فصل من فصول كتاب مسلسل اغتيال قادة و رموز أجانب التي قامت بها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، خصصه الكاتب السويسري إتيان دوبوي للعقيد الليبي معمر القذافي. في الواحدة و49 دقيقة صباح ليلة الخامس من أبريل 1986استيقظت مدينة برلينالغربية علي انفجار مروع داخل ملهي ليلي La Belle يتردد عليه الجنود الأمريكيون المقيمون في قاعدتهم العسكرية. الانفجار أودي بحياة جندي أمريكي: كنيث فورد 21عاماً وسيدة تركية إلي جانب جرح 230من داخل وخارج الملهي. من المسئول عن التفجير؟ سؤال طرحه الرئيس الأمريكي آنذاك رولاند ريجان في اجتماع عاجل مع مجموعة من صقوره علي رأسهم مدير مجلس الأمن القومي الأميرال جون بوانديكستر ونائبه لشئون مكافحة الإرهاب: أوليفر نورث. وبدون تردد أجمع الحاضرون في إجابتهم علي سؤال ريجان بأن المسئول عن الانفجار هو مرشد الثورة الليبية: العقيد معمر القذافي، الذي يخوض منذ فترة حرباً غير معلنة ضد الولاياتالمتحدة، وهو ما يتطلب في رأي الصقور سرعة معاقبة القذافي علي جريمته الجديدة. ولإقناع الرئيس ريجان بتورط القذافي، عرض مدير ال »سي آي إيه« صورة من ثلاث برقيات سرية تم اختراقها أرسل الأولي رئيس المخابرات الليبي، يوم 25مارس، إلي 8 سفارات ليبية لتكون علي أتم استعداد للقيام بعمليات ضد أهداف ومصالح وأرواح أمريكية في تلك الدول. الرسالة الثانية وجهتها السفارة الليبية في برلينالشرقية يوم4أبريل إلي وزارة الخارجية الليبية تُبشرها فيها بأن غداً سيكون الشعب الليبي في عيد عندما يتابع مانشتات الصحف العالمية وبرقيات وكالات الأنباء. أما الرسالة الثالثة التي اخترقت المخابرات الأمريكية سرية شفرتها فقد زف مرسلها لرئيسه في طرابلسالخبر السعيد بأن: »العملية بدأ بالفعل تنفيذها«. و بالطبع.. اقتنع ريجان بما سمعه وقرأه دليلاً قاطعاً علي تورط القذافي في هذه الجريمة الإرهابية التي تمت في برلينالغربية. وجاء رده ملبياً لرغبة مستشاريه في توقيع أقصي عقاب علي مرشد الجماهيرية العظمي. بعدها.. غادر ريجان البيت الأبيض متوجها إلي منتجعه في كاليفورنيا لتمضية إجازة قصيرة. يقول الكاتب إتيان دوبوي في الفصل الذي خصصه من كتابه المذهل لكشف تفاصيل محاولة الولاياتالمتحدة لتصفية الديكتاتور الإرهابي الليبي، إن القذافي لم يتوقف بدءاً بتوليه رئاسة ليبيا عام1969، وخلال ال17عاماً التالية عن مهاجمة الولاياتالمتحدة، واستفزازها، في محاولته الدئوبة علي أن يكون له دور ما علي الساحة السياسية والدولية، خاصة مع التفكك العربي آنذاك، إلي جانب دوران »القضية الفلسطينية« داخل دائرة مغلقة لا مفر منها، محمّلاً الغرب أمريكا وبريطانيا بصفة خاصة مسئوليتهما، ووجدها فرصة لإثبات وجوده في عيون وقلوب العرب بإصدار »أوامره« للدولتين بسحب قواتهما من ليبيا وإنهاء قاعدتهما العسكرية في بلاده.. فوراً. ليس هذا فقط.. بل قام القذافي بتأميم قطاع البترول الذي كانت الشركات الأمريكية نحو 20شركة تسيطر عليه آنذاك. رد الفعل الأمريكي لقرار القذافي قوبل من جانب الإدارة الأمريكية آنذاك خلال حكم الرئيس الأسبق نكسون بالهدوء والاعتدال الأقرب إلي الإذعان. فقد وافقت واشنطن بسهولة وبدون شروط علي سحب قواتها من ليبيا، خاصة أن قاعدتها العسكرية هناك لم تكن مهمة ولا ضرورية.. بالنسبة للولايات المتحدة. كما أن قرار القذافي بتأميم إنتاج البترول وإن كان يمثل أهمية كبيرة للولايات المتحدة التي تعتمد حينذاك علي تدفق 10٪ من احتياجاتها علي البترول الليبي لم يلق رفضاً ولا امتعاضاً من إدارة الرئيس نيكسون، ما دام تدفق البترول الليبي عليها لم يتوقف. .. وأواصل غدا.