يبحث كثير من المصريين عن السعادة المطلقة دون جدوي ويندر أن تقابل أحدهم وتجده راضيا عما يفعله في حياته اليومية ومقتنعا بما أنجزه في سنوات عمره السابقة طالت أو قصرت. قبل أن نبحث عن إجابة السؤال عن كيفية تحقيق السعادة دعونا نعترف أننا في بلاد مشكلتها الرئيسية هي أن للسعادة نموذجا موحدا لا يختلف إلا في تفاصيل فردية لا تذكر، أو بمعني أصح، نحن نملك كتالوجا واحدا للسعادة، يجعلنا ندعو لكل فتاة بأن تجد ابن الحلال وكأن نجاحها المهني والعلمي والمجتمعي لن يحقق لها العلامة الكاملة في عداد السعادة إذا لم يصحبه ابن الحلال إياه. رغم ما نراه من نماذج رائعة للمرأة المصرية حققت نجاحات كبيرة ليس من بينها الزواج، بينما نجد ملايين البائسات يتجرعن التعاسة في محاكم الأسرة. نتخيل أن سعادة الشاب المصري هي فقط في الوظيفة المرموقة أو الهجرة إلي خارج البلاد، بينما نجد أيضا شبابا يستمتع بوقته ويجد الدفء العائلي والنجاح المهني المتدرج علي أرض الوطن. هناك من يجد سعادته في قضاء وقته مع كلب وفي أو في رحلة صيد أو في أحضان كتاب شائق، أو مجرد مجالسة أصدقاء الطفولة. وهناك من يسعدهم السفر والترحال بعيدا عن هموم الحياة والتزاماتها الخانقة، هناك من يسعده الطهي بعيدا عن قيود منصبه المرموق أو مشاهدة الأفلام المثيرة أو ممارسة الرياضة. في الغرب يقضي الكثيرون حياتهم كما يحبون وتجد منهم من يقرر السفر حول العالم بدراجة أو دراسة الموسيقي والتمثيل وفنون أخري بعيدا عن الفتاوي والأحكام العائلية بخصوص المباح مجتمعيا والمكروه والممنوع من الهوايات. هناك من يقضي عمره يبحث عن شريك حياته المناسب دون سقف زمني وقد لا يجده أحيانا فلا يفكر أبدا في الزواج لمجرد إرضاء الجماهير المتعطشة لمعرفة أخباره التي لا تهمهم من قريب أو بعيد. في بلادنا نعيش حياتنا فقط للإجابة علي عدة أسئلة مكررة، متي ستدخل الجامعة وتنجو من العار المزعوم للتعليم الفني؟، متي تستلم وظيفتك المرموقة بعيدا عن سلم الكفاح التقليدي؟، متي تتزوج وهل تخطيك سنا معينة دون زواج له مدلول متعلق بفحولتك أو بظروفك المالية وكأن انتظارك لمن تحب أو حتي تجد من تحبه أمر غير مطروح؟، حتي بعد الزواج كلنا مطالبون باستكمال فصول الكتالوج وفقا لما يراه المجتمع وليس كما نراه نحن وعليك بإنجاب الأبناء تباعا وإلا حاصرتك التساؤلات العقيمة ممن لا يهمهم الأمر. وإذا استحالت حياتك مع شريكك فأنت مطالب بإعلان أسباب الطلاق في مؤتمر صحفي عالمي تحضره جميع وكالات الأنباء العائلية، باحثين لك عن بدائل أخري لتبدأ معهم جولات أخري من التدخل المقيت وكأن حياتك ملك لهم !!!! باختصار إذا كنت تبحث عن السعادة، عليك بتحطيم القواعد البالية وكسر تابوهات الحياة التقليدية، باحثا عما تراه يسعدك وليس ما يسعد الآخرين من حولك، هذه ليست دعوة للتمرد علي قدسية الزواج أو قيود المجتمع، ولكنها دعوة لتحطيم واجهة دكان السعادة ذي الأرفف الخالية والخروج من بين سطور كتالوج السعادة المصري إلي كتالوج أكثر ارتباطا بالعصر الحالي. عزيزي المصري، اختر كتالوج السعادة الذي يناسبك.