من الخطايا الكبري للحقبتين الساداتية والمباركية الخروج عن مبادئ السياسة المصرية فيما يتعلق بأثيوبيا، بدأ الأمر مع السادات الذي ناصبهم العداء بعد تولي مانجستو ماريكا السلطة، وكان ماركسياً، ولأن السادات كان يكره الشيوعية والاتحاد السوفيتي، فقد ناصب أثيوبيا ونظامها العداء، كان من ثوابت السياسة المصرية منذ العصور القديمة إقامة علاقات جيدة مع الحبشة، ولم يكن ذلك بسبب مياه النيل فقط حيث يمثل هذا البلد العريق ثمانين بالمائة من إيراد النهر، ولكن لروابط روحية قديمة ترجع إلي الدولة الفرعونية. كانت الحبشة من مصادر اللبان والعطور المستخدمة في المعابد »بلاد بونت« وبعد اعتناق مصر للمسيحية وتأسيس الكنيسة المصرية القبطية، أصبحت تابعة لبابا الاسكندرية إلي أن حدث انفصال منذ عدة سنوات وأصبح لأثيوبيا بطريرك مستقل والسبب خلاف حول دير السلطان بالقدس، كان حكام مصر في مختلف العصور يحرصون علي العلاقات الجيدة، ورغم راديكالية الرئيس جمال عبدالناصر ودعمه ثورات افريقيا وحركات التحرر بها، إلا أنه احتفظ مع امبراطور الحبشة بعلاقات جيدة واحتفي به في مصر عدة مرات. في زمن مبارك زادت العلاقات سوءاً بعد حادث الاغتيال رغم أن الحراسة الاثيوبية استبسلت في الدفاع عن الرئيس السابق واستشهد منها عدة أفراد، من أخطاء النظام إسناد العلاقات إلي المؤسسة الأمنية فقط، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه المسئولية لوزارة الخارجية وتتعاون معها بقية المؤسسات المعنية، وآمل أن يكون تعيين السفير الرائع محمد إدريس بداية عهد جديد في العلاقات وتصحيح لأخطاء الماضي وأهمها تولي الخارجية المسئولية الرئيسية، السفير محمد إدريس مثقف رفيع، وذو رؤية شاملة، كما أنه دبلوماسي قدير وقد عرفته عن قرب في سوريا ونيويورك، إنني أتطلع وآمل في مراجعة شاملة للعلاقات، خاصة مع زيارة رئيس الوزراء الاثيوبي زيناوي الذي بدأ زيارة مهمة إلي مصر أمس الأول، نريد علاقات ثقافية قوية، واقتصادية وسياسية، نريد أن نعرف هذا البلد الهام، العريق، الذي ينتسب إلي أجمل ملكة مصرية »نفرتيتي«.