يحاول البعض من غيب تجهيل النظام الساقط لوعيهم ان يدينوا التحركات الجماهيرية للعاملين المطالبين بحقوقهم وقد استخدم تعبير المطالب الفئوية كصيغة تشهيرية بالجماهير واقترن بها تعبير شاع هو »مش وقته« والحقيقة أن الأمر يجب ان ينظر إليه بموضوعية، وان نتعلم ونحن في غمار ثورة شعارها الجوهري »العدالة الاجتماعية« روح التضامن. فمن الغريب أن بعض الذين يرددون هذه العبارات التشهيرية بإخوتهم هم أنفسهم يشكون ليل نهار من سوء الحال ونار الأسعار وكل مظاهر الظلم لكنهم لا يرون ذلك في الآخرين وهذا من بقايا الروح الفردية والأنانية و»الأنامالية« التي انتشرت مع الأسف بيننا في ظل البؤس الاقتصادي والتدني الاجتماعي. إن أساتذة الجامعات والمعلمين، والأطباء، وعمال النقل العام، والمحليات، وعمال الصناعة في المحلة وغيرهم ليسوا أناسا فاقدي الوعي، بالعكس انهم عقول الأمة ورعاة صحتها، ومنتجو خيراتها، المأساة التي يعيشها وطننا أن جميع طبقات الشعب في المدينة والريف عاشت سنين طويلة من الظلم الاجتماعي والفقر وتدني المرتبات والأجور وكل خبرائنا يعرفون جيدا ان أجور ومرتبات السواد الأعظم من المصريين هي الأقل حتي من مرتبات وأجور أفقر بلد عربي، وعندما قامت ثورة 52 يناير واستعاد المصريون كرامتهم، وهي أعظم ثمرة للثورة، كان طبيعيا أن يناضلوا من أجل حياة كريمة لا يظلمون فيها، وقد أقر الجميع، المجلس العسكري ورئيس الحكومة والوزراء ان هذه المطالب مشروعة تماما، إنما المشكلة هي الظروف التي يمر بها الاقتصاد الآن ويطالبون بالصبر والانتظار. كان يمكن لكل فئات الشعب ان تقبل ذلك وان تواصل الصبر والانتظار لكنها تري وتلمس وتعرف أن الأمر ليس كذلك وان التفاوت الطبقي والاجتماعي الذي قامت ضده الثورة مستمر، ليس هذا فقط وإنما يُبرر ويصر المسئولون علي استمراره، حتي التصريحات بجدول أجور فيه حد أدني 007 جنيه أو 047 جنيها، وأقصي 63 ضعفاً حتي هذا لم ينفذ رغم أن أعظم دولة رأسمالية وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية الفرق في المرتبات فيها 1: 01. وأيضا وهو الأكثر إثارة للغضب الشعبي بعض حقائق »بعزقة« أموال الدولة بسفاهة منقطعة النظير، وما ورد في برنامج الحلم المصري الأسبوع الماضي والذي استضاف الاقتصادي الخبير القدير بشئون الخصخصة والتفاوت الاجتماعي خاصة في جهاز الدولة الأستاذ عبدالخالق فاروق والقيادي البارز في الجهاز المركزي للمحاسبات عبدالمعطي، وذكرا فيه ما يحصل عليه كبار موظفي البنوك والتي هي من أموال المودعين الغلابة ومعظمهم غلابة، عشرات ومئات الألوف من الجنيهات شهريا. وفي المناظرة التي عقدتها مني الشاذلي في برنامج العاشرة مساء بين عبدالخالق فاروق والدكتور سمير رضوان ذكر عبدالخالق فاروق ان في جهاز الدولة 52 ألف مستشار يحصلون سنويا علي 8.7 مليار جنيه.. يعني 0087 مليون جنيه! أتدرون كم يضيف هذا المبلغ لموظفي الدولة جميعا والبالغ عددهم 6 ملايين؟ إنه يضيف لكل عامل وموظف 011 جنيهات شهريا زيادة عن جدول الأجور الذي تقرره الميزانية هذا عدا ان تسويات جدول الأجور ستأتي بمبالغ أخري لأن جميع موظفي الدولة لا يتقاضون مرتبات منضبطة وإنما هناك تفاوتات أخري داخل جدول الأجور الحالي، فكثير من موظفي بعض الأجهزة، وهي ليست قليلة، يتقاضون كما قال أيضا الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق 0081٪ زيادة عن مرتباتهم، مما يعني انه إذا كان الموظف من هؤلاء مرتبه 0005 جنيه فإنه يتقاضي فعليا زيادة علي مرتبه 09 ألف جنيه وليكون إجمالي مرتبه 59 ألف جنيه شهريا، ويقول ثوار يناير ويعيدون ويزيدون: طبقوا العدالة الاجتماعية بجد فلا تبدي الحكومة أي استجابة حتي الآن، وتطلبون من المظلومين الذين يتقاضون الملاليم وهم أفضل الناس وأكثرهم خدمة لمواطنيهم، أن يصبروا!! ان العدالة الاجتماعية المعطلة ظلم وقهر، والذين يطالبون بها ليسوا هم الذين يعطلون الانتاج. فالعدالة الاجتماعية وحدها هي التي تزيد الانتاج وتحقق السلام الاجتماعي.