مع إصابة ما لا يقل عن 740 شخصا في الكونغو الديمقراطية، يعد هذا ثاني أكبر تفشٍ لمرض الإيبولا في التاريخ، حيث بلغ عدد الوفيات 640 حتي الآن بحسب أحدث تقرير صادر عن منظمة الأممالمتحدة للطفولة »يونيسيف» أواخر الشهر الماضي. وكان أول تفشٍ للإيبولا في منطقة حرب نشطة، في مقاطعات شمال كيفو الشمالية الشرقية وإيتوري في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ولكن قد يزداد الأمر سوءاً هذه المرة حيث يشعرمسئولو الصحة بالقلق من انتشار الإيبولا في اتجاه جوما، وهي مركز سكاني رئيسي في الكونغو. حتي الآن، لم يصل المرض إلي أكبر المدن سكانا في جمهورية الكونغو. وقال بيتر سلامة رئيس برنامج الطوارئ الصحية الجديد في منظمة الصحة العالمية إن هناك »جرس إنذار» بسبب وصول إيبولا إلي جوما التي تعتبر مركزا رئيسيا للنقل، بسبب شبكة الطرق السريعة التي تصلها برواندا وتزدحم دائما بالناس بسبب القيام بالأعمال التجارية. ويعتبر وصول الإيبولا إلي جوما »كابوساً» لدي منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة في الكونغو اللتين تعملان بكد وتعب لمنع حدوث ذلك. وصول مرض الإيبولا إلي جوما يمكن أن يؤدي إلي إصدار إعلان الطوارئ من جانب منظمة الصحة العالمية، مما يزيد من حدة تفشي المرض الخطير بالفعل، وفق ما كتبته خبيرة الإيبولا لوري جاريت في مجلة »فورين بوليسي» منذ أسبوعين. وينتشر فيروس الايبولا من خلال الاتصال المباشر مع سوائل الجسم، مثل القيء أو البول أو الدم، لشخص مريض بالفعل ولديه الأعراض. ويعتبر حامل المرض أقرب للموت وأكثر خطورة علي الأصحاء. عمال الصحة هناك لا يعالجون المرض نفسه، بل يستخدمون تدابير تقليدية مثل عزل المرضي، وكسر سلاسل انتقال الفيروس حتي يتوقف الفيروس عن الانتشار. وتنتشر حملات توعية لتذكير الناس بغسل أيديهم؛ ولتذكيرهم أيضا أن لمس وتقبيل الأصدقاء والجيران يعتبر خطرا محتملا علي الصحة؛ ويجب تعديل ممارسات الدفن لتقليل خطر انتشار الإيبولا في الجنازات. كما أنهم يستخدمون استراتيجية تسمي »تعقب جهات الاتصال» بحيث يتم العثور علي جميع معارف الأشخاص المرضي، ومتابعتهم لمدة 21 يومًا - الفترة التي يتم خلالها احتضان فيروس إيبولا. ووصف جان إيجلاند، رئيس المجلس النرويجي للاجئين، المرض بأنه »وحشي والصراع معه أمر مروع». وسياسياً، كان لتفشي المرض أثر هام حيث تم تأجيل الانتخابات الرئاسية بسببه، ولكن أخيرا في 30 من ديسمبر الماضي، توجه الناخبون إلي صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد في الكونغو. وفي يناير الماضي، أعلنت اللجنة الانتخابية في البلاد عن نتائج انتخابية مؤقتة تشير إلي فوز زعيم المعارضة فيليكس تشيسيكيدي في الانتخابات رغم تسريب بعض البيانات والتحليلات الخارجية التي تظهر وجود مخالفات مع عدد الناخبين مما يوحي بوجود شبهات تزوير للانتخابات. عدم الاستقرار السياسي في الكونغو لا يسهل من التعامل مع مأساة الإيبولا، فالحرب في الأقاليم الشرقية في البلاد شكلت تحديًا أكبر بكثير. وأدي الصراع المستمر منذ 25 عاما إلي نزوح أكثر من مليون شخص وجعل العمل أكثر صعوبة في التعامل مع إيبولا الأكثر فتكا. وبين شهري أغسطس ونوفمبر الماضيين، عانت مدينة بيني، شمال شرق الكونغو، من أكثر من 20 هجوما عنيفا، مما جعل أمر التعامل وحصر تفشي المرض متوقفا لعدة أيام في كل مرة. وهذا يعني أن الحالات لم تُسجل، واستمر انتشار الإيبولا. وبسبب انعدام الأمن وصعوبة الوصول إلي الناس، فإن 30 إلي 40 % فقط مسجلون بالفعل في القوائم الرئيسية الخاصة بتفشي المرض. وهذا يعني أن الفيروس قد يكون موجودًا بالفعل في أماكن لم يتم اكتشافها بعد. وهو ما يلقي باللوم علي انعدام الاستقرار والأمن في البلاد في استمرار تفشي أخطر الفيروسات في العالم حاليا هناك.