في المقال السابق شرحت تفصيلا، مزايا القائمة فقط بأشكالها الثلاثة وهي: قائمة لكل حزب، وقائمة لكل مستقل أو أكثر، وقائمة موحدة أو ائتلافية تضم حزبيين معا أو حزبيين ومستقلين معا مع الحفاظ علي صفة كل منهم، وهي القائمة التي أرتضتها فقط »جميع« القوي السياسية كنظام للانتخابات ضمن مشروع متكامل من أربعين مادة متكاملة. تشرفت بالمشاركة والمبادرة في صياغته مع عدد من الزملاء وبالمناسبة كان من بينهم د. علي السلمي وآخرين ولا أدري حتي هذه اللحظة تمسك المجلس العسكري وعناده واصراره علي النظام المتمثل بين القائمة والفردي، وأخيرا تفتق ذهن الحكومة والمجلس، وتوصلوا الي صيغة »القائمة والفردي« مرة أخري ولكن بتغيير النسب للمرة الثالثة لتصبح (الثلثين للقائمة والثلث للفردي). الأمر الذي يرتب اتساع دوائر الفردي، بما يعسر علي المستقلين ويعطي لاصحاب المال والنفوذ والبلطجة والقبليات القدرة علي حسم هذه النسبة لصالحهم وفي الاغلب الاعم ستكون من نصيب النظام السابق ورموزه. وكأن التشريعات الثورية ان كانت كذلك تصنع لصالح رموز وسياسات النظام السابق، وكأن ما حدث في مصر 52 يناير، لم يكن ثورة! ولذلك قلت في مقالي السابق، ان الاخذ بنظام القائمة فقط، يوحد الأمة، ويحمي الثورة، ويضمن لمصر برلمانا ثوريا يلبي مطالب الثورة لان جميع اعضائه سيكونون من قوي التغيير، لا الحفاظ علي الاوضاع القائمة قبل الثورة، ونظام مبارك وسياساته العقيمة والفاشلة. وللانصاف، فان المشروع الجديد، بعيدا عن مضمون النظام الانتخابي الذي لازلت رافضا له تضامنا مع القوي السياسية، تضمن عدة نقاط ايجابية: ا عدم السماح للحزبيين الترشيح علي مقاعد الفردي التي ابقيت للمستقلين فقط. ب عدم السماح لمن نجح علي صفة سواءأكان حزبيا أم مستقلاعلي مقاعد الفردي، تغيير صفته خلال الفصل التشريعي، والا اسقط عضويته. ج اعادة النظر في ترتيب القائمة باعطاء الحرية في الترتيب في رأس القائمة بين الفئات والعمال، والغاء شرط ان تبدأ القائمة بمرشح العمال والفلاحين. لكن تظل المشكلة قائمة في فكرة النظام الانتخابي نفسها، فالفردي اصبح مرفوضا تماما، والمطلب الثوري والشعبي هو القائمة فقط بصورها الثلاث، كما ان حجم الدوائر يمكن ان يكون في حدود 57 ليكون مجلس الشعب (054) كما تم الاقتراح من القوي السياسية. وأقول في ختام هذه النقطة الرجوع الي الحق فضيلة، فالاخذ بمشروع القوي السياسية هو الحل لانه يتضمن كل النقاط الجديدة، ويفضل خيار القائمة فقط، ادعو الا تمر هذه الفرصة والا فالكارثة قادمة. علي الجانب الآخر من الصورة، وهو ما يتعلق بمجلس الشوري.. حيث أحسنت الحكومة والمجلس العسكري بالرجوع عن فكرة الزيادة في عدد اعضاء المجلس والتي لم يكن لها مبرر، فقد زاد العدد من 462 (منتخبا ومعينا) الي (093) عضوا!! ولم يكن مطلبا ثوريا، حتي الكرم في الزيادة ليس له معني او مضمون، الا انه كان يصب في اتاحة المزيد من الفرص لقوي الثورة المضادة من رموز نظام مبارك بصورة غريبة للغاية. كما أحسنت الحكومة والمجلس حين ذهبت لاجراء انتخابات مجلس الشوري وحدها بعد الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب.. وهو امر يطيل من الفترة الانتقالية، ويربك الدولة عدة أشهر بلا مبرر، فضلا عن الاعباء المالية والادارية، وضياع الوقت وهي أمور لم يعد المجتمع قادرا علي تحملها بعد ضياع ثمانية اشهر في استهلاك الثورة لصالح القوي المضادة حتي الآن. وازاء ذلك، فانني أطالب منذ فترة بالغاء انتخابات مجلس الشوري، والاكتفاء بانتخابات مجلس الشعب فقط هذه الايام، وتسند لمجلس الشعب مهمة اعداد الدستور، فان أتي الدستور بالابقاء علي مجلس الشوري يتم انتخابه بعد اقرار الدستور من الشعب، ثم انتخابات رئيس الجمهورية في ضوء شكل الحكم الذي يرتضيه الشعب وينص عليه الدستور. وهذه الفكرة تتفق مع الرفض الواسع من غالبية القوي السياسية والاحزاب الجديدة في برامجها وتصريحات قياداتها، لوجود مجلس الشوري نفسه ولكن دون مصادرة علي المستقبل، طالما ان البيان الدستوري تضمن وجوده بصفة موقته، ابقاء للحفاظ علي هياكل نظام الحكم عموما، فان المطلب الموضوعي يتطلب تأجيل الانتخابات نهائيا لمجلس الشوري حتي يتم اعداد الدستور الجديد، لانه لو حدث ان تم انتخاب مجلس الشوري، ثم الغاه الدستور الجديد فسوف يتم حله فورا، لأنه ليس من المعقول ان يستمر مجلس الشوري المنتخب في حين أقر الشعب الغاءه من الدستور الجديد. ومع ذلك فقد أحسنت الحكومة حينما عادت الي صوابها مؤقتا، بالغاء الزيادة والعودة الي عدد اعضاء المجلس الي (072) بزيادة (6) مقاعد فقط، واجراء الانتخاب علي (081) مقعدا بما يوازي الثلثين. وقد قسمت الجمهورية الي 03 دائرة قائمة، 03 فردي، بما يجعل ان كل محافظة في الاغلب قائمة وفردي معا!! باستثناء ثلاث محافظات!! لذلك فان المطلب الثوري والشعبي والجماهيري والسياسي، هو تأجيل انتخابات مجلس الشعب لحين اعداد دستور جديد للبلاد بعد الانتهاء من انتخابات مجلس الشوري. وحينذاك لو اراد الشعب او تضمن الدستور وجود مجلس للشوري، ففي هذه الحالة فسوف يأتي بمواصفات جديدة، وبعيدا عن نسب العمال والفلاحين التي من الارجح الغاؤها من الدستور الجديد وربما يكون العدد (001) فقط بشروط جديدة تجعل من المجلس شريكا في اصدار القوانين وضابطا لحركة مجلس الشعب التي تتسم بالبعد السياسي عادة، بينما يظل مجلس الشوري آنذاك هو المحطة الثانية وليس الاولي كما هو متبع الآن. اليس في تأجيل انتخابات مجلس الشوري خطوة عاقلة تتفق مع الصالح العام وهو مقصدي دائما ومازال الحوار متصلا.