هناك في حياة الانسان لحظة فارقة، نقطة تحول في حياته تنقله من الظلمات الي النور وقد كانت نقطة التحول في حياتي هي بدء رحلتي الي الله عز وجل والسير قدما في طريق النور الرباني وطاعة الله والرسول الكريم وعدم ارتكاب المعصية والبعد عن الضلال والحرام. بدأت رحلتي مهاجرا الي الله تعالي الي بيته العتيق أول بيت وضع للناس بحكمة آلهية لعبادة الحق تبارك وتعالي. تركت الدنيا وما فيها من متاع ومتعة وما عليها من الابن الوحيد والاهل والاصدقاء والاقارب والمال والعقارات تركت كل شئ دنيوي ولا يشغلني أي شئ عن رحلتي الايمانية لاتم بها نعمة الله علي وهي رحلة الحج الي بيت الله وزيارة المسجد الحرام بمكة المكرمة والطواف بالكعبة الشريفة والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفات وارض المشعر الحرام وزيارة الحبيب المصطفي بالمسجد النبوي بالمدينة والصلاة في الروضة الشريفة وزيارة أهل الرسول والصحابة الكرام البررة. ونحن علي أعتاب موسم الحج واعظم ايام الله العشرة الاوائل من شهر ذي الحجة لابد من الحديث عن قصة هذا البيت العتيق وعمارته وكعبته الشريفة. هذا المسجد الحرام بمكة هو الذي اختاره الله عز وجل واختار البشر المساجد في بقاع الارض. قبل بداية خلق الانسان وآدم وحواء وذريتهما أمر الحق سبحانه وتعالي الملائكة ببناء البيت العتيق لأنه سيجعل في الارض خليفة تتداول استخلاف ذرية آدم الي يوم القيامة. قال تعالي للملائكة: (إني جاعل في الارض خليفة) البقرة وقال (فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) »ص27« وخلق الحق تبارك وتعالي آدم من طين ونفخ فيه من روحه عندما نتأمل هذه الآية الكريمة (إني جاعل في الارض خليفة) نعم ان الله تبارك وتعالي قد خلق لنا الارض لنعيش فيها ونعبد الله حق عبادته ونشكره حق شكره ونقدره حق تقديره ونخطئ ونصيب فلسنا ملائكة ونتوب الي الله ونستغفره حتي يتقبلنا برحمته ومغفرته ويدخلنا الجنة ويدخل المشركين والكافرين من ذرية آدم وحواء النار وتعلم ان الجنة التي شاهداها آدم وحواء هي الفوز العظيم للمؤمنين من ذريته وكانت بالنسبة لهما فترة تدريب علي الحياة علي الارض لعبادة رب العالمين واقامة السلام والعدل. وتتأمل حكمة ربنا عندما حدد للملائكة مكان البيت العتيق لعمارته كأول مسجد اختاره الله عز وجل ووضع للناس ليعبدوا الله مخلصين له الدين وبعد هبوط آدم وحواء الي الارض وتوبتهما حزن آدم بعد ان فقد قامته التي تمتد بين السماء والارض وفقده سماع اصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا الي الله فقال له الحق تبارك وتعالي: ياآدم اني قد اهبطت لك ببتا تطوف به كما يطاف حول عرشي وتصلي عنده كما يصلي عند عرشي فخرج آدم الي مكان البيت العتيق يقول الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم: »بعث الله جبريل الي آدم وحواء فقال لهما: إبنيا لي بيتا فخط لهما جبريل فجعل ادم يحفر وحواء تنقل حتي أجابه الماء ونودي من تحته : حسبك يا آدم فلما بناه أوصي الله اليه ان يطوف به وقيل له: أنت أول الناس وهذا أول بيت وضع ثم تناسخت القرون حتي حجه نوح ثم تناسخت القرون حتي رفع ابراهيم القواعد من البيت. أوصي الله تبارك وتعالي الي ابراهيم عليه السلام أن يهاجر الي مكان البيت العتيق هو وزوجته وطفله الرضيع اسماعيل في وادي غير ذي زرع ليس به مكونات الحياة من ماء وزرع وناس وترك لاسرته سقايه من الماء وتمر وشرع في العودة تاركا زوجته وطفله سألته هاجر: كيف تتركنا أأنزلتنا هنا برأيك ام بتوصية من الله فقال لها: انه توجيه من الله فاطمأنت هاجر وقالت له: ان الله لا يضيعنا ابدا وسار ابراهيم حتي بلغ قمة الوادي ونظر الي مكان البيت الحرام ودعا ربه: (ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم. ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون« ابراهيم 73.. واستجاب الله لدعاء خليله عليه السلام.