جمال عبد الناصر الذي تحل ذكري 101 سنة علي ميلاده، كان رمزاً للاستقلال الوطني، لم يفرط ولم يساوم ولم يتنازل، فتحالفت ضده قوي الشر، التي مازالت تدبر مكائدها حتي اليوم، فهم يعلمون جيداً أن مصر هي قلب العروبة النابض، وإذا استيقظ الحلم العربي في ربوعها، هبت نسماته من المحيط إلي الخليج.. فتآمروا ضده حتي انفرط العقد العربي وتبعثرت حباته، وأصبح »كابوس» يخنق شعوباً كانت تؤمن بأن الثورات هي طريق الخلاص، وسرت عدوي الاستقلال بين الشعوب التي قال لها عبدالناصر »ارفع رأسك يا أخي». بالفعل: عظمة عبد الناصر لا تنفصل عن عظمة مصر. يري العالم مصر بأنها دولة جادة، في إعادة بناء نفسها بالمشروعات الكبري، ونشر السلام والحرب ضد الإرهاب، وهي ثلاث معارك رئيسية تخوضها البلاد في وقت واحد، ويربط بينها جميعاً استشراف المستقبل، بإعادة بناء الدولة اقتصادياً بالمشروعات العملاقة، لتوفير حياة كريمة وخلق فرص عادلة، ونشر السلام الذي يحمي التنمية، يحصن البلاد من ويلات الحروب والصراعات المسلحة، والتصدي للإرهاب عدو البشرية الأول. لم يبعث النبي إلا ليتمم مكارم الأخلاق، فابتليت أمته بمساوئ الأخلاق، وأراد إنقاذ البشرية من الجاهلية، فتفنن المتطرفون في إغراق الأمة فيما هو أسوأ من الجاهلية، وتحلي كثير من أبناء أمة الإسلام بالكذب والغدر والخداع، رغم أن رسولهم الكريم حثهم علي الصدق والأمانة وعدم الخيانة. لم تتحقق عظمة الإسلام بالسيف والقسوة، وإنما بالعقل والرحمة، وتثبيت الأخلاق الكريمة، ونشر التعاليم الصحيحة، وهذا عكس ما يحدث الآن، فتراجع المسلمون للخلف بدلاً من السير للأمام، ويهيئ البعض أنفسهم للمستقبل، بالعودة إلي الكهوف المظلمة. » من خارج الصندوق ».. ما الذي جعلنا نسرف في تعميم هذه العبارة التي استخدمها من كانوا يركبون الخيل في التنقل، ويزداد الأمر سوءاً، عندما تري من يزعم أنه »خبير خارج الصندوق»، ثم يتحدث في موضوعات، لم يدرسها ولا يعلمها ولا يفهمها، وبالذات في القضايا الاقتصادية والأمنية الشائكة، التي تستلزم مواصفات موضوعية فيمن يتحدث فيها، أهمها التزاوج المتراكم بين الكلام النظري والواقع العملي، فليس للمشاكل الصعبة »موديل» واحد تصبها فيه، وليست المقترحات »بنطال استرتش»، تحشر بداخله النحيفة وأيضا شجرة الجميز. فاطمة اليوسف، صنعت صداقة بين الفن والصحافة، وأحاطت نفسها بكل ألوان التفوق والإبداع، وكانت صديقة لأعظم الرجال في عصرها مثل عباس محمود العقاد ومحمد التابعي ومحمود عزمي.. كامل الشناوي كان يقول عنها إنها رجل، وكانت ترد عليه »لا يا كامل لست رجلًا ولا أحب أن أكون، أنا فخورة بأني سيدة، وعيب صحافتنا كثرة رجالها وقلة سيداتها.. ويوم أرضي عنك.. سأقول إنك سيدة».. وفي هذه الظروف تعلم ابنها إحسان عبد القدوس - الذي تحل مئوية ميلاده - كيف يكتب وكيف يمسك بالقلم، وكان أساتذته بعد والدته: محمود عزمي ومحمد التابعي وعباس محمود العقاد.