الفرصة الأخيرة لازالت سانحة ولعدة أيام فقط، وذلك باقرار نظام الانتخابات البرلمانية "مجلس الشعب فقط"، بنظام الانتخابات بالقائمة النسبية والمغلقة وغير المشروطة فقط، والغاء نسبة الفردي تماما، حسبما أقرته ووافقت عليه "جميع" القوى السياسية التي قدمت مشروعا متكاملا لقانون مجلس الشعب، وكان لي شرف المشاركة في صياغته، وتطوير أفكاره على مدى العامين الماضيين. إن العناد بالاصرار على استمرار نظام انتخابي مناصفة بين نظام القائمة 05٪، والفردي 05٪، وهو لا مثيل له في العالم، هو نظام أعوج ويهدر المساواة وتكافؤ الفرص، وهو غير دستوري استنادا إلى نص المادة "83" من الاعلان الدستوري في 03 مارس 1102م. حيث نصت المادة 83 على "ينظم القانون حق الترشيح لمجلسي الشعب والشورى وفقا لأي نظام انتخابي يحدده..........؟" إذن لا مجال لمن يزعمون من المضللين أن يقولوا على أي نظام انه غير دستوري كما أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو يمارس سلطة رئيس الدولة في الفترة الانتقالية بمساعدة الحكومة قدم اجتهادا يقضي بنظام انتخابي يقوم على المناصفة في المقاعد بين "القائمة والفردي"، وحدد عدد أعضاء مجلس الشعب ب" 504" بزيادة "06" مقعدا عما كان ساريا وهو "444" عضوا".. وقد رفضت جميع القوى السياسية هذا النظام، ومن أسف انها قدمت مشروع انتخاب مجلس الشعب قبل أن يصدر المجلس العسكري مشروعه، ولم يلتفت إلى اجتهاد القوى السياسية صاحبة الشأن في اقرار النظام الملائم الذي يتفق وطبيعة المرحلة وطبيعة الشعب المصري.. وأصبح الأمر معلقا منذ أكثر من شهرين، المجلس العسكري يصر ويعاند مثل نظام مبارك على وجهة نظره، والقوى السياسية مجتمعة تصر على نظام القائمة فقط، ثم فوجئنا بعدد من أحزاب النظام السابق المنبثقة عن الحزب الوطني المنحل، تخرج علينا لتشاع فكرة المجلس العسكري وتطالب باستمرار النظام الفردي، وهذه في حد ذاتها كارثة كبرى، لأنه يخلع على اجتهاد المجلس العسكري والحكومة، صفة النظام الانتخابي المشبوه لأنه يسهم في اتاحة الفرصة الواسعة لعودة فلول الحزب المنحل وهو الذي أفسد البلاد ونهب مواردها. وعندما يأتي هذا النظام بهذا الهدف الخفي بحجة اتاحة الفرصة للجميع، فهي مؤامرة كبرى نربأ بالمجلس العسكري أن يضع نفسه فيها، وهو الذي حمى الثورة والشعب من حمامات الدماء التي كانت منتظرة على غرار موقعة الجمل وغيرها. فها هو نائب سابق ظل يمدح حسني مبارك ليل نهار، واجهل من دابة، ويمثل أسوأ نموذج برلماني، يشكر المجلس العسكري على نسبة الفردي التي ستتيح له ولغيره من نواب الحزب الوطني السابقين بالعودة. وها هو شخص مخمور دفع به بعض قيادات الحزب الوطني المنحل ليكون في الصدارة باعتباره كان نائبا في حزب الغد، وقبله كان في الحزب الوطني الحكومي، ليعلن اصراره على النظام الفردي، وهذا الشخص كان يكتب داعما لرموز الحزب الوطني وحكومته في عموده بجريدة الخميس، وفي مقدمتهم عدلي حسين، محافظ الفساد في القليوبية. فهل يلتفت المجلس العسكري إلى ذلك؟! أم أنه يوافق على عودة فلول الحزب الوطني المنحل؟! ولذلك فإنه قد سبق لي أن شرحت في مقال سابق مبكر، مضمون ومزايا نظام الانتخابات بالقائمة فقط في هذا المكان بعنوان: النظام الانتخابي المأمول: رؤية واقعية، بتاريخ 61/6/1102م لمن يريد أن يعرف المزيد عن هذا النظام. فالواقعية تشير إلى اختيار النظام الانتخابي الواحد، وليس المختلط، فأما أن يكون النظام فرديا كما هو سائد، وإما أن يكون النظام بالقائمة. أما النظام المختلط فهو نظام سيىء، تعاني منه ألمانيا وتطوره للتخلص منه، وليس معمولا به في أي مكان في العالم لمن يريد أن يعرف.. وقد أكد د. عمرو الشوبكي المتخصص في هذا الجانب في مقال له بإحدى الجرائد الخاصة، هذه الحقيقة. ومن ثم فإن القضية ليست في نسبة الفردي أو نسبة القائمة، بل في فكرة هذا النظام وأساسه الفلسفي.. فالقول بأن التفكير كان في البداية أن تكون نسبة الفردي تحتل الثلثين، ثم تراجعت إلى النصف، والتفكر بأن تكون الثلث، وكأن النسبة هي أساس الرفض!! في ضوء ما سبق أوضح ما يلي لعلها تكون الفرصة الأخيرة تجنبا لكارثة محققة: 1 نظام القائمة فقط، والذي يسمح بثلاثة أشكال "قائمة حزبية قائمة للمستقلين قائمة ائتلافية" هو نظام دستوري وفقا لنص المادة 83 من البيان الدستوري الذي ألغى ما سبقه. كما أنه يتفق مع المبادىء العامة للدساتير في العالم خاصة مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص حيث سمح للجميع "حزبيون مستقلون" بالفرصة المتساوية ودون تميز، وغير ذلك لا يتفق مع هذه المبادىء ومن ثم فهي اجتهادات غير دستورية. 2 النظام المختلف "قائمة وفردي" يهدم مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، لأنه يسمح للحزبيين أن يترشحوا على المقاعد الفردية والقائمة، على حين يقصر ترشيح المستقلين على المقاعد الفردية دون القائمة، وهي ذات المشكلة التي صدر بشأنها حكم الدستورية عام 0991، وتم حل البرلمان آنذاك استنادا إلى دستور 1971 الذي سقط، وأصبح غير ذات بال أو مرجعية الآن. فمرجعيتا فقط هي البيان الدستوري "مارس 2011" والمبادىء العامة للدساتير في العالم. 3 الناخب وهو مجهور الشعب المصري أكثر من 81 سنة وقد بلغ عددهم نحو 05 مليونا، لا يعرف النظام المختلط، ولا يتجاوب معه، وحتى هذه اللحظة يسألني الجمهور في كل مكان وقد شرحت بما فيه الكفاية، والسؤال لماذا نفكر في اختيار النظام الذي يعذب الناس، على حين أنهم أصحاب السلطة ومصدرها، ولا شرعية بدون الشعب وهو جمهور الناخبين بالأساس. فالتيسير على الناخبين في نظام القائمة مقابل التعذيب في النظام المختلط "قائمة وفردي"، فهل جاءت الثورة لتعذب الشعب أم تيسر له؟! 4 من المتوقع زيادة نسبة المشاركة إلى 07٪ على الأقل بعد الثورة، وفي ضوء الاستفتاء، وفي ضوء الأخذ بالرقم القومي ومحل الاقامة كأساس للادلاء بالصوت، ومن ثم فاختيار القائمة فقط يساعد على اتاحة الفرصة لمن يرغب في المشاركة وبسهولة وبسرعة استثمارا للوقت. أما النظام المختلط، فهو عسير وصعب ويستهلك الوقت، ويعوق أكبر نسبة للمشاركة، ويقصرها على نسبة محدودة فقط وهو أمر يتنافي مع التداعيات الايجابية للمشاركة الجديدة بعد الثورة السلمية العظيمة. 5 ضرورة تأجيل انتخابات مجلس الشورى لما بعد اعداد الدستور الجديد، فاما أن يؤخذ به وبشكل معين، واما أن يرفض كما هو حادث الآن حيث يجمع الغالبية على رفضه لعدم جدواه، وذلك توفيرا لجهد الناخبين والتركيز على مجلس الشعب، فقط ولعدم اهدار المال العام. وأخيرا: ادعو الحكومة والمجلس العسكري لاستدراك الأمر، وقصر عملية الانتخابات على القائمة فقط، وعلى مجلس الشعب فقط دون الشورى، وفق برنامج زمني محدد، والا فالكارثة قادمة لا محالة. نقلا عن جريدة الأخبار