحو اليابان وكوريا الجنوبية باعتبار أن هذه النماذج الآسيوية تحمل القيم الأقرب إلي القيم الماليزية وركز محاضير علي نموذج التنمية الياباني بشكل خاص لكي تهتدي ماليزيا بنفس النهج الذي اتبعته اليابان، وقد حدد العوامل التي اعتقد أنها وراء نجاح النموذج الياباني في: (الوطنية، النظام وأخلاقيات العمل، نظام الإدارة عالي الكفاءة، التعاون الوثيق بين الحكومة والقطاع الخاص). ومن ثم فقد دعا لتبني هذه الممارسات، وزرع هذه الثقافات لدي الماليزيين.
انتهاء البطالة
البطالة حققت معدلات عالية كيف تعاملت معها التجربة الماليزية؟
لقد حاربت البطالة بدراسة أسبابها وتوصلت انه لابد من التحول لبلد مستهلك للمواد الخام بدلا من تصديرها حتي تستوعب البطالة وتحد منها والنظرة الجادة للعدالة الاجتماعية.. عن هذين الطريقين حققت ماليزيا تجربة رائدة في محاربة البطالة.. بمعني انها تحولت من بلد مصدر للمواد الخام إلي دولة يعتمد اقتصادها علي مجالات خدمية وصناعية متعددة وانطلقت التجربة الماليزية في سبعينيات القرن الماضي بعد الكثير من البلدان العربية؛ التي لا زالت تعاني معدلات مرتفعة من البطالة..وذكرت آخر الإحصائيات، أن معدل البطالة لعام 2010م، في هذا البلد الآسيوي، انخفض إلي نحو 3٪ فقط، بعد أن كان متوسطه يناهز 10٪ خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين.
رأس مال البشر
قيل ان العنصر البشري أهم ما توجهت إليه التجربة الماليزية ..؟
بالفعل كان العنصر البشري مهم جدا.. فالإنسان يقوم بعملية التنمية وهو هدفها في نفس الوقت وقد أولت الدولة الماليزية أهمية كبري للارتقاء بالتعليم لتنمية الموارد البشرية لخلق قوة عاملة جديدة متعلمة ومدربة تستطيع التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة والعقول الالكترونية ..وفي هذا السياق اتجهت الدولة الي التوسع في التعليم وتطويره والاهتمام بالتعليم الفني وتطوير مناهجه وتشجيع القطاع الخاص علي الاستثمار في التعليم..وقد بلغت حصة الانفاق علي التعليم والتدريب في خطة التنمية السادسة في العام (1990- 1995) 15.5 ٪ من ميزانية الدولة للتنمية.. وفي عقد التسعينات لم يعد دور المؤسسات التعليمية تعليميا وتدريبيا فقط وانما اصبح يشمل التعليم التدريبي المستمر،كما اهتمت الحكومة برفع كفاءة المعلم باعتباره حجر الاساس للعملية التعليمية، وذلك بعقد برامج تدريبية لرفع مستواه العلمي في المجالات المستحدثة ...كما تم تشجيع الطلاب علي الدراسة ببلاد الشرق الأقصي خاصة اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان للاستفادة من المصادر الجديدة في المعرفة والتكنولوجيا بهذه الدول. وقد ازداد عدد الطلاب الماليزيين الدارسين في الخارج من 24 ألف طالب عام 1970 إلي 52 ألف طالب عام 1990. ولم يقتصر الاهتمام بتنمية الموارد البشرية بالجانب العلمي والتكنولوجي فقط بل عملت الدولة علي تنمية الجانب الديني والأخلاقي بالدرجة التي تسهم في خلق جيل يجمع بين العلم والإيمان والأخلاق الحسنة.
الاهتمام بالصناعة
وماذا عن الاهتمام بالصناعة؟
كان الاهتمام بالقطاع الصناعي اهتماما كبيرا بعد حصول ماليزيا علي الاستقلال عام 1957 حيث شرعت في تطبيق سياسة احلال الواردات علي اساس ان تحل الصناعة المحلية محل السلع المستوردة، وتم إصدار قانون تشجيع الاستثمار في عام 1968 لجذب الاستثمارات الأجنبية في تلك المجالات . ومع مطلع السبعينات بدأت مرحلة الصناعات الموجهة للتصدير، وقد تقدمت ماليزيا بشكل كبير في الصناعات التكنولوجية المعدة للتصدير منذ عقد الثمانينات والتسعينات وهو ما ادي الي نقلة نوعية قادت ماليزيا الي مصاف الدول ذات الاداء المتميز.
وتعتبر السيارة الماليزية ( بروتون ساجا ) التي تم انتاجها عام 1985 اهم انجازات هذه المرحلة، وقد انتقلت ماليزيا الي مرحلة الصناعات عالية التقنية منذ عام 1986 واصبحت الان واحدة من اكبر الدول المنتجة والمصدرة للرقائق الالكترونية والثلاجات ومكيفات الهواء، وتشكل السلع الصناعية 82٪ من صادراتها حسب تقديرات عام 2005 .
البعد الاسلامي
وماذا عن البعد الاسلامي في التجربة؟
يعتبر الإسلام في ماليزيا منهجاً وطريقةً كاملةً للحياة ومن هنا بدأت القيادة الماليزية ممثلة في شخص( د محاضير محمد) في تطوير رؤية للإسلام كإطار عام وكلي للتنمية يتماشي مع واقع المجتمع الماليزي المنفتح علي جميع الثقافات والأفكار والسياسات التي تفيد في تحقيق التنمية. وقد ظهر البعد الاسلامي في النموذج الماليزي للتنمية في صور عديده.
بدأ اول ظهور للبعد التنموي ذات الصبغة الاسلامية عام 1963 في انشاء صندوق ادخار الحج ( تابونغ حاجي ) الذي كان يعمل علي توفير نفقات الحج للمسلمين الماليزيين الراغبين في اداء فريضة الحج بأقل التكاليف ودون الوقوع في الربا . .وطبقا لاهداف الصندوق تستثمر المبالغ المجمعة وفقا لمبادئ الشريعة الاسلامية ويستفيد المشترك الي جانب ادخار نفقات الحج بالحلال، ايضا الحصول علي عائد استثماراته، وبذلك تساهم المدخرات في التنمية الاقتصادية.
وفي عام 1983 انشأ محاضير محمد البنك الاسلامي الماليزلي والذي يعتبر الخطوة التاريخية في غرس القيم والمبادئ الاسلامية في النظم المالية والاقتصادية بالبلاد، باسلوب عصري يتماشي مع الاهمية الكبيرة التي اصبحت للمصارف.
وقد حقق البنك الاسلامي الماليزي نجاحا كبيرا في دفع الحكومة الي انشاء المزيد من المؤسسات الاسلامية حيث تم انشاء العديد من البنوك الاسلامية و شركات التكافل وصناديق الاستثمار الاسلامية وسوق لراس المال الاسلامي والذي حقق شهرة كبيرة وصلت اصداؤه جميع انحاء العالم.
تشمل منتجات سوق رأس المال الاسلامي الماليزية سوق الاسهم الشرعية، والتي حققت نجاحا كبيراً. فحسب احصاءات عام 2008 ان 85٪ من الاسهم المتداولة في بورصة ماليزيا موافقة للشريعة الاسلامية، وسوق السندات الاسلامية او كما يطلق عليها(الصكوك ) والتي حققت رواجا عالميا، إذ تعتبر ماليزيا اكبر سوق للصكوك وتنتج حوالي ثلثي اجمالي الصكوك الصادرة في العالم عن نفس الفترة، وتروج ماليزيا نفسها الان كمركز عالمي للمنتجات الماليزية العالمية.
أسباب النجاح
كيف نستفيد مصريا مما حدث في ماليزيا من تجربتها الناجحة؟
بداية لكل دولة ظروفها وإمكانياتها التي تختلف من دولة لأخري إلا ان تجربة التنمية في ماليزيا تجربة مهمة بالنسبة لمصر وللدول العربية باعتبارها تجربة تمت في بلد شبيه ببلادنا بهدف التنمية والنهوض الاقتصادي دون الرفض التام للعولمة.. وبالتالي تأتي أهميتها من أنها تجربة منفتحة علي العالم الخارجي استفادت منه لأقصي درجة دون التخلي عن هويتها الإسلامية مما يجعلها تمثل نموذجا يمكن الاستفادة منه في بلاد إسلامية أخري أيضا من المهم تفهم أسباب النجاح التي حققته في بعض المجالات والعمل علي الاستفادة منه مثل إنشائها نظام مالي اسلامي متكامل بدأت منتجاته تجذب جميع المستثمرين من جميع دول العالم سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وأيضا الاستفادة من المعالجات التي تمت لأخطر القضايا المحورية في معظم دول العالم النامي مثل قضية الفقر والبطالة، أيضا الخصوصية الكبيرة التي عالجت بها قضية التعدد العرقي واستطاعت تحويلها من نقطة ضعف ومصدر للصراع إلي مصدر قوة وذلك كالاتي ..بتحقيق العدالة بين جميع الأعراق واحترام جميع المعتقدات وترك الحرية الكاملة لهم لممارسة شعائرهم الدينية واحترام مقدساتهم ومعابدهم والحفاظ عليها ضد اي عابث.. بالتحفيز المعنوي لكل الفئات علي النجاح من منطلق المنافسة ان العرق الصيني يهم دوله عظمي مثل الصين ان يكون مستقرا في موطنه الجديد وبالتالي تساعد وتتعاون مع البلد التي يقطن فيها.. والاستفادة من الايجابيات الموجوده في الثقافات المتعددة لا العمل علي محوها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.