في أسوان الآن أزمة قد تؤدي إلي فتنة طائفية، إذ اكتشف بعض المواطنين المسيحيين يحاولون بناء كنيسة خفية أو بالتحايل، قاعة مضيفة في بيت أحدهم تقام فيها شعائر الصلاة، ثم تبني فوق القاعة قبة وهكذا يتم تحويل المكان إلي كنيسة، هنا ثار بعض المسلمين وحاصروا المكان، وبدأ العنف، الحادث في مظهره صغير، وإذا قرأ التفاصيل أي إنسان، في أي مكان بالعالم، سوف يكون رد الفعل المتسق مع العقل والمنطق: لماذا الاحتجاج علي بناء الكنيسة؟ أليس من حق أصحاب الديانات المختلفة بناء دور العبادة الخاصة بهم؟ وإذا تم التدقيق أكثر، سيكون السؤال، لماذا يبني المسلمون مساجد كثيرة ولا تواجه بمثل هذه المشاكل، أي لا يقوم الأقباط بالاحتجاج؟ وإذا كان القانون ينظم عملية البناء، ويتشدد في منع بناء الكنائس ويصعب الشروط الخاصة بإقامتها حتي أن بناء دورة مياه داخل دير أو كنيسة يحتاج الي قرار جمهوري، ألا يؤدي هذا التضييق والتشدد في القوانين إلي تعميق الشعور عند الأقباط بنقصان المواطنة، وأنهم محرومون من ممارسة شعائرهم بحرية تماثل تلك الحرية التي يتمتع بها أشقاؤهم المسلمون في الوطن الواحد؟ لنتخيل الوضع معكوساً، الأقباط يحتجون علي بناء مسجد، طبعا لسنا نحتاج إلي خيال نادر لتجسيد ما قد يحدث، الخط الهمايوني وما يترتب عليه لا يصلح للعصر، وفي زماننا أيضاً يكون من مخلفات الماضي منع أتباع دين من بناء دار عبادة يمارسون فيها شعائرهم، لقد كان النظامان الساداتي والمباركي يلعبان علي وتر الفئة الطيبة لإلهاء الشعب عن مشاكله الحقيقية ولتحقيق الاستقرار المتوهم لهم حتي وإن ادي الي تعميق شرخ الوطن، للأسف يتزايد هذا الشرخ بعد ثورة يناير بعكس ما جري في ثورة 9191 وذلك بتأثير القوي السياسية التي تستخدم الدين وتثير التعصب، القرار الذي كان يتسق مع روح التحرر التي انطلقت في يناير هو السماح ببناء دور العبادة بدون قيود، ولكن ما جري الآن عكس ذلك، وتتعدد الأزمات بسبب ذلك بما يهدد وحدة الوطن وتماسكه.