رغم الأحداث الجسام التي طرأت علي مصر، والمنطقة، والعالم، منذ عام 3791، وحتي اليوم، سيظل نصر أكتوبر رمزا للكرامة الوطنية، والفداء من أجل الوطن، ودليلا واضحا علي شجاعة وحكمة قادة وضباط وجنود مصر البواسل، الذين اتخذوا قرار حرب التحرير المقدسة، وسط ظروف إقليمية ودولية بالغة الصعوبة والتعقيد، وخططوا لحرب النصر بكل الخبرة والعلم، وأداروا معاركها بكل الجسارة والإعجاز. لقد أصبح من حق هؤلاء القادة، والجنود، أبناء مصر المحروسة ما نالوه من حب وتقدير كل المصريين، لأنهم كانوا رجالا بحق، صدقوا ما عاهدوا الله والوطن عليه، ولم ترهبهم الأباطيل الكاذبة، التي راح العدو يطلقها عن نفسه، ويشيعها حول قوته التي لا تقهر، وجيشه الذي لا يهزم، وذراعه الطويلة التي لا تكسر. ولكنه رغم كل ادعاءاته، فوجئ بشمس أكتوبر الساطعة، تكشف كل أكاذيبه، وتكتسح كل أوهامه، وتحطم كل الأساطير التي روجها عن قوته وقدرته، وأجبرت العالم كله علي احترام مصر وجيشها، والاعتراف بقدرة أبنائها علي قهر الهزيمة، وتحقيق النصر. وإذا كان أحد منا نحن أبناء مصر، لم يعاصر هذه الملحمة الخالدة، كما هو حال كل الشباب الآن، فإن واجب من عاشوها، وكانوا شهودا عليها، وخاصة من نالوا شرف المشاركة فيها، ان يذكروا لهم ما جري وما كان في تلك الملحمة الخالدة علي مر الزمن وتوالي السنين، بمعاركها الشرسة، وبطولاتها الرائعة. وعلي الجانب الآخر، وحتي لا ينسي العدو أو يتناسي ما حدث في هذه الملحمة، فإن واجبنا ان نذكرهم بالانهيار التام، الذي أصابهم وزعزع كل قادتهم، بعد ساعات فقط من بداية العبور العظيم، وفي لحظة تأكدهم المفاجئ بوجود القوات المصرية الكثيف علي الضفة الشرقية لقناة السويس، وإحاطتها بهم من كل جانب، وتحطيمها »لخط بارليف« الحصين، الذي تصوروه مانعا وحائلا دون عبور المصريين، فإذا بجنود مصر البواسل يحولونه إلي مقبرة لجنود وضباط قوات الاحتلال. ولشباب مصر، وللأجيال التي لم تعاصر لحظة الانتصار، ولم تعايش لحظات العبور العظيمة في السادس من أكتوبر 3791، نقول ان حرب أكتوبر المجيدة، لم تكن مجرد معركة عسكرية ناجحة فقط، أو نصر مؤزر لجيش مصر الباسل فقط، بل كانت في حقيقتها وجوهرها اختبارا تاريخيا حاسما، لقدرة الشعب المصري كله علي الوقوف بصلابة وإصرار خلف ابنائه في القوات المسلحة، لتحويل الحلم إلي حقيقة، وترجمة الأمل إلي واقع ملموس، وإزالة آثار العدوان، ومحو عار النكسة، وتحقيق العبور والنصر.