هذا الأسبوع حلّ ضيفاً علي مياه مصر ضيفان نادران، ينتميان إلي سلالة تعد الأضخم في العالم علي الاطلاق، إنه الحوت الأحدب الأزرق، طوله يتجاوز الخمسين مترا، وفي كل جرعة ماء يبتلعها يجتر تسعمائة لتر يستخلص منها القشريات البحرية التي يعيش عليها، انه المخلوق الوحيد المتبقي من عصر المخلوقات العملاقة التي اندثرت، ما استوقفني ليس انتماؤهما إلي جنس الحيتان، فما أكثرها، لكن ما شد انتباهي أنه أحدب وأنه أزرق، هذا فصيل نادر جدا، لا يعيش إلا في شمال المحيط الهادي، أي ظروف أتت به إلي البحر الأحمر؟ إن حركة هذه المخلوقات لا تخطئ، سواء في هجراتها أو حركتها، ميراث عمره ملايين السنين، هل ضلا الطريق؟ أم اختلفا مع القطيع. المهم أنهما ظهرا في مواجهة الغردقة، مرا بين جزيرتين، فرصة للهواة من الغطاسين، علاقتي بالبحر لا تتجاوز الجلوس علي شطآنه والتأمل من البر، لاشئ يدفعني إلي التأمل مثل البحر والصحراء، إنهما وجهان لعملة واحدة، اللا مدي اللامحدود، غير أنني مهتم بعالم البحار، أقرأ عنه، أشاهد كل ما يمكنني مشاهدته من صور وأفلام، اتأمل الصور التي يلتقطها ابني، يغطس منذ ان كان في الرابعة عشرة، والآن لديه درجة معلم، البحر أكوان لم نقف علي أسرارها بعد، أخرجت من أرفف مكتبتي رواية أهيم بها، قرأتها مرات عديدة، ومن فرط حبي احتفظ بأصلها الانجليزي وعدة نسخ، ترجمها إلي العربية الدكتور إحسان عباس. موبي ديك اسم صوت أحدب ايضا، غير أن لونه أبيض، حاول الكابتن ايهاب صيده لكنه فشل، هاجمه الحوت والتهم ساقه، بعد شفائه بدأ رحلة طويلة يجوب بها البحار والمحيطات بحثا عن حوت أبيض أحدب التهم ساقه، أخيرا بعد بحث وكد يجده، يرصد الحوت من خلال الماء الذي ينفثه من مسامه عند التنفس، الإنسان والحوت في مواجهة، الإنسان الذي أصر علي الانتقام لنفسه يواجه قدره، تتحطم السفينة ويقاتل ايهاب حتي اللحظة الأخيرة، إنه القدر المحتوم، تري، لماذا فقد كل من ضيفينا طريقه؟ اين مسارهما الآن؟ إنها تساؤلات الكابتن إيهاب في الرواية التي أعتبرها من أعظم ما أبدع الإنسان.