اضطر ريجان لتأجيل التخلص من القذافي لحين التوصل إلي مبرر يسمح له بتجاهل القرار الذي يحظر علي كل الإدارات الحكومية التورط في أي عملية سرية تستهدف تصفية شخصيات أو جماعات تعادي الولاياتالمتحدة. لم تكن واشنطون وحدها التي تسعي لتصفية معمر القذافي.فأعداؤه كثر في العديد من دول العالم. فرنسا علي سبيل المثال طهقت من التدخل التخريبي، التآمري، الليبي، ضد دولة تشاد الأفريقية بهدف نشر نفوذه و تعظيم جماهيرته داخلها: سلماً، ثم حرباً. فرنسا كانت ملتزمة بحماية تشاد بموجب اتفاقيات أمنية دفاعية سابقة، وهو ما أدخلها في حرب فعلية ضد طموحات وتوسعات القذافي داخل القارة الأفريقية ودولة بعد أخري! تبين لفرنسا أن القذافي لا يضيره من قريب أو بعيد هزيمة قواته، وتدمير بلاده. زهق أرواح العشرات والمئات من جنوده في حروب لا ناقة من ورائها ولا جمل يمكن تعويضها بعناصر من جنود المرتزقة. الأسلحة المدمرة في المواجهات أو عن بعد، يستطيع العقيد استبدالها بشراء الأحدث والأفضل منها خلال ساعات وأيام معدودة، مادام بترول ليبيا يدر عليه عائدات هائلة يغرف منها كما يريد ويصرفها علي ما يشاء. وفكرت فرنسا في حل آخر هو : مساعدة الشعب الليبي في إسقاط نظام القذافي واختيار غيره وأفضل منه. ونسب إلي المخابرات الفرنسية أنها خططت ومولت محاولتين خلال عام 4891 لانقلاب عسكري/مدني ضد القذافي من خلال التعاون مع العديد من الليبيين المعارضين للقذافي والمقيمين في أوروبا، وتزويد شبابهم بالأسلحة المصنعة في دول أخري ، إلي جانب إرسالهم إلي معسكر في السودان للتدريب سراً علي الأعمال العسكرية المطلوبة، قبل إخراجهم من السودان وعبور الأراضي التونسية كنقطة انتظار أخيرة قبل تسللهم داخل حدود ليبيا وإحداث الانقلاب المأمول. فشلت المحاولة الأولي في بدايتها. أما المحاولة الثانية فقد تحوّلت إلي صدام مسلح استغرق وقتاً قصيراً بين الشباب المعارض وقوات الحرس الخاص حول وداخل أحد أهم مقار القذافي المعروف باسم باب العزيزية. لم يتحقق الانقلاب في المحاولتين اللتين أشرفت فرنسا علي تخطيطهما وتسليحهما، وهو ما شجع إدارة الرئيس الأمريكي ريجان علي التفكير في تكرارهما بتشكيل فرقة كوماندوز مشكلة من شباب الليبيين المقيمين في الولاياتالمتحدة، وقاموا بتدريبهم علي استخدام السلاح وتوقيتاته وتحديد أهدافه.. ثم أجلت الإدارة الأمريكية تنفيذ العملية بعد فشلها في محاولة اغتيال اللبناني المتطرف: محمد حسين فضل الله. في يوم 41 يونيو 1985قام متطرفون باختطاف طائرة ركاب أمريكية بعد إقلاعها من أثينا متجهة إلي روما. أمر الخاطفون قائد الطائرة بالتوجه إلي مطار الجزائر. ثم هبطت في مطار بيروت. تبين أن العملية الإرهابية التي استغرقت 17يوماً وكان العالم يتابع أحداثها عبر قنوات التليفزيون التي تبثها علي الهواء أولاً بأول. تبين أن عملية القرصنة الجوية تمت لحساب خلية لبنانية/شيعية متطرفة، الهدف منها توجيه ضربة للولايات المتحدة بخطف إحدي طائراتها وعلي متنها نحو 04 راكباً أمريكياً عانوا وغيرهم من الجنسيات الأخري أهوالاً وعذاباً ليل نهار علي مدي 71 يوماً ولقي أحدهم حتفه: جندي في البحرية الأمريكية عمره 23 عاماً. لم تثبت علاقة طرابلس القذافي بخطف طائرة (TWA) وإنما أحاطت الشكوك بسوريا وإيران وجماعاتهما في لبنان. ورغم ذلك ارتأت إدارة الرئيس ريجان عدم المساس بإيران أو سوريا. الأولي دولة مهمة والمساس بها سيؤثر بالقطع علي المحتجزين الأمريكيين داخل طائرتهم الرابضة علي أرض مطار بيروت.. وهو ما لن يقبله الشعب الأمريكي: صقوراً وحمائم. والثانية سوريا لديها بطاريات إطلاق صواريخ أرض/جو سبق لها أن ضربت طائرة أمريكية عام 3891 ومن المستحيل قبول تدمير طائرة أمريكية ثانية في حال قيام الولاياتالمتحدة بالانتقام من سوريا. وللخروج من هذا المأزق تذكر ريجان كراهيته الشديدة للإرهابي العالمي: معمر القذافي، ووجه إدارته إلي اتهام طرابلس بأنها وراء هذه القرصنة الجوية الجديدة، مما يتطلب معاقبة من أمر بارتكابها.. اليوم قبل الغد! .. وللحديث بقية.