من خارج مصر يكون شعور المصريين نحو بلدهم أكثر التهاباً وحساسية وتفيض علي القلوب أمواج من الشوق تجعلها تغرق في بحور الأحزان، إذا ما تعرضت لأي موجة من موجات الإحباط.. وتدفعها لتحلق في سماء الزهو والافتخار مع أي نسمة هواء عليلة من الوطن البعيد عن العيون ، الساكن في القلوب. لا أتحدث عن كل القلوب المصرية ولكن عن الغالبية لأن هناك قلوباً عليها غشاوة وأصابها الصدأ. في الإمارات أرض السعادة.. وفي الإمارة الباسمة "دبي" كنت أجلس علي أحد "الكافيهات" التي يتجمع عليها مجموعة من المصريين ننتظر مباراة الأهلي مع طلائع الجيش، وبجواري علي الطاولة الأخري مجموعة من أبناء مصر تجمعهم الصداقة وتفرقهم النقاشات في حب الوطن، ولكن تبقي روابط الصداقة القوية تجعل هناك حرصاً علي ألا يكون الشد والجذب سبباً في قطع حبال الود. مع بيبو وضده كنت أسمعهم جيداً وأنا لا يبعدني عنهم إلا سنتيمترات قليلة، ففي مثل هذه الأوقات تكون فيها مباريات لفرق مصرية تزدحم بعض "الكافيهات" التي اشتهرت بأنها تذيع مباريات الدوري المصري أو فريق ليفربول حيث يقدم النجم محمد صلاح إبداعاته. سمعت أحدهم يقول للآخر: حتشوف يا عم شريف الخطيب بتاعك وصبره علي محمد يوسف حيودينا فين؟ رد الآخر بحماسة: هو أنت يا عماد مش عايز تنتظر حتي تنتهي المباراة وبعدين تبدأ التقطيع!! عرفت أنه الانقسام حول هذه الفترة الحرجة التي يعيشها الأهلي وأن أحدهما يري كما يري البعض أن إدارة الأهلي الحالية تتحمل المسئولية عما وصل إليه الفريق من ضياع بطولتين متتاليتين أفريقية وعربية وظهور الفريق بمستوي غير مطمئن في المباريات الماضية ولكن الاثنين أهلاوية يجلسان بين مجموعة من أصدقائهم المراقبين للحوار الحامي. أين الصفقات والتدعيمات؟ قال عماد: هو أنت يعني عاجبك الفريق واحنا بنكسب آخر مباراتين بالعافية فين الصفقات؟ فين التدعيمات؟ فين المدير الفني الجديد؟ مش هو ده الخطيب اللي كلنا وقفنا معاه وكنا منتظرين أنه يرجع النادي زي ما كان؟! أيام الخسائر والأزمات قاطعه شريف: يرجعه زي ما كان؟ قصدك أيام محمود طاهر يعني لما خسرنا بطولة أفريقيا 4 سنين وخسرنا الدوري والكاس في سنة واحدة وغيّرنا المدربين مرة كل شهرين ولا لما كانت قرارات الأهلي بتطبخ علي القهاوي من فلان وعلان. ارتفع صوت عماد وقال له: لا يا سيدي مش حجيب سيرة محمود طاهر أنا قصدي أيام حسن حمدي هو أنتَ ناسي احنا كنا فين وباقي الأندية فين؟ هو مش الخطيب أقرب المقربين لحسن حمدي وكان نائبه طوال مدة رئاسته للنادي والمفروض أنه ماشي علي نفس الطريق. الدنيا اتغيرت تماماً شريف: هو فين الطريق الأول يا عماد أنت مش شايف إن الدنيا اتغيرت تماماً.. طبعاً الكابتن حسن حمدي أعظم رئيس في تاريخ الأهلي في رأيي لكن احنا في زمن فيه حاجات كثيرة مختلفة كفاية الحرب اللي علينا والملايين اللي بتتدفع في لاعبين "بوظت" سوق الانتقالات، وبعدين همّا فين اللاعبين السوبر اللي الأهلي كان ممكن يشتريهم ولم يشتريهم والدوري مستمر مع بطولة أفريقيا مع البطولة العربية مع إصابات بالجملة مع اختيارات حسام البدري- الله يسامحه- مش هو ده اللي خلص علي الخبرة وجمد لاعيبه جامدين وساب الفريق بالمجموعة اللي اختارها.. كنت عايز الخطيب يجيب 20 لاعباً يعني ويسجلهم امتي وازاي علشان يصلح حال الفريق؟! آثار حسام البدري قبل أن يستمر شريف في دفاعه المستميت كان عماد بيقول له يا سيدي احنا عارفين كل الظروف دي وحسام البدري واللي عمله ومشي لكن فين المدرب الجديد، مفيش صفقة سوبر الخطيب مش عايز يصرف.. والنتيجة اننا ممكن نخسر الدوري كمان ساعتها حتكون مبسوط. يرد عليه شريف: لأ طبعاً يا سيدي مش حكون مبسوط ولكن إذا كنا حنخسر الدوري ونبني فريق من أولاد الأهلي ونتحمل الموسم ده مش مشكلة. أنتَ ناسي يا عمدة احنا عندنا 40 دوري والزمالك 12.. يعني لو فاز السنة دي يبقي 13 لكن زي العادة نرجع ناخد البطولة أربع أو خمس سنين ورا بعض ونرجع تاني كأس العالم للأندية ونوقف الحرب الإعلامية اللي شغالة من هنا وهناك ومعروف مين وراها. اللعب خارج الملعب كانت المباراة قد بدأت والمناقشات مستمرة وبين التركيز في مجريات اللعب والكلمات المترامية علي آذاننا من عماد وشريف ينجذب التركيز إليهما للحظات فتسمع أحدهما يلوم الآخر مع أي كرة خطرة أو هجمة ضائعة، ويقول: ياعم لازم الفرقة دي تتنسف. ويرد الثاني مع كل هدف لمروان محسن يصرخ.. أهه الأهلي ويتعانقان ثم يختلفان مرة أخري مع الفرص الضائعة.. ولكن بعد الفوز والحصول علي 3 نقاط قال شريف لعماد: كده عندنا 9 نقاط متتالية والفريق بدأ يثبت في الدوري والأمل كبير.. يقول عماد: يارب، ولكن من بين هذه الأصوات وبينما الجميع يغادر المقهي ظهر من بين الحضور من يقول لهم: لا تأملوا الدوري للزمالك.. فيصرخ كل الموجودين هو انت زملكاوي يا معتز.. يقول لهم أيوه بس كنت ساكت لحد ما تنتهي المباراة.. فيرد الأهلاوية الذين كانوا مختلفين ويقولون في صوت واحد: هكذا المصريون في دبي.. يختلفون في الانتماء للناديين الكبيرين ولكن يبقي الحنين للبلد.