مشكلة أفراد الشرطة في مصر جزء عضوي من مشكلة وزارة الداخلية والنظام الشرطي بشكل عام في المحروسة.. هذا النظام الذي قام في بنيته العضوية علي القهر بمستوياته من القمة للقاعدة.. علي التفاوت الرهيب في الدخول والنفوذ والمكتسبات.. كلنا يعلم أن الوزارة افتقدت لقيمة العدل منذ عقود طويلة.. وأن »الواسطة« والشللية كانت هي اساس الحركة والتنقلات وان هناك عائلات توارثت أهم المواقع والاماكن التي كانت تدر الملايين بينما كانت الاغلبية في مواقع لا يحصل اصحابها علي ما يناسب مكانتهم كضباط شرطة. ضع نفسك مكان ضابط وجد زميله وخريج دفعته يتقاضي في الشهر عشرات الالوف بينما هو الف او يزيد قليلا.. ثم تعالي لافراد وامناء الشرطة ستجد ان مرتباتهم متدنية للغاية ربما مائتين او ثلاثمائة جنيه او يزيد قليلا ومطلوب منه التفرغ الكامل والسمع والطاعة للباشا الذي يعمل تحت إمرته وربما الخدمة في البيوت وتنفيذ اوامر الهانم زوجة الباشا والاولاد ايضا صحيح هذا الامر خف بعد الثورة وصحيح ان كثيرا من الممارسات المستفزة قلت او انعدمت لكن ظلت المشكلة الكؤود والمعضلة الكبيرة كيف يعيش فرد الشرطة بهذا الدخل المتواضع؟ قبل الثورة كان افراد الشرطة في المواقع الخدمية يعيشون علي الاكراميات والرشاوي والاتاوات احيانا او غالبا وكان هناك تداخل عضوي بين ما يسمي »بالشاي« اي دفع البنكنوت وبين تخليص اي مصلحة بدءا من ادارات المرور وحتي دخول السجائر لمحابيس اقسام الشرطة. بعد الثورة اصبح المواطن ربما اكثر وعيا واهتزت صورة الشرطي في مقابل صورة البلطجي واصاب جهاز الامن شرخ كبير لا نعلم متي سيلتئم، وبدلا من ان يلملم الجهاز اعضاءه المتناثرة ويتم ترتيب البيت من الداخل اتسع الخرق علي الراقع كما يقولون وصارت سفينة الشرطة في مصر متعددة الثقوب جزء لا يستهان به استقال من الخدمة والاغلبية تعمل بلا نفس.. بلا روح.. بلا حماس وهذه كارثة لو تعلمون ورغم كل المبادرات الشعبية والاهلية لمد جسور الثقة والحماس بين المواطن والشرطة لكن تظل هناك هوة بين الاماني والاحلام بعودة الشرطة قوية.. فتية بكامل طاقتها وحماسها، وبين ما يحدث الان علي ارض الواقع.. وفي ظل هذه الحالة او الازمة النفسية الاجتماعية بين الناس والداخلية يحدث هذا الاضراب من جموع أمناء وافراد الشرطة.. وهؤلاء يمثلون القوة والجسم الحقيقي لوزارة الداخلية.. يعني الجهاز الشرطي الان وفي ظل هذه الاضرابات هو رأس بلا جسد.. يعني ببساطة هناك شلل عام لقوة الامن في مصر وبالتالي لا أمن ولا أمان لقوة البلطجة في الشارع.. المعادلة واضحة.. انعدام قوة الامن تسمح بأمن القوة.. وانعدام حماية الشرطة للمواطن يسمح بحماية البلطجي في الشارع.. والمواطن هو الضحية الآن.. نحن في هذه اللحظة كمواطنين لقمة سائغة وسهلة لميليشيات البلطجية في مصر. الامر جد خطير.. ومرعب ويحتاج من كل قوي المجتمع لوقفة وصرخة مدوية واتحاد وتوحد.. نحن لا ننكر حقوق افراد الشرطة والامناء والجنود والموظفين المدنيين كل هؤلاء مصريون ولهم حقوق لكن يا اهالينا من قطاع الشرطة هل هذا وقته، انتم تعانون من أزمات طالت لعقود، تعانون من انتفاء الآدمية في التعامل معكم، تفتقدون الحد الادني للاجور والرعاية الصحية والامان الاجتماعي لكن ايضا نحن عانينا من تفشي فساد رهيب في قطاع ليس بقليل بين ظهرانيكم، لذلك فالامر يحتاج هدوءا لاخذ الحقوق.. الوقت الحالي أية مطالب فئوية تفسد الطبخة كلها.. تدمر جسد مصر خصوصا أنتم.. أنتم درع الامان الداخلي لمصر فهل يرضيكم ترك مصر والمصريين لافواه البلطجية من يرضيه هذا فهو عار علي الوطن ولا يستحق ان يحمل جنسيته.. أرجوكم كفوا عن المطالب الفئوية حتي نعبر هذه المرحلة بسلام ونصل بر امان لان من يريدون احراق هذا الوطن يعبرون من ثلاثة معابر. 1 الفتنة الطائفية. 2 الوقيعة بين الجيش والشعب. 3 المطالب الفئوية. وكل المظاهر تقول ان اللاعبين بالنار يختبئون خلف هذه المطالب الثلاثة حمي الله مصر منهم ومن وكلاء الشيطان.. يارب.